Author

متى نتعلم اللغة الإنجليزية وكيف؟

|
أوضحت في مقالي السابق حجم الحاجز اللغوي ومدى تأثيره في قدرات التعلم لدينا في المدارس والجامعات وبيئة العمل والمجتمع كافة، ولكن يجب علينا التعايش معه ومحاولة استخدامه كحائط نتكئ عليه ويساعدنا في علومنا وأعمالنا بدلا من الارتطام به الذي يؤدي إلى تهشم وتشوه قدراتنا الفكرية والعملية. فإذا تعلمنا بلغتنا وأجدنا اللغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات الأخرى فكأننا تعلمنا مهارات أداء العمل بكلتا اليدين، وإذا جعلنا أعمالنا باللغة العربية وتعلمنا اللغة الإنجليزية فكأننا تعلمنا المشي بكلتا القدمين وابتعدنا عن حالة الأعضب والأعرج لدينا. ومع ما نراه ونجده من حاجة ماسة إلى تعلم اللغة الإنجليزية واللغات الحية الأخرى إلا أن أسلوب تعليمنا للغات الأجنبية بعيد عن الأسلوب العلمي الذي يمكننا من إتقانها وتعلمها بسهولة واحترافية، حيث يتطلب تعليم اللغة لغير الناطقين بها عاملين أساسيين، وهما على التوالي تلقي اللغة من معلمين تكون اللغة المراد تعليمها هي لغتهم الأصلية والثاني هو التعليم المركز، حيث تكون كل ساعات يوم الطالب في مرحلة التعلم مخصصة لتعلم اللغة وإن كان ممكنا توفير وسط اجتماعي لا يتكلم إلا اللغة التي يتعلمها فسيساعد هذا الوسط الاجتماعي على ترسيخ اللغة وثباتها في ذهن الطالب. وإذا نظرنا إلى أسلوبنا الحالي في تعليم اللغات الأجنبية لطلابنا نجد أننا نعطيهم جرعات بسيطة بمعدل ساعتين في الأسبوع وعلى مدى ست سنوات هي مرحلتا التعليم المتوسط والثانوي، وتكون المفاجأة بعد إتمام المرحلة الثانوية أن نسبة كبيرة من الطلبة لم يتعد الواحد منهم المستوى الأول ولا يفقه شيئا من اللغة التي حاولنا تعليمه إياها بل إن محاولة تعليمه أصبحت أكثر تعقيدا لما يشعر به من إحباط بسبب شعوره بالعجز الذي أدى إلى كرهه للمادة مما دعاه لمحاولة تجنبها. وفي رأيي الشخصي فإن تخصيص سنة كاملة لتعلم اللغات الأجنبية وبشكل مركز وشامل مع تطعيم طاقم التعليم بمعلمين لغتهم الأصلية هي اللغة التي يدرسها الطلبة، وأرى شخصيا أن السنة الأولى المتوسطة هي أنسب السنوات التي يتم اختيارها لتعليم اللغات الأجنبية. وفي حال تخصيص السنة الأولى المتوسطة لدراسة اللغات لغير الناطقين بها فإننا سنحافظ على اللغة العربية، حيث إنها تكون قد تركزت وتأصلت في أذهان الطلبة وسنتمكن من تعليمهم لغة ثانية بشكل عملي واحترافي وسينقسم الطلبة إلى نصفين، نصف يجيدون اللغة الأجنبية إجادة تامة، وهنا نصل إلى مرحلة التواصل مع العلوم التي كتبت باللغات التي أجادها الطلبة، والنصف الآخر سيكونون قادرين على التخاطب والتعامل بها. وتعلم لغة ثانية يعتبر مطلبا حضاريا ويعتبر الآن مطلبا تربويا في جميع أنحاء العالم بل إن بعض الجامعات الأمريكية العريقة تشترط تعلم لغة أجنبية ليتخرج الطالب منها. وما نحتاج إليه هو إيجاد توازن بين ما نتعلمه باللغة العربية وما يدعمه من علوم مترجمة استطاع فهمها نخبة من المتعلمين باللغتين العربية والأجنبية وتمت ترجمتها إلى اللغة العربية من مختلف أفرع العلوم الإنسانية ومن الجهات الأربع. وبهذا فإن سفينة التعليم العربية ستبحر في بحر العلوم بطاقم وربان يتقنون التعلم بالعربية وتدعمه طاقة مساعدة من العلوم المترجمة إلى اللغة العربية، حيث تنحصر اللغات الأجنبية في نخبة قادرة على الفهم باللغات الأجنبية ونقل هذه العلوم إلى اللغة العربية وسواد أعظم ممن يستطيع التفاهم مع بقية اللغات الأجنبية للاستزادة منها وسبر غور العلوم الإنسانية كافة. وكما أننا اليوم أشبه بمن يريد أن يصفق بيد واحدة مرة اللغة العربية ومرة أخرى اللغة الإنجليزية، وكما تعلمون فإن أداء التصفيق يحتاج إلى كلتا اليدين، حيث نوجد بانوراما من فئات مختلفة من المجتمع تجيد وتفهم اللغات الحية وفي المقابل ندعم اللغة العربية بجميع العلوم من جميع اللغات مترجمة الترجمة الوافية التي يفهمها كل المجتمع ولا نحصرها على فئة معينة وحيدة تبقى متوحدة ومبتعدة عن هموم ورغبات المجتمع المدني لدينا، بل وفي كثير من الأحيان، وكما سبق ذكره سنجد أن المفاهيم سطحية وترجمت بشكل خاطئ جثم علينا وأبطأ مسارنا التنموي الحضاري وأوجد بيئة لا تقبل التغيير أو التقدم. وأنبه إلى أنه علينا ألا ننظر بعين واحدة ونكتفي بتطوير طرق تعليم اللغات بل يجب أن نلتفت إلى الترجمة الصحيحة من جميع اللغات الحية وأن نسعى جاهدين لتطوير برامج الترجمة الآلية من وإلى العربية باللغات المختلفة وعلى الأخص اللغة الإنجليزية، حيث إن نسبة كفاءة المترجم الآلي الحالي نسبة ضعيفة جدا بل سيئة جدا.
إنشرها