Author

ذكرياتي الخليجية..

|
في عام 1988 كنت ضمن طلاب المدارس الذين حملوا الأعلام وشاركوا في افتتاح بطولة الخليج التاسعة في الرياض، ومنها بدأت علاقتي الحقيقية بهذه البطولة رغم أني شاهدت قبلها دورتين لكن لم أكن أعي تماما تفاصيل الحدث حينها. تابعت من قرب أول هدف رسمي في ستاد الملك فهد الدولي عن طريق الهريفي، وتسديدة جازع التي اخترقت الحواجز العمانية. منذ ذلك الحين وفي كل مرة تشرع دورة الخليج أبوابها لأبنائها، تستدعي ذاكرتي ذلك المشهد. أصبحت أقرأ أكثر عن هذه البطولة، قرأت عن الكويتي جاسم يعقوب نجم كل دورات الخليج، عن السعودي الصاروخ واكتشفت لاحقا وبالصدفة أن هذا الرجل الذي سجل أسرع هدف في دورات الخليج ويتحدث عنه كل الخليجيين مع كل دورة جديدة، أحد جيراننا في الحي سابقا. قرأت عن منتخبات الكويت المرعبة التي جمعت رقما لا يمكن كسره بسهولة قبل عشرين عاما قادمة، قرأت أحاديث إعلامية قديمة للراحلين المثير فهد الأحمد والاستثنائي فيصل بن فهد، وقرأت عن عقدة سعودية نفسية تصاحب الأخضر في هذه البطولة، وأننا لن نحققها حتى تكون الكرة مربعة كما يتناقلون عن الراحل فهد الأحمد، ولشدة شوقي لهذه الكأس بدأت أرسم في خيالاتي شكل الكرة وهي مربعة كيف سيكون. في كل مرة يدخل الأخضر البطولة كان سيد المرشحين لها، ولا تتجاوز خطاه المرتبتين الثانية والثالثة، وفي كل مرة ترمى اللائمة على الإعداد النفسي، والسقوط في الحرب الإعلامية التي يجيدها ويديرها الآخرون ونذهب ضحيتها. لا أنسى مشاهد النقاد السعوديين في التلفزيون أو عبر مقالاتهم يتقاتلون أيهم يأتي بالغائبة بعد كل خسارة سعودية، إلى درجة تشكل فئة يائسة من انضمام هذا اللقب إلى لقبين قاريين ماضيين آنذاك، ولم يجدوا حلا غير المطالبة بالاعتذار عن البطولة أو المشاركة بفريق رديف. عام 1994 حضر الأخضر من أمريكا حاملا لقب المونديالي، وخطف الكأس للمرة الأولى بعد أربعة وعشرين عاما على أول مشاركة في البطولة، وبمدرب وطني لم يقد فريقا محليا في تاريخه هو طيب الذكر محمد الخراشي. في 2001 وحين تخلى الأخضر عن الضغط النفسي الرهيب الذي يدخل به كل خليجية، كرر السعوديون فعلتهم الذهبية ببطولة ثانية وبمدرب وطني آخر هو ناصر الجوهر. بعد عامين آخرين في الكويت كان ثالث الإنجازات الخضراء وبقيادة مدرب هولندي هو فاندرليم وبعروض ماتعة لا تنسى كان ثمنها أول كأس سعودية في أرض كويتية، ما أعطى طعما لذيذا خاصا لها. اليوم يعود أخضرنا وبقيادة هولندي آخر للظهور في مونديال الخليج. الظروف الفنية تبدو جيدة لبلوغ المأرب، والأخضر يبدو في عافية كافية لتجاوز الفرق المقابلة، بعد أن وصل ريكارد إلى الخلطة السرية لفريقه المرتقب منذ عام، والتي تجمع عناصر شابة واعدة مثل البيشي، الحربي، المولد، بصاص، وعناصر خبيرة مثل القحطاني، هوساوي، الشمراني وكريري. ربما كانت الضعوط النفسية التي يدخل بها فريقنا الوطني قبل تحقيقه أول لقب حاضرة في هذه المشاركة أكثر من قبلها، كون الأخضر مصابا في كبريائه، ومتألما من أنصاره قبل خصومه، لكني متفائل، أولا لأن الأخضر لم ترافقه حاشية إدارية كبيرة كما كان في كل دورة، ومتفائل أكثر لأن ريكارد يجيد إدارة اللعبة في الميدان، ويغذي هذا المسلك في جنوده، ومتفائل أكثر بأن يعود الأنصار الخضر للوقوف خلف أخضرهم، فكلنا عطاشى إلى لقب يُبَلل شيئا من جفافنا الرياضي.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها