أخبار اقتصادية

تجّار دبي بعد حظر التعامل مع إيران: تخفيف القيود أو الإفلاس

تجّار دبي بعد حظر التعامل مع إيران: تخفيف القيود أو الإفلاس

تراجعت صادرات أعضاء غرفة تجارة وصناعة دبي إلى إيران بأكثر من 75 في المائة في العامين السابقين، وهذا التوجه المنخفض ليس من المحتمل أنه سيتغير ما لم تخفف العقوبات الدولية على طهران، هذا ما جاء على لسان مسؤول كبير في الغرفة التجارية الصناعية في دبي. وأكد المهندس حمد بو عميم مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي. أن مستوى معدل الصادرات الشهرية والمُعاد تصديره انخفض إلى 1.8 مليار درهم (490 مليون دولار أمريكي) من نحو سبعة مليارات درهم منذ عامين ماضيين. ويقول في تصريح لصحيفة نيشن الظبيانية الجمعة الماضي: ''لقد فقدنا كتلة كبيرة من تجارتنا مع إيران، والعامل الأكبر هو العقوبات، وثانياً وجود قيود على التداول المالي مع إيران. وثالثاً، إن انخفاض قيمة العملة الإيرانية صعَّب التداول على الإيرانيين''. هذه البيانات هي إشارة على التغيير الجذري الدرامي في التدفق الصاخب ذات يوم في السلع المتجهة إلى إيران من دبي، والتي على مر قرون عملت كبوابة للشحن المتواصل لجميع أنواع السلع لهذه الدولة. وخلال حزيران (يونيو) عام 2010، كانت إيران أكبر واجهة تصدير لأعضاء غرفة دبي حيث إن في وقت الذروة مثل تداول إيران 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات. لكن المعضلات بشأن التجارة قد صعدت عندما وافق المجتمع العالمي على العقوبات على مدار العامين الماضيين التي تهدف إلى تضييق النطاق حول الاقتصاد الإيراني وهو الجهد الذي يرمي إلى الضغط على الدولة بشأن برنامج الأسلحة النووي المشتبه فيه لديها. لكن إيران تقول إن طموحاتها النووية سلمية. ويعتقد بو عميم أنه دون تخفيف العقوبات، سيكون هناك تحسناً طفيفاً في آفاق الروابط التجارية بين دبي وجارتها القريبة. يقول: ''إذا ما ألغيت القيود على التجارة التي فرضتها العقوبات مع حدوث مباركة دولية، فبإمكاننا كسب بعض التجارة المفقودة مرة أخرى، لكن حتى هذا الوقت ستظل دبي متأثرة، حيث إن إيران ستبني علاقة مع دول أخرى تتعامل معها''. وفي محاولة للقضاء على العقوبات سعت إيران إلى تأمين ملايين الأطنان من القمح عبر صفقات متكافئة مع الهند وباكستان. فالطعام مستثنى من العقوبات الدولية. لكن الإمارات العربية المتحدة لم تحاول إلى الأن أن تقوم بصفقة مماثلة. في مجالات الأسلحة والآلات والمعدات لقطاع الطاقة والطيران الإيراني بين الصادرات الممنوعة بموجب العقوبات. مع ذلك، فإن تصدير سلع أخرى إلى الدولة أصبح أكثر تحايلاً، حيث إن المصارف وأماكن تحويل العملات قد قللت من تعاملاتها مع الدولة استجابة لضغوط الغرب والمصرف المركزي الإماراتي. قلل العديد من المصارف من الاعتماد المستندي أو أشكال أخرى من المالية لتمويل السلع. كما أن اقتصاد إيران المتدهور تضرر هو الآخر على المستوى التجاري، حيث خسر الريال الإيراني نحو نصف قيمته في التداول المفتوح بالسنة الماضية، ما رفع تكلفة السلع محلية الصنع والطلب المتأجج على السلع المنتجة محلياً. وتباع العملة الإيرانية بنحو 30 ألف دولار أمريكي في السوق المفتوحة. معدل 12 ألفا أمام الدولار متوافر لاستيراد بعض السلع الأساسية. إن انهيار الريال جعل من الصعب أيضاً على العديد من المشترين الإيرانيين أن يدفعوا نظير السلع. أفادت صحيفة ''ذا ناشونال'' الإماراتية أن المتداولين في دبي لديهم أكثر من مليار درهم مستحقة على المشترين الإيرانيين. ويقول علي سوداجار، ممثل التسويق في شركة إيران للتأمين، وهي شركة تأمين لائتمان الصادرات: ''ما زال التداول في إيران يشكل خطراً بالنسبة للعديد من الشركات في دبي. العديد ممن سيقومون بالمشاريع سيفعلونها فقط في مقابل النقد وليس في استطاعة الكثير من الناس أن تدفع في الجانب الآخر (إيران)''. وهبط المُعاد تصديره إلى إيران من الإمارات إلى نحو الثلث في النصف الأول من عام 2012 عن فترة العام الأسبق، طبقاً لما أفادت به مؤسسة الأخبار المالية ''داو جونز نيوزرايترز'' الأسبوع الماضي، مستشهدة بحديث مسوؤل من وزارة التجارة الخارجية الإماراتية. وفي تقرير ميداني لـ ''الاقتصادية'' من الإمارات كشف أن زيارة الأسواق الإيرانية التقليدية في دبي أو أبوظبي هذه الأيام توضح عن مدى الضرر الذي لحق بالتجار في الإمارات نتيجة الحظر الدولي على إيران التي كانت حتى عهد قريب أقوى شريك تجاري للإمارات وخاصة دبي. ففي أيامها الذهبية كانت مرافىء سفن البوم الخشبية التقليدية في خور دبي تعج بالحركة والنشاط حاملة كل ما يخطر على البال من أجهزة كهربائية وإلكترونيات وقطع غيار سيارات وشاحنات وإطارات وغيرها إلى الموانىء الإيرانية على الضفة المقابلة من الخليج العربي بعد أن تكون قد أفرغت شحناتها من الفواكه والخضار والتوابل والمكسرات الإيرانية المرغوبة بشدة هنا. أما اليوم فالحركة قليلة والمخازن شبه فارغة والتجار الذين اعتادوا على عد الحزم السمينة للنقود عند تسلّم أو تسليم البضائع يجلسون اليوم وأياديهم على خدودهم متحسرين على تلك الأيام. وتلقى التبادل التجاري بين البلدين ضربة قوية قبل عامين مع وقف العمليات المصرفية بسبب العقوبات الدولية، إذ لم تعد بنوك الإمارات تقدم أي تسهيلات مصرفية للتجار المتعاملين مع إيران. ويقول تجار ومصرفيون إن هذا الإجراء ألحق الضرر بآلاف التجار الإيرانيين المسجلين في دبي وحدها والذين يبلغ عددهم نحو ثمانية آلاف تاجر. وقال تاجر كان ينشط في خور دبي في العصر الذهبي للتجارة مع إيران: ''كثير من التجار أفلسوا وأغلقوا محالهم أو تحولوا لنشاط آخر .. لم تعد الأمور كالسابق بل تزداد صعوبة يوما بعد يوم''. وقال تجار إماراتيون إن العقوبات الغربية على إيران انعكست سلبا على أعمالهم، حيث تعد الإمارات رابع أكبر شريك تجاري لإيران، فيما تعد إيران ثاني أكبر شريك تجاري لدبي. لكن السفير الإيراني في أبو ظبي محمد رضا فياض كان قد صرح لوسائل الإعلام الصيف الماضي، أن قيمة الصفقات التجارية بين إيران والإمارات ناهزت 25 مليار دولار في 2011، مضيفا أنه مرتاح للمستوى الذي وصلت إليه التبادلات بين البلدين. وأضاف فياض أن بعض البلدان ''قد تكون قلقة على روابط الألفة التي تجمع بين طهران ودبي''، مشددا على أهمية إعطاء الأولوية لمصلحة الإمارات وإيران. أما الإحصائيات الرسمية الإماراتية فقد أظهرت من جانبها أن قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في 2011 بلغت 15.5 مليار دولار. وتظهر إحصائيات وزارة التجارة الخارجية الإماراتية أن الأمارات استوردت بضائع من إيران بقيمة 1.2 مليار دولار فقط في 2011 وهي أحدث أرقام تتيحها الوزارة. وكان وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري قد قال في حزيران ( يونيو) الماضي إن العقوبات المالية الدولية المفروضة على إيران أضرت بتجارة الأخيرة مع الإمارات، مشيرا إلى أن بلاده كانت دائما تتاجر مع إيران فيما يخص المواد الاستهلاكية، وينبغي ألا تتوقف هذه المبادلات، إلا أنه أضاف ''إذا أردنا تصدير 20 طنا من الأرز فإن النظام المالي العالمي لا يسمح بذلك''. وقد جعلت العقوبات البنكية - التي قادت الولاياتُ المتحدة فرضهاعلى إيران- من المخاطرة أن تقدم بنوك عبر العالم بما فيها الموجودة في الإمارات على إجراء معاملات مع إيران، وهو ما وضع عراقيل كبيرة أمام طهران لتمويل تجارتها الخارجية. وتعد دبي مركزا تجاريا رئيسا مع إيران، حيث قدرت عمليات إعادة تصدير البضائع بين الجانبين بنحو 31.9 مليار درهم إماراتي (8.7 مليار دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى من 2011، حسب بيانات سلطة الجمارك في الإمارات. ويقول صندوق النقد الدولي إن العقوبات الدولية على طهران قد تكلف الإمارات خسارة تعادل ما قيمته 0.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إذا توقفت المبادلات التجارية بين البلدين. وعلى الصعيد نفسه انتقد وزير الاقتصاد التركي ظافر كاجلاين ضغوط الاتحاد الأوربي على أنقرة بشدة التي ترمي إلى إيقاف تجارة الذهب مقابل الغاز مع إيران، قائلاً أن طلب الاتحاد الأوروبي سيلقى ''آذاناً صماء''. وقال ظافر كاجلاين الجمعة الماضية في إسطنبول: ''قرر الاتحاد الأوروبي فرض العقوبات، أما فيما يخص عقوبات أخرى فهذا لا يعنيني''. وطبقاً لصحيفة ''توركيش ويكلي''، تستورد أنقرة من ثمانية إلى 12 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً – ونحو 20 في المائة من إجمال الغاز الطبيعي لها – من إيران. ويؤكد كاجلاين أن الضغط على تركيا لوقف التجارة مع إيران سيلقى آذاناً صماء. يذكر أنه في الـ 26 من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قال وزير الطاقة التركي تانر يلدز إن دولته ستستمر في شراء الغاز الطبيعي من إيران بغض النظر عن العقوبات الغربية ضد الجمهورية الإسلامية. قال كاجلاين في الـ 11 من كانون الأول (ديسمبر) إن حجم التجارة التركية الإجمالي مع إيران وصل إلى نحو 45 مليار دولار حتى هذا الوقت من العام. وعلى صعيد الوضع الاقتصادي الإيراني كشف تقرير حديث أن صادرات إيران الزراعية العام الماضي، نمت حيث وصلت مبيعات الفستق والزعفران إلى ما يعادل الضعف بصرف النظر عن الضغوط الغربية على التجارة مع هذه الدولة، هذا ما نقلته وكالة فارس الإخبارية شبه الرسمية عن نائب وزير الزراعة الإيراني أمس الأول. وطبقا لـ روزيرز تضاعفت مبيعات إيران من الفستق إلى 587 مليون دولار، ما جعل المكسرات هي أكبر صادرات إيران الزراعية من حيث القيمة. أما صادرات الزعفران فقد ارتفعت 87 في المائة إلى 213 مليون دولار، كما أفادت وكالة فارس التي اقتبست تصريحا من جاهنجير بوريمان الذي قال: ''تصدير المنتجات الزراعية ارتفع بنسبة 15 في المائة مقارنة بالعام السابق، في حين أن الصادرات الزراعية ما زالت ترتفع بمعدل يومي''. فوق 95 في المائة من منتجات إيران التي تحتاج إليها هي منتجات داخل الدولة، وهو أمر شديد الأهمية لاستقلال الدولة سياسياً. كما أن العقوبات الغربية على صفقات المصارف مع إيران، التي تنوي أن تجبر إيران على وقف برنامج تخصيبها النووي بمنعها من بيع النفط جعل من الصعب على المصدرين لبضائع إيرانية أخرى عديدة أن يحصلوا على أموالهم. وعلى الرغم من القيود الأكثر إحكاماً على التجارة مع إيران في عام 2012 مقارنة بعام 2011، تقول وكالة فارس إن الصادرات في كل شيء من الطماطم والبطاطس إلى البطيخ وثمرة الكيوي والتفاح، نمت جميعها بشكل ملحوظ هذا العام. ولم تفصح الوكالة عن كيف دفع لمُصدري السلع الزراعية نظير سلعهم، لكن إيران عقدت عدة صفقات متكافئة على مدار العام الماضي لتأمين السلع التي تحتاج إليها مقابل المنتجات التي لا تستطيع أن تبيعها بسهولة نظراً للقيود المصرفية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية