Author

كبوت.. كبوت

|
بعد أن شاهد مباريات الهلال أمام فريقه في السنوات الخمس الأخيرة، قال دانيال كارينيو لمساعديه: يفوزون لثلاثة أسباب رئيسة، الأول: رهبة نفسية موجودة في نفوس لاعبي فريقنا، تولِّد السبب الثاني وهو الأخطاء الدفاعية الفردية، والثالث مواجهة اللاعب النصراوي للمرمى الأزرق بنفس منكسرة تقدم المحاولة فقط على الثقة في إصابة الهدف، وأكمل: أما تكتيكيا فالأمر ليس صعبا. لملم أوراقه وأغلق التلفزيون الذي كان يعرض تسجيل آخر مباراة للفريقين وقال: أمامنا عمل كبير. التفت دانيال الشاب الأربعيني ابن مونتفيديو عاصمة أكبر بلد مصدر ومستورد للبرمجيات في أمريكا الجنوبية، إلى مساعديه وهو يفتح جهاز الحاسب المحمول أمامه، وقال: هجيتا.. أحتاج منك تدريبا مكثفا للعنزي عند الخروج في العرضيات، يجب أن يكون حاضرا لاحتواء أي خطأ فردي قد يحدث من مدافعينا، مشيرا إلى أن هذه الأخطاء حدثت كثيرا. ثم قال لمساعده الأول أديجاردو: هذا الأسبوع نحتاج إلى تمارين كثيرة تدعم احتفاظنا بالكرة، وتابع موضحا: الهلال فريق جماهيري وعندما تتناقل الكرة أمامه بسلاسة وتحتفظ بها فإن هذا يجرح كبرياءه، وعندها يبدأ لاعبوه في الوقوع في أخطاء فردية. على يمينه كان يجلس جابريال، أستاذ علم اللياقة السابق في جامعة يونيفر سيداد دو لا ريبا بليكا مونتفيديو، وقال له: بروفيسور هل يمكن زيادة الأحمال خلال تمرين هذا اليوم وغدا، سأحتاج إلى بعض المهام من لاعبين معينين مثل عبد الغني، غالب، إيوفي، باستوس، وحسني؟ هز البروفيسور كتفيه إلى الأعلى وهو يميل رأسه إلى اليسار ويمط شفتيه للأمام وقال: نستطيع لكن بحذر. وزع كارينيو مهام العمل على فريقه المساعد، ثم وضع كفيه على مؤخرة رأسه وهو يلقي بظهره على مسند الكرسي، نظر إلى سقف الغرفة، كأنما يستشرف مشهدا منتظرا، وتمتم: سننتصر. خلال خمسة أيام، تلت مواجهة التعاون، نفذ المساعدون البرنامج بدقة، وحين اقتربت ساعة الصفر، اجتمع المدرب الملهم بجنوده، وقال: في مسيرتي كلاعب، شاركت في ديربيات كثيرة، ولدي قناعة تامة أن الفريق الأكثر تركيزا ذهنيا، والأقل أخطاء يفوز، وواصل محاضرته: لذلك لا بد أن نكون حاضرين في المباراة، هذه المواجهات ستلعب إلى آخر دقيقة، وستكون فيها مواقف صعبة، قد نتعرض لخمس ركنيات في دقائق قليلة جدا جراء الضغط، قد ينكشف مرمانا ولا يسجلون، في هذه اللحظات بالذات أريدكم أن تتماسكوا وأن يكون التحمل الذهني لديكم في أقصى مداه. بحماسة رسم دانيال دائرة على السبورة، ووضع نقطة خلفها بسنتيمرات، وقال للشاب أيمن فتيني: ستكون هنا، لا تذهب لأي مكان آخر، أريدك أن تكون مزروعا في العمق.. العمق فقط يا أيمن، ثم وجه حديثه للمجموعة: سنهاجم بخمسة لاعبين، سهلاوي، إيوفي، باستوس، وغالب أو حسني فقط، وظهير واحد فقط، لدينا حلول هجومية أفضل منهم. جلس على الكرسي وزفر هواء كمن يزيح أحمالا عن كتفيه، وتابع نصائحه: من يخطئ في التمرير لا أريده أن يفكر في الخطأ، لا أريد أن تكون نسبة الاستحواذ على الكرة فارقة بشكل كبير، وختم: بالتركيز العالي سننتصر. في المعسكر ليلة المباراة، أربعة من لاعبيه يتسلون بلعبة البلوت، اقترب منهم، ومد رأسه داخل الجلسة الرباعية يتابع مثل أي سعودي آخر ينتظر دوره في اللعبة في مشهد يعرفه السعوديون جيدا، أصابته الحيرة عندما صاح أحدهم: كبوت. والبقية يلقون ورقهم بدون أدنى مقاومة. سألهم: ماذا يعني كبوت؟ أجابه الفائز: يعني التهمناهم لم يفعلوا شيئا، لم يكسبوا ورقة واحدة. بعد نهاية المباراة والأصفر يظفر بنقاطها ويخرج بشباك سليمة، وفي خضم الأفراح احتضن كارينيو لاعب البلوت نفسه، وأحاط وجهه براحتي يديه، وهو يصرخ: انتصرنا. سكت الأورجوياني المثير برهة كأنه يقلب ذاكرته وصاح في لاعبه: كبوت.. كبوت.
إنشرها