مزارعون يستغلّون الأمطار في جني أرباح مجزية

مزارعون يستغلّون الأمطار في جني أرباح مجزية

استغل مزارعون في القرى والمحافظات الواقعة شمال مكة المكرمة ما شهدته المنطقة من أمطار غزيرة خلال الأسابيع الماضية، من أجل تحقيق عوائد سريعة ومجزية عبر زراعة تصنَّف ضمن الزراعات الموسمية، حيث تشمل زراعة الحبحب والشمام والخربز والخضراوات بأنواعها. وعمد مزارعو عسفان وهدى الشام والجموم والقرى القريبة منها، إلى حرث الأراضي والأودية، ومن ثَمّ القيام بالزراعة من دون استخدام المبيدات الحشرية أو السماد الصناعي، مما يجذب الكثير من المتسوقين على شراء هذه المحاصيل، التي تمد الأسواق بكميات كبيرة من تلك المنتجات. وفي جولة لـ "الاقتصادية" في المنطقة رصدت قيام السكان بإنشاء سدود ترابية لحجز مياه الأمطار والسيول، لتأمين كميات من المياه للمزارع، وسقاية المحاصيل الموسمية التي تتطلب وفرة مياه. وبدأ كثير من الأسر القاطنة في تلك القرى، مثل عسفان وهدى الشام والجموم والقرى القريبة منها في حرث الأراضي، وتهذيب الموقع للبذر، حيث يقول محمد البشري أحد كبار السن: "إن المنطقة خصبة وصالحة للزراعة، وخصوصاً للحبحب، وهو من المنتجات التي لا تحتاج لرعاية كبيرة كبقية المحاصيل". ويضيف: "يكفي أن تُنثر البذور بعد تشبع الأرض بالمياه، التي هطلت خلال الأسابيع الماضية، وعلى المُزارع أن يحمي أرضه من الحيوانات التي ترعى بجوار المزارع الموسمية، وهي مشكلة تقلق المزارعين كونها ماشية غير منظمة، وتأكل أوراق المحصول، وتبدد مجهود القرويين". ويوضح البشري، أن أفراد الأسرة يشتركون جميعهم في زراعة المحاصيل الموسمية، حتى إن بعض المواقع أصبحت معروفة بأنها ملك لأسر بعينها، بحكم ترددهم على الزراعة فيها منذ سنين. ويؤكد أن "الزراعة هنا نشاط موسمي يحقق أرباحاً كبيرة، وطريقة البيع تتم بواسطة الدلال في سوق الخضار والفواكه، والذي يفتح المزاد على ما يعرف بـ(الكوم)، وهي كمية الحبحب المتراصة فوق بعض على هيئة جبل، ومن ثَمّ يزايد التجار على كل كومة على حدة، وتبدأ عادة بسعر 200 ريال في أول الموسم، مما يعني أن الشحنات الأولى للسوق تصل لسعر 3500 ريال، في كل دفعة، ولكن قد ينخفض المبلغ مع دخول المزارعين الآخرين في السوق ببيع محاصيلهم الموسمية، ولهذا نحرص ألا نزرع نوعاً واحداً فقط، بل نجعل قطعة الأرض المستصلحة زراعياً متنوعة المحاصيل، ففيها الطماطم والخيار بأنواعه والحبحب والشمام". فيما اعتبر سالم الصاعدي الأرباح التي يتم تحقيقها من بيع الحبحب مجزية جداً، لكن تختلف من مزارع لأخرى، لعدة أسباب أهمها الإسراع في زرع الأرض، والتي بدورها نتج محصولها الأول قبل إغراق السوق بالمحاصيل نفسها، فمن يحصد أولاً يحقق أرباحاً كبيرة، حيث يصل سعر الواحدة من البطيخ إلى 20 ريالاً. وعن منافذ البيع والتوزيع التي يصرف المزارعون فيها محاصيلهم، قال الصاعدي، إن السوق القريب في مكة المكرمة وجدة هو الأفضل، لعدة أسباب، ذكر منها قلة تكلفة الشحن، بواسطة الناقلات، فناقلة الحمولة الكبيرة تصل إلى أكثر من ألف ريال، وبالتالي يمكن للمزارع أن يحقق صافي ربح كبيراً، وهذا لا يتحقق في حال اتجه لسوق المنطقة الوسطى أو الجنوبية، فكلفة الشحن هنا تتضاعف، ويتطلب متابعة من قبل المزارع، الذي قد يضطر للسفر لمفاوضة التاجر والدلال في السوق، ولذا السوق القريبة في المنطقة هي الخيار الأمثل لدى المزارعين الموسميين. كما رصدت "الاقتصادية" في جولتها تداخل المزارع بين بعضها، وارتفاع السدود الترابية التي تعرف بـ "العقوم"، وذلك لحجز مياه الأمطار والسيول في الحوض الترابي للأرض المزروعة، وهو إجراء ينذر بمخاطر في حال أتت المنطقة سيول منقولة من المناطق العلوية للأودية، التي تصبّ في المزارع، كوادي هدى الشام، ووادي فاطمة، إضافة إلى افتقار المزارع الموسمية في المنطقة للتنظيم والتنسيق، حيث طغت العشوائية على المنطقة برمتها، وجرفت الغطاء النباتي الذي خلّفته الأمطار مؤخراً، كما أن تلك المزارع حرمت المتنزهين من الاستمتاع بطبيعة الغطاء النباتي الذي انتشر في المنطقة بعد هطول الأمطار؛ فقد بدت الأراضي شبه جرداء من جراء حرثها، وإنشاء السدود الترابية على جوانبها. من جهته قال المقدم سعد الراجحي نائب مدير الدفاع المدني في محافظة الجموم لشؤون العمليات والناطق الإعلامي، إن الدفاع المدني رصد من خلال لجان عدة جملةً من المخاطر التي تعترض مجاري الأودية والسيول، مضيفاً "رفعنا للجهات المعنية بإزالتها، كما أن السدود الترابية وضعت بطريقة عشوائية، أو بارتفاعات عالية، وهي أنشئت بطريقة تعيق مجرى مياه الأمطار والسيول، وتحوّلها إلى مصبّات أخرى غير مجراها الطبيعي". وأشار إلى أنهم في انتظار تقييم أوضاع الأودية في المنطقة ودراسة المخاطر المحدقة بها "بعض مجاري الأودية في محافظة الجموم تشكل عوائق جسيمة، تعوق تدفق مياه الأمطار بشكل سلس في مجرى السيل، وتعوق عمل السدود، مما يتطلب إزالتها، وهذا ما أوصت به اللجان المشكلة لهذا الغرض".
إنشرها

أضف تعليق