Author

مشاريعنا الرملية جرفتها السيول

|
يستمتع الأطفال في الرحلات البحرية ببناء القلاع أو منازل أو احد الأشكال الغير معروفة على شاطئ البحر,ولكن سرعان ما يهوي ما بناه خلال ساعات في دقائق معدودة بسبب أمواج البحر خلال عملية المد,فيذهب ذلك هباءً منثورا,وهذا أمر طبيعي ,فما يبنيه هذا الطفل هو من الرمل,ولا يمكنه مقاومة أمواج البحر,كما أن ما تم بنائه لم يكلف ذلك الطفل أي مبلغ مادي ولكن استغرق وقت طويل وكان لمجرد الاستمتاع. في السعودية الحال لا يفرق كثيراً,فمع سقوط المطر تبدأ مشاريع البنية التحتية بالتهاوي مع استمرار المطار لساعات,فنجد شوارع تنهار دون زلازل أو أعاصير,ونجد مشاريع تصريف السيول مجرد " كذبة " لا وجود لها في الأساس على ارض الواقع,أو أنها مجرد أنابيب تم دفنها دون توصيلها,والهدف طبعاً ليس الاستمتاع كما يفعل الطفل على شاطئ البحر,إنما الهدف الرئيسي هو الحصول على مليارات دون مقابل فعلي على ارض الواقع,والخسائر ليست زمنية فحسب, بل هي خسائر زمنية ومالية والاهم من ذلك أنها تصل إلى خسائر في الأرواح البشرية . لم يمضي وقت طويل على سيول الرياض وغرق الأنفاق وانهيار بعض الكباري ,حتى فجعتنا سيول جدة الكارثية التي كشفت عن فساد كبير تخفى سنوات طويلة وأظهرته سيول الأمطار التي لم تتجاوز ساعات معدودة,وفقدنا بذلك مليارات أنفقت في الماضي واكتشفنا أن جدة لا يوجد بها تصريفاً للسيول,هذا بالإضافة لمخالفات أخرى والتي منها بيع أراضي سكنية في أودية لمواطنين ذهبت أرواحهم بسبب فساد بعض المسئولين والتجار . ويستمر مسلسل الفساد الممتد ويصل إلى المدنية المنورة التي لم تكن أفضل حال من الرياض و جدة,فبعد سقوط الأمطار لسويعات,حدثت نفس النتيجة,لكن ولله الحمد لم يكن هنالك أرواح بشرية,لكن انهارت بعض الشوارع وغرق الكثير منها ,واتضح أن ليس هنالك تصريف للسيول فغرقت الأنفاق وتأثرت بعض الكباري,وتم تعطيل الدراسة كما هو الحل في كل المدن السعودية المنكوبة بسبب المطر . وألان نشاهد كارثة جديدة تحدث في مدينة تبوك ويتكرر نفس السيناريو بحذافيره رغم اختلاف المكان والزمان,وكأن غرق الرياض وجدة والمدينة المنورة لم تحدث,وهذا يتضح من تكرار نفس المعاناة في غرق الشوارع التي بلا تصريف وانهيار الشوارع التي تم تشيدها مؤخراً,فالمسئول كأنه يقول ما حدث قضاء وقدر,والمشكلة ليست في مشاريعنا الرملية وغياب الرقابة الفعلية,فالمطر هو المتهم الأول والوحيد,فالأمطار لو لم تسقط لما انهارت مشاريعنا الرملية ,وانكشفت مشاريع البنية التحتية !! الخلال لدينا في المملكة ليس سوء تنفيذ فقط,بل كذلك سوء تخطيط,بالإضافة إلى عدم وجود خطة طوارئ فعالة و خطة لمواجهة للكوارث. رجعت بالذاكرة إلى إعصار كاترينا الذي ضرب الولايات المتحدة الأمريكية قبل أشهر مضت,والذي لا يقارن بأي حال من الأحوال بالأمطار التي سقطت على أي مدينة في السعودية,وكيف تم تفادي هذا الإعصار بأقل خسائر ممكنة,ولو كان كاترينا لا قدر الله وقع في احد المدن السعودية لوجدنا هذه المدينة تحولت إلى بحيرة مائية,تشكل بعد ذلك تشكل لجنة وتستمر سنوات لكشف أسباب غرقها وفي الأخير يتهم الإعصار بالمسئولية الكاملة !!
إنشرها