Author

أهمية وجود لجان للمراجعة في الجامعات السعودية

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى
في المقال السابق أشرت إلى أهمية ودور لجان المراجعة في القطاع الخاص، كما أشرت إلى أن هذا الدور يمكن أن يتم استنساخه من القطاع الخاص للقطاع الحكومي، خاصة بعد أن تم إنشاء وحدات المراجعة الداخلية في الوحدات الحكومية. في هذا المقال تأكيد على أهمية التجربة، خاصة فيما لو تم تطبيقها أولا على الجامعات السعودية ومن ثم دراسة المشكلات والمعوقات قبل تعميمها على باقي أجهزة الدولة. فالجامعات السعودية تعمل وفق نظام للحوكمة يشمل مجالس متعددة وعلى رأسها مجلس الجامعة يرأسه وزير التعليم العالي مؤلف من مدير الجامعة وعمداء الكليات، إضافة إلى العمادات المساندة. تنبثق عن مجلس الجامعة لجان مختلفة مشكلة من مجلس الجامعة تعمل على الإشراف ومتابعة ومناقشة موضوعات مختلفة مثل الابتعاث والتدريب وشؤون الطلاب ولجان مالية وإدارية مختلفة، هذه اللجان تنشأ عادة لدعم عمادات وإدارات موجودة، فمثلا لجنة شؤون الطلاب تدعم عمادة شؤون الطلاب ولجنة القبول والتسجيل تدعم عمادة القبول والتسجيل وهكذا، وأخيرا عملت الجامعات السعودية على إنشاء وحدات للمراجعة الداخلية تنفيذا لقرار مجلس الوزراء، لكن الجامعات لم تأخذ هذا الأمر بجدية كافية، ففي معظم الجامعات تتكون هذه الوحدات من مدير للمراجعة الداخلية فقط، وأحيانا مع عدد محدود جدا من الموظفين غير المختصين بمراتب إدارية صغيرة، وهذا بلا شك يحد من أعمال الوحدة ومن استقلالها الذهني والمهني. ورغم أهمية موضوع المراجعة الداخلية ورغم أن عمل اللجان ليس غريبا على الجامعات إلا أنه لم يتم إنشاء لجنة للمراجعة الداخلية لدعم أعمال إدارة المراجعة الداخلية. من هنا فإنني أرى ضرورة إنشاء لجان للمراجعة الداخلية في الجامعات السعودية لأسباب عدة، وهي، إضافة إلى فكرة تجربة لجنة المراجعة في القطاع الحكومي: 1 - أن الجامعات السعودية تعمل بميزانية مستقلة ولها إيراداتها ومصروفاتها الخاصة، كما أن لها حق الحصول على تبرعات وخلق مصادر خاصة للإيرادات ناتجة من خدمة المجتمع، ورغم ذلك فإن وسائل الإشراف والرقابة في الجامعات لا تختلف عن أي وزارة أخرى ليس لها ذلك الاستقلال وتلك الحقوق. 2 - أن نظام الجامعات يتطلب منها تعيين مراجع خارجي، هذا المراجع الخارجي لا يتم تعينه حتى الآن بالطريقة الصحيحة التي تضمن استقلاله، فتعيين المراجع يتم من خلال مدير الجامعة منفردا وليس لمجلس الجامعة دور في ذلك، كما لا يقوم المراجع بتبليغ تقريره لمجلس الجامعة ومن ثم يجيب عن استفساراتهم، وهذا كله يخلق الكثير من الأسئلة حول نطاق أعمال المراجع الخارجي وجودة أعماله. 3 - أن تعيين المراجع الداخلي يتم أيضا من خلال مدير الجامعة وبقرار منفرد، كما يتم عزله أو استبداله أيضا بقرار من مدير الجامعة رغم وجود مجلس جامعة أعلى سلطة من مدير الجامعة، وهذه قضية تحتاج إلى إيجاد الحلول الشاملة لها. لذلك فإن إنشاء لجان للمراجعة في الجامعات السعودية سيقدم حلا شاملا لكل هذه الإشكاليات، كما سيقدم نموذجا يمكن دراسته حول تطبيق فكرة لجان المراجعة على باقي أجهزة الدولة. ففي مجال المراجعة الخارجية ستقوم لجنة المراجعة بأعمال مهمة جدا مثل اختيار وترشيح المراجع الخارجي والرفع بتلك الترشيحات إلى مجلس الجامعة من أجل تعيين الأنسب، وبهذا ستخرج سلطة تعيين المراجع الخارجي وعزله من يد مدير الجامعة، كما يعيد لمجلس الجامعة أهم سلطاته الرقابية على الإدارة التنفيذية في الجامعات السعودية. ستقوم لجنة المراجعة بمتابعة أعمال المراجع الخارجي، والتواصل معه من أجل فهم وضع نظم الرقابة في الجامعات ونقاط الضعف التي فيها، وهذا يمنح اللجنة القدرة على فهم الوضع الشامل للنظم الرقابية ومن ثم التوصية لمجلس الجامعة بتحسينها وتصحيح نقاط الضعف فيها. عند حدوث خلاف بين الإدارة التنفيذية والمراجعة الخارجية، فإن لجنة المراجعة ستكون في الصورة دائما، وبذلك تمنح المراجع الخارجي الاستقلال اللازم له وتدعمه ليقدم وجهة نظره دون الخوف من شبح فقدان العقد. ستتطلع لجنة المراجعة على القوائم المالية للجامعة وميزانياتها وستقوم بمناقشة الإدارة التنفيذية عنها ومن ثم رفع ما يلزم من توصيات إلى مجلس الجامعة، خاصة أن عددا كبيرا من أعضاء مجلس الجامعة غير مختص بالشؤون المالية، فمثل هذه التقارير ستقدم له الدعم اللازم لاتخاذ قراراته. في مجال المراجعة الداخلية ستقوم لجنة المراجع بترشيح وطلب تعيين مدير إدارة المراجعة الداخلية وتحديد المرتبة التي يستحقها، كما ستعمل على مناقشة مدير المراجعة الداخلية في خطته السنوية وما يحتاج إليه من موارد لتنفيذها، وبذلك تقدم اللجنة دعما حقيقيا لمدير المراجعة الداخلية أمام الإدارة التنفيذية، ما يساعده على القيام بأعماله وتقديم خدماته بصورة أكثر فاعلية. كما ستعمل اللجنة على تنسيق الأعمال بين مدير المراجعة الداخلية والمراجع الخارجي بشكل مستمر. من المهم -وكما أشرت إليه في المقال السابق- أن يتم إنشاء وتعيين أعضاء لجنة المراجعة بقرار من مجلس الجامعة مباشرة، على أن يكون من بين أعضائها عضو من ديوان المراقبة العامة، وعضو خبير له اطلاع واسع في الموضوعات المحاسبية وعضو من مجلس الجامعة. فالاستقلال ضروري في أعمال هذه اللجنة، ويجب أن يكون رئيس اللجنة أحد الأعضاء المستقلين، وأن تجتمع بشكل دوري ويكون لها صلاحيات واسعة في الاطلاع والوصول إلى أي معلومة تريدها اللجنة من أجل تحقيق مهامها. والله أعلم.
إنشرها