Author

حقيقة قمة العرب

|
تطرح القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية العربية الثالثة سؤالا كبيرا واحدا هو: هل بدأ العرب يدركون سوء حالهم الاقتصادي، والتنموي فتجمعوا حشدا في الرياض في قمة اقتصادية استجابة للمستجدات، أم أنها قمة روتينية مجدولة فحدثت؟ الحقيقة أن المملكة لخصت في كلمة خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الكثير من الإشارات المهمة، بل إن كلمة الملك التي ألقاها الأمير سلمان ولي العهد نيابة عن الملك تدق ضمنا جرس الإنذار لكل العرب أن اللعب بمقدرات الاقتصاد لم يعد ممكنا، فالحركات الشعبية بعد الربيع العربي تقول إن حال الدول العربية تحتاج إلى المزيد من العمل التنموي، وأن دولة مستقرة مثل المملكة تتحمل اليوم مسؤوليتها كواحدة من أغنى الدول العربية المستقرة، وأكثر المساهمين في مؤسسات التنمية الاقتصادية وتقول الكلمة للعرب إن مفتاح الحلول هو في الاقتصاد، والدول العربية كلها دون استثناء لديها مقدرات اقتصادية فائضة عن حاجتها لكنها مهدرة بسوء الإدارة، وسوء الأمن، وسوء الضمانات وسوء أمان المال الخاص، ما يجعل أكثر أفكار الاستثمار يخيف المستثمرين لعلو المخاطر وبسبب تجارب المستثمرين العرب في الانفتاح على بعضهم، فالاستثمارات لم تكن يوما من الأيام آمنة لأنه بمجرد تغير حكم، أو تغيير قانون يعصف الفساد بالمستثمر، وتكون خسارة على أصحاب الاستثمار، حتى الاستثمارات السيادية لم تسلم من مخاطر التغيير في الدول العربية الفقيرة. الدول العربية توصي بزيادة استثماراتها في المؤسسات الاقتصادية العربية بنسبة تصل إلى 50 في المائة، وهذا يجعلها تصل إلى عشرة مليارات دولار، وهو مبلغ قليل جدا لا يساوي الكثير من حلم التنمية الاقتصادية العربية، حيث يقدر فقط بـ 10 في المائة، ومن هذا لا بد للدول العربية أن تعي أن اليوم غير الأمس، وأن الاقتصاد عصب الحياة وأن الدولة الحديثة لن توجد قبل وجود اقتصاد سليم تحميه سيادة الدولة وأمنها، فرزق الشعوب يحتاج إلى دولة قوية تؤمنه وتحميه فهو ليس مال العابثين والفاسدين من المتنفذين، وستكون أي دولة عربية بخير ما قضت على الفساد وحققت العدل بين الناس. المعنى الضمني للقمة التنموية الاقتصادية العربية هو أنها فعلا تدق ناقوس الخطر، فإما أن تنتبه الدول العربية لحالها الاقتصادي، أو أن تعيش المزيد من القلاقل والمملكة تمد يد التعاون المثمر، كما جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين ولكن على أسس جديدة لخلق فرص عمل واستثمارات ولكن بأسلوب مضمون، فالتجارب العربية في الانفتاح الاقتصادي لم تكن سارة، وليس سرا أن المستثمر العربي من القطاع الخاص بين الدول العربية خسر الكثير في قلاقل واضطرابات وسوء قوانين وضمانات أساءت للحياة الاقتصادية العربية.
إنشرها