Author

فضائل الوعي

|
عندما يتحول الوعي إلى ممارسة، يغدو فضيلة تستفيد من أثرها المجتمعات. مؤسسات المجتمع المدني التي تمارس دورها في المجتمع بعيدا عن تسييس قضاياها بشكل انتهازي، تستطيع من خلال هذه الممارسة أن تشيع مزيدا من الوعي في المجتمع. الوعي يكشف عورات وعيوب المجتمع، ويسهم في توفير المناخ المناسب للعلاج. العنف الأسري ــــ مثلا ــــ موجود منذ زمن طويل في مجتمعنا. الذي تغير هو وعي المجتمع بسلبية مثل هذه الممارسات. هذا الوعي ضغط من أجل تحرك المؤسسات الرسمية لإيجاد صيغ قانونية تحد من مثل هذه التجاوزات. الزواج من صغيرات السن، أمر متعارف عليه في كل المجتمعات العربية، لكن وعي المجتمع ببشاعة هذا الأمر، جعل النفوس تأنف من هكذا تصرف. هذا لم يكن ليتم لولا خطوات الوعي التي أسهمت في التصدي لاعتساف النص الديني وتسويغه من أجل مثل هذه الممارسات. هذه القضايا وسواها من الأمور التي تتعلق بحقوق الإنسان، كان التصدي لها قبل زمن، مثار نبذ من المجتمع بأكمله. غير أن الخطر المحدق بهذا الوعي الإيجابي، يتمثل في استنزافه في الإشاعات، مثلما حدث مثلا في قضية الطفلة المعنفة لمى، التي راجت إشاعات سلبية بشأن صدور حكم مخفف على والدها. لكن وزارة العدل سارعت للتأكيد أنه لم يتم البت بشأن القضية ولم يصدر أي حكم قضائي بشأنها. إن التلاعب بالوعي من خلال مثل هذه الإشاعات، يفرغ القضايا الاجتماعية المهمة من محتواها ومضمونها. إن العنف والعقوق والتطاول على حقوق الناس وغيرها من المشكلات الاجتماعية، كانت ولا تزال مصاحبة لحركة المجتمع، لكن الوعي والإعلام بشكليه التقليدي والجديد أعطيا مناخا لتداول المعلومة، وبالتالي تأتي ردات الفعل عليها قوية، الأمر الذي يجعل من المحتم التسريع في إيجاد قوانين وأنظمة تحد من مثل هذه التجاوزات. هذا الملمح الإيجابي للفعل الإعلامي، يفترض أن يصبح أكبر وأقوى مستقبلا.
إنشرها