Author

ريكارد.. هل يفتح ملفات رعاية الشباب؟

|
بغض النظر عن نتائج منتخبنا الوطني، ومدى إعجاب الجماهير بأدائه من عدمه، فقد كثر الحديث عن مدرب منتخبنا الوطني فرانك ريكارد وعقده الفلكي، وصعوبة كسر العقد إلا بغرامات تتجاوز ملايين الريالات، يا ترى من يبرر مبالغ التعاقد الضخمة التي تم بموجبها توقيع عقد مدرب المنتخب الوطني الأول فرانك ريكارد؟ تم التعاقد مع ريكارد بمبلغ 22.5 مليون يورو، لمدة ثلاث سنوات أي ما يزيد على 112 مليون ريال، بمعدل سنوي قدره 37 مليون ريال! ومعدل شهري قدره 3.1 مليون ريال، أي أن تكلفة مدرب المنتخب يومياً 104 آلاف ريال تقريباً! هذا بخلاف السكن والتذاكر والمزايا العينية الأخرى. راتب ريكارد يعتبر الراتب الرابع الأعلى عالمياً في عالم التدريب، فلم يتفوق عليه من حيث المبلغ إلا ثلاثة، وهم مورينيو مدرب ريال مدريد وجوارديولا مدرب برشلونة السابق وفابيو مدرب منتخب إنجلترا، ويتفوق ريكارد على كثير من أساطين التدريب في راتبه، ومن أشهر هؤلاء مدرب مانشستر الإنجليزي السير فيرجسون المدرب الأشهر في العالم. تاريخياً لم يستمر مدرب مع منتخبنا لمدة تزيد على سنة، وغالباً ما يكون الطلاق بائناً من الطلقة الأولى، وفي أحيان كثيرة في وسط بطولة! لماذا إذن يتم التعاقد مع مدرب لمدة ثلاث سنوات، بشروط تعجيزية لإنهاء العقد حتى مع النتائج السلبية للمنتخب؟ للعلم - بتحليل بسيط - فإن راتب ريكارد السنوي يعادل الرواتب السنوية لـ2000 أسرة من الأسر التي يصرف عليها الضمان الاجتماعي، ويعادل المكافآت السنوية لـ3000 طالب جامعي، ويعادل الرواتب السنوية لـ300 طبيب سعودي، ويعادل الدعم السنوي لـ1200 موظف، كما يمكن لراتب ريكارد أن يعوض الدولة عن راتب 60 وزيراً، و134 عضواً في مجلس الشورى! راتب ريكارد الفلكي كان بالإمكان استخدامه بفعالية في أمور أكثر فعالية لتطوير الرياضة السعودية، ومن أهم هذه الأمور تأهيل المدربين الوطنيين، وتأسيس أكاديميات للناشئين، وتطوير دوري المدارس، وكلها استراتيجيات مهمة للنهوض بالكرة السعودية، وأبجديات تصب في مفهوم "سمننا في دقيقنا"، بدلاً من أن نكون "مثل النخلة العوجاء بطاطها في حوض جيرانها". أنا من الجماهير المحبة لمنتخبنا، وأفرح مثل غيري عندما يفوز المنتخب أو يؤدي أداء جميلاً، وقد كان بالإمكان أن ينجح ريكارد مع المنتخب ونحقق كأس آسيا ونصل إلى كأس العالم ونفوز بكأس الخليج، ولو حققنا ذلك لكان بالإمكان أن يدافع المؤيدون لريكارد عن عقده الفلكي، ولكن مع ريكارد لا نتائج ولا مستوى ولا إنجازات، وبالتالي رغم صرف المبالغ الفلكية على الجهاز التدريبي فلم نحقق شيئا ذا بال، فلا نحن في العير ولا في النفير، أو كما يقال فإن منتخبنا "لم يحصل على بلح الشام ولا عنب اليمن". قصة ريكارد واقعة جاهزة للتحقيق من قبل هيئة مكافحة الفساد، بجميع تفاصيل العقد من شروط التعاقد، ومبلغ العقد، وشرط إنهاء الخدمة، وغالباً إذا ما تم أمر في الخفاء وبدون شفافية يكون فيه ما فيه، وأقل ما فيه أن يعلم الذين تعاقدوا معه أن التعاقد ليس في مصلحة الكرة السعودية، واتضح ذلك في عقد ريكارد الذي بقي 18 شهراً بدون أي إفصاح عن ماهيته. الحقيقة التى يجب ألا نغفل عنها هي أن هموم الشباب من أهم الملفات الجديرة بالدراسة والاهتمام، فالكثير من مشاكل مجتمعنا ترتكز في فئة الشباب، حيث البطالة التي تأن من آثارها الحكومة والقطاع الخاص، مقابل الفراغ الذي تشتكي منه البيوت وتشهد به الاستراحات، والظواهر التي أصبحنا نعانيها الواحدة تلو الأخرى فهنا التفحيط وهناك الدرباوية والتعصب الرياضي يتفشى والعنف يتفاقم، فيما تنتشر المخدرات من جهة والتطرف من جهة أخرى، يتزامن ذلك مع الربيع العربي الذي بدأه الشباب، وأشعل محركات التمرد في الكثير من الدول المجاورة. قصة ريكارد في رأيي يجب أن تفتح ملفات الرئاسة العامة لرعاية الشباب على مصراعيها، ليس من الناحية المالية فقط، ولكن حتى من النواحي التشغيلية وشمولية الأداء، حيث أصبحت الرئاسة العامة فقط لكرة القدم وليتها نجحت في ذلك، بل رغم فشلها الذريع فيه؛ فقد بدأ مفهوم الألعاب المختلفة يتلاشى، والرياضة للجميع أصبحت شعاراً فقط، فيما أصبح مفهوم النادي الرياضي الاجتماعي الثقافي نكتة من تاريخ العصور الوسطى، الرئاسة العامة لرعاية الشباب تحتاج إلى الكثير لتعديل استراتيجياتها والتخطيط والتغيير والعمل والجد لتكون الرئاسة معبرةً عن اسمها الحقيقي وهو "رعاية الشباب".
إنشرها