Author

التجربة الصينية .. الحكم المحلي .. الإرادة

|
عندما بدأت في قراءة دراسة الحالةcase study التي أعدها البروفيسور راوي عبد العال أستاذ إدارة الأعمال في جامعة هارفارد حول آلية الحكم المحلي للجانب الاقتصادي في محافظة شونجكنج Chongqing التي يبلغ عدد سكانها نحو 28.6 مليون نسمة، ومدى نجاحها في تحقيق نمو اقتصادي متواصل من عام 2007 إلى عام 2012 بمتوسط تبلغ نسبته نحو 15 في المائة (رغم الضعف الاقتصادي العالمي) وحجم استثمار أجنبي مباشر يبلغ حجمه نحو 3.8 مليار دولار، وقارن ذلك بمحافظة جوانح دونج Changdong التي يبلغ عدد سكانها 20.2 مليون نسمة للفترة نفسها وجدها تنمو بمتوسط تبلغ نسبة نحو 10 في المائة، وحجم استثمار أجنبي مباشر يبلغ 20 مليار دولار، ثم قارن ذلك بالمعدل العام لنمو دولة الصين والذي يبلغ نسبته نحو 9 في المائة، وحجم استثمار أجنبي مباشر يبلغ نحو 106 مليارات دولار في ظل عدد سكان يبلغ قوامه نحو 1.2 مليار نسمة، ثم تطرق إلى ما أنجز في محافظة شونجكنج من تطور في الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير السكن الشعبي من خلال الدعم المركزي لمشاريع البنية التحتية من الحكومة المركزية وجميع المشاريع والمجالات الأخرى من خلال ثلاث طرق استثمار مباشر تملكها المحافظة أو بالشراكة بين المحافظة والقطاع الخاص أو الاستثمار الخارجي المباشر، ورغم الحديث عن الفساد الإداري الذي شاب تلك الفترة إلا أن تلك المحافظة من أوائل من تبنى مكافحة الفساد وإنشاء إدارة متخصصة له. من هنا نرى أن الصين الشيوعية التي تحولت إلى رأسمالية بطريقة مختلفة عملت على الاستفادة من الآليات المختلفة لإدارة المحافظات لتحقيق نمو اقتصادي طموح ومتواصل من تطبيق نظام اللامركزية في إدارة المؤسسات الحكومية والتخطيط الإنمائي مع الأخذ بمناهج الإصلاح والتقدم الشامل بصورة تدريجية بما يحقق التغيير في ظل الاستقرار وقبول المجتمع، والسماح بظهور صور أخرى من الملكية مثل الملكية الخاصة إلى جانب الملكية العامة والملكية التعاونية وبعمل توازن محسوب في الهيكل الاقتصادي للصين، إلى جانب المحافظة على سرعة نمو الاقتصاد الصيني السريع نسبياً وتحقيق فعالية واضحة للتعديل الاستراتيجي للهياكل الاقتصادية ورفع نوعية النمو الاقتصادي وفوائده بشكل بارز في سبيل تكريس أساس متين لتحقيق هدف مضاعفة مجمل الناتج الوطني للصين. وعند حضوري لحلقة النقاش الأسبوع الماضي مع البروفيسور راوي عبد العال في كلية هارفارد للأعمال برفقة الزملاء في تجمع القياديين الشباب والاستماع لوجهات النظر المختلفة، بدأت التفكير والحلم بكيفية الاستفادة من مثل نمو الاقتصاد الصيني الذي يعد في الوقت الحالي من أسرع الاقتصادات نموا في العام، وتساءلت لم لا نستفيد من هذه التجارب ونستغل قوة ومتانة اقتصادنا الوطني؟ فنحن بلد أرسى الحرية الاقتصادية فيه المغفور له الملك عبد العزيز، مستمدا ذلك من ديننا الحنيف، وما زلنا على ذلك، لذا أعتقد أنه حان الآن أن نفعّل آليات حكم مناطقية تعطي للإبداع الإنساني مجالا للتنافس على تحقيق النمو الطموح والاستفادة من أفضل التجارب المحلية والدولية في الإدارة، في ظل آليات حوكمة مركزية واضحة وشفافة وتطور دائماً لتوافق التغيرات السريعة التي يعيشها العالم وبإشراف ودعم وتبن منها، وبالتالي استغلال اقتصاد مهم على مستوى العالم فالمملكة تحتل المملكة المرتبة الأولى عالمياً في احتياطي البترول وإنتاجه وتصديره، وتحتل المرتبة الرابعة عالمياً من حيث احتياطي الغاز، وتعتبر أكبر منتج للبتروكيماويات في العالم العربي، إضافة إلى تصنيفها كواحدة من أكبر 20 اقتصاداً في العالم، واحتلالها المركز 11 عالمياً بين الدول التي تتمتع بسهولة أداء الأعمال، إلى جانب المركز التاسع عالمياً من حيث الاستقرار الاقتصادي، وغيرها العديد من الميزات التي يتمتع بها اقتصادنا الوطني، فلم لا نرى إرادة تحول ذلك لواقع؟
إنشرها