FINANCIAL TIMES

أمريكا تشن حرباً على المشروبات الغازية حفاظاً على الصحة العامة

أمريكا تشن حرباً على المشروبات الغازية حفاظاً على الصحة العامة

عندما كشف مايكل بلومبيرج النقاب عن خطته الخاصة بحظر مبيعات العبوات الكبيرة من المشروبات السكرية في الربيع الماضي، كان مستعداً لمعركة. وتناول عمدة نيويورك الملياردير هذا الموضوع من قبل، عندما منع تدخين السجائر في الأماكن العامة وأجبر مطاعم مثل ''ماكدونالدز'' على عرض عدد السعرات الحرارية على قوائم الطعام الخاصّة بها. المشروبات الغازية كبيرة الحجم كانت الخطوة التالية. وكانت نيويورك قد بدأت حملة تسويق ضدّ المشروبات الغازية، مع وجود إعلانات صادمة بمترو الأنفاق تظهر أشخاصاً يعانون السمنة المفرطة وهم مبتورو الأطراف، إلى جانب رسوم بيانية تظهر أحجام المشروبات المتزايدة. وسخر بلومبيرج عندما سُئل عمّا إذا كان يخشى هجوم القطاع الممول جيداً قائلاً: ''لقد أنفقت للتو 600 مليون دولار تقريباً من مالي الخاص؛ لكي أحاول وقف بلاء التبغ. وأنا أبحث عن قضية أخرى''. وبدأت الصناعة التي تبلغ قيمتها 75 مليار دولار في الرد على هذه الحملة. قاتلت جماعات الضغط المنتمية إلى قطاع المشروبات هذا الأسبوع مسؤولي الصحة في نيويورك في المحكمة لعرقلة حظر بلومبيرج الخاص بمبيعات المشروبات السكرية ذات الحجم الكبير. وخارج قاعة المحكمة، كانت شركة كوكاكولا، أكبر شركة مشروبات في العالم، تواجه رد فعل متزايداً ضد حملة دعائية جديدة كان المقصود، منها رسم صورة لنفسها كمقاتلة في الحرب ضد السمنة. في مايلي مزيد من التفاصيل: عندما كشف مايكل بلومبيرج النقاب عن خطته الخاصة بحظر مبيعات العبوات الكبيرة من المشروبات السكرية في الربيع الماضي، كان مستعدًا لمعركة. وقد تناول عمدة نيويورك الملياردير هذا الموضوع من قبل، عندما منع تدخين السجائر في الأماكن العامة وأجبر مطاعم مثل ''ماكدونالدز'' على عرض عدد السعرات الحرارية على قوائم الطعام الخاصة بها. المشروبات الغازية كبيرة الحجم كانت الخطوة التالية. وكانت نيويورك قد بدأت حملة تسويق ضد المشروبات الغازية، مع وجود إعلانات صادمة بمترو الأنفاق تظهر أشخاصًا يعانون السمنة المفرطة وهم مبتورو الأطراف إلى جانب رسوم بيانية تظهر أحجام المشروبات المتزايدة. وسخر بلومبيرج عندما سئل عما إذا كان يخشى هجوم القطاع الممول جيدًا قائلاً: ''لقد أنفقت للتو ستمائة مليون دولار تقريبًا من مالي الخاص؛ لكي أحاول وقف بلاء التبغ. وأنا أبحث عن قضية أخرى''. وقد بدأت الصناعة التي تبلغ قيمتها 75 مليار دولار في الرد على هذه الحملة. قاتلت جماعات الضغط المنتمية إلى قطاع المشروبات هذا الأسبوع مسؤولي الصحة في نيويورك في المحكمة لعرقلة حظر بلومبيرج الخاص بمبيعات المشروبات السكرية ذات الحجم الكبير. وخارج قاعة المحكمة، كانت شركة كوكاكولا، أكبر شركة مشروبات في العالم، تواجه رد فعل متزايدًا ضد حملة دعائية جديدة كان المقصود، منها رسم صورة لنفسها كمقاتلة في الحرب ضد السمنة. وبالتزامن مع اقتراح بلومبيرج، اجتمع المسؤولون التنفيذيون في شركة كوكاكولا في مقر الشركة الرئيس في مدينة أتلانتا الأمريكية للتخطيط لهجوم مضاد. كان الضغط بشأن وباء السمنة المتضاعف يشتد وكانت مقترحات فرض ضرائب على المشروبات الغازية تتضح عبر الولايات المتحدة. وقررت شركة كوكاكولا الرد وجهًا لوجه. وقد عرضت شركة كوكاكولا هذا الشهر إعلانات تستغرق دقيقتين على التليفزيون الوطني. وأمام خلفية يظهر بها أشخاص يتميزون بالنحافة ويرشفون كوكاكولا وشباب يتمتع بصحة جيدة ويمارس التدريبات، يقدم راوٍ ملخصًا بسيطًا لأزمة السمنة: جميع السعرات الحرارية خُلقت متساوية. ويقول الإعلان، بينما تهرول امرأة عبر الشاشة: ''إذا أكلت أو شربت سعرات حرارية أكثر مما تحرقها، فسيزداد وزنك''. وقد كان الإعلان الذي تمت مشاهدته على نطاق واسع مثارًا للاحتقار. حيث وبَّخ مئات الأشخاص شركة كوكاكولا على موقع يوتيوب، وصرخ المدافعون عن الصحة العامة بأن ذلك نفاق. وتساءل كثيرون لماذا لم تظهر ''كوكاكولا'' أيًّا من ملايين الأمريكيين الذين يعانون السمنة في الإعلان. ويقول ماريون نستله، أستاذ الصحة العامة بجامعة نيويورك: ''فكرة أن شركة كوكاكولا هي قوة مناهضة للسمنة مثيرة للسخرية. إنهم يبيعون حلوى سائلة في حين يكون آخر شيء يحتاج إليه الناس هو السعرات الحرارية دون وجود عناصر غذائية ترتبط بها''. ورد فعل كهذا ليس معتادًا بالنسبة إلى شركة كوكاكولا، الشركة التي ابتدعت آلية التسويق بها شعارات تضمنت ''الأمور تتحسن مع كوكا'' و''الشيء الحقيقي''. (وتقول ''كوكاكولا'' إنها ترحب بردود الفعل السلبية بروح تشجع الحوار.) ومع ذلك، فإن الانتقاد يظهر مهمة إحداث التوازن المحفوفة بالمخاطر التي تواجهها شركات الأطعمة والمشروبات عندما يتناولون موضوع السمنة. ويقول ستيوارت كروناوج، رئيس شركة كوكا للمشروبات الفوارة في أمريكا الشمالية: ''هناك حديث مهم للغاية يدور حول السمنة، ونحن نريد أن نكون جزءًا من هذا''. وفقدان السيطرة على هذا الحديث سيكون مكلفًا بشكل خاص في الوقت الذي انحدرت فيه مبيعات المشروبات الغازية باطراد، حيث يتحول المستهلكون لأنواع الشاي، والعصائر، والمياه. واستثمرت صناعة المشروبات لخلق وصفات ألذ مع عدد أقل من السعرات الحرارية، وقدم خدمات جديدة لإنتاج أطعمة صحية أكثر. لكن تجربة شركة بيبسي كولا، منافسة ''كوكا كولا'' الرائدة، تثبت أن هذا الأمر أيضًا قد يكون حافلاً بالتحديات. وقامت إندرا نويي، الرئيسة التنفيذية لشركة بيبسي، بدفعة كبيرة نحو أطعمة ومشروبات صحية أكثر و''جيدة لك'' عندما تولت الوظيفة الأعلى في عام 2006. واستثمرت الشركة في منتجات مثل دقيق الشوفان ومنتجات الألبان، لكن المستثمرين ومحللي وول ستريت وبّخوها لتجاهلها مشروبات الكولا التي تنتجها. وضاعفت نويي في العام الماضي الدعاية لمنتجات شركة بيبسي. وركزت صناعة الأطعمة إلى حد كبير على التنظيم الذاتي في محاولة لتجنب لفت انتباه واضعي السياسات. وبدأت ''ماكدونالدز'' يقدم التفاح والحليب في وجبة ''هابي ميل'' التي يقدمها للأطفال وأطلقت ''برجر كينج'' قائمة طعام ''أفضل لك'' تشمل سلطات، وسندوتشات وعصائر الفواكه. ومع ذلك، تقدم بعض الشركات أطعمة صحية أكثر في الولايات المتحدة بينما تصدر مزيدًا من السلع المسببة لانسداد الشريان– مثل ''بيتزا هت دوج'' ذات الأطراف المحشوة التي تبيعها ''بيتزا هت'' في المملكة المتحدة– للخارج. وتشعر صناعة المشروبات بأن مجموعة الخيارات غير الصحية، إلى جانب الطلب المتراجع على المشروبات الغازية، أسباب مهمة تفسر ضرورة تجنبه لأن يتم اختياره فيما يتعلق بالسمنة. وعرضت سوزان نيلي، رئيسة رابطة المشروبات الأمريكية، على المشاركين بأحد مؤتمرات الصناعة في الشهر الماضي رسمًا بيانيًا يظهر انخفاض مبيعات المشروبات الغازية وارتفاع معدلات السمنة كدليل على أن وجبات سريعة أخرى، إلى جانب عدم ممارسة الرياضة، هي المسؤولة عن تمدد محيط الخصر. ومع ذلك، حذرت من أنه في وجود ولايات تواجه حالات عجز في الميزانية، فإن المعركة ضد ضرائب المشروبات الغازية لن تذهب بعيدًا. ''سنستمر في التحدي، أينما وجدت ضريبة مرهقة أو لائحة مرهقة في المجال العام، سنكون متواجدين هناك وسنقاتلها''. وحتى الآن نجحت مجموعات الضغط الخاصة بصناعة المشروبات في صد الضرائب، وآخر هذه الوقائع عندما فشل اقتراح تمت مراقبته عن كثب في مدينة ريتشموند في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. لكن الولايات الأخرى، بما فيها نبراسكا، وهاواي، وماساتشوستس، تفكر في فرض ضرائب أعلى على المشروبات الغازية وفكرت بعض المدن في اتباع الدور الريادي لبلومبيرج فيما يتعلق بفرض السيطرة على الحجم. شركات المشروبات ليست أول من يواجه هذه المعضلة، حيث درس القطاع بعناية محنة ''شركات التبغ'' التي شهدت تحول السجائر من رموز تألق إلى شيء منبوذ من الصحة العامة على مدى أربعة عقود. ويقول لوري دورفمان، خبير الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا (بيركلي): إن إعلان ''كوكاكولا'' الجديد مشابه لتحرك قامت به شركات التبغ في الولايات المتحدة في عام 1954. فعندما واجهوا انتقادًا متزايدًا ودليلاً على أن السجائر مرتبطة بالسرطان، نشر 14 مسؤولاً تنفيذيًا في شركات التبغ ''بيانًا صريحًا'' في أكثر من 400 صحيفة في الولايات المتحدة. وقد اعترف الخطاب بأن أبحاثًا جديدة أدت إلى اشتهار ''نظرية'' تقول إن السجائر مرتبطة بسرطان الرئة، لكنها حذرت من أن التجارب ليست حاسمة. وكتبوا: ''إن الإحصاءات التي تزعم وجود صلة بين تدخين السجائر والمرض يمكن أن تنطبق بالقوة نفسها على أي من الجوانب الأخرى الكثيرة في الحياة الحديثة. وفي الحقيقة، فإن صحة الإحصائيات موضع شك عديد من العلماء''. ويدعي المدافعون عن الصحة في الحاضر أن هذا يردد منطق شركات المشروبات التي تزعم أن كل السعرات الحرارية مثل بعضها. ويقول الدكتور توني يانسي، مدير مركز يو سي ال ايه كايزر بيرماننتي للمساواة في الصحة، إنه حتى السعرات الحرارية المستمدة من الأطعمة غير الصحية مثل البيتزا والهامبورجر تحتوي على قيمة غذائية أكبر من تلك الموجودة في المشروبات الغازية؛ لأنها تُقدم إلى جانب مواد غذائية مفيدة مثل البروتين والألياف. وقول دكتور يانسي: ''الطريقة التي يمتص بها الجسم 200 سعرة حرارية من المشروبات الغازية ليست الطريقة نفسها التي يمتص بها 200 سعرة حرارية من البطاطا الحلوة''. ويندد صناع المشروبات بمقارنتها بقطاع التبغ، مشيرين إلى مشروباتهم التي لا تحتوي على سعرات حرارية وحقيقة أن السجائر لم يتم جعلها أبدًا صحية أكثر. وفي أحد اللقاءات مع ''فاينانشال تايمز'' في عام 2011، دافع ديريك ياش، مدير السياسة الصحية السابق بشركة بيبسي، بأن فرض الضرائب على التبغ نجح؛ لأنه يمكن أن يطبق على فئة المنتج كلها، لكن لا يوجد دليل على أن المستهلكين لن يقوموا فقط بالتحول لمشروبات أخرى ذات سعرات حرارية مرتفعة إذا تم فرض ضرائب على المشروبات الغازية. وهناك أشكال مختلفة من الضرائب قيد التنفيذ بالفعل في أوروبا، حيث تفرض فرنسا ضرائب على المشروبات المحلاة بالسكر، وتفرض الدانمرك ضرائب على الدهون المشبعة، وتفرض المجر ضرائب على الهامبورجر. وفكر ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء في المملكة المتحدة، أيضًا في ''ضريبة على الدهون'' لتناول مشكلة السمنة في بريطانيا. واعترف تقرير في عام 2012 من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن الضرائب المفروضة على المشروبات الغازية والوجبات السريعة تميل للإضرار بالدرجة الأكبر بالفقراء. ومع ذلك، خلصت إلى أن الفقراء سيستفيدون أكثر من غيرهم من المكاسب الصحية الناتجة عن مثل هذه الضرائب- وأن الإيرادات مفيدة لسداد حالات العجز. وتقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: ''يمكن أن تكون الإيرادات التي يتم الحصول عليها من الضرائب المفروضة على الطعام غير الصحي كبيرة. وهذا يوفر فرصًا لا تقدر بثمن، إما لتخفيف أي آثار ارتدادية، أو لتعظيم آثار الصحة العامة الخاصة بالضرائب''. وبينما تتصارع شركات الأطعمة والمشروبات مع المنظمين والمشرعين بشأن استحداث سياسات عادلة، يتزايد عبء السمنة على الاقتصاد في الولايات المتحدة. وتقدر مراكز السيطرة على المرض في الولايات المتحدة أن 35.7 في المائة من البالغين الأمريكيين يعانون السمنة، كما يتحدد من خلال مؤشر كتلة الجسم؛ ما يفسر إنفاق 147 مليار دولار في هيئة تكاليف طبية. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 210 مليارات دولار في عام 2030، مع وجود 44 في المائة على الأقل من البالغين في كل ولاية يعانون السمنة. وفي مدينة نيويورك وحدها، يتم إنفاق أربعة مليارات دولار تقريبًا كل عام على علاجات الرعاية الصحية المتعلقة بالسمنة. وفي وجود تكلفة حادة كهذه، يبدو من غير المرجح أن تثني بلومبيرج المعارضة من قِبل مجموعات أعمال صغيرة أو حملة دعاية بارعة لشركة كوكا. وبعد أن دافع عن قضيته في الصيف الماضي، أشار بلومبيرج إلى أنه متخوف من بلاء المشروبات الغازية أكثر مما يخاف من التبغ. ويقول: ''ستكون حياة الناس أقصر، وجودة حياتهم ستنخفض بشكل كبير، وستبدأ السمنة في قتل مزيد من الناس في هذه الدولة أكثر مما يفعل التدخين''.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES