Author

عامٌ أبيض

|
مضى عام 2012 والكرة السعودية لم تلبس رداء البطل في أي من فروعها على مستوى الأندية أو المنتخبات, في كل الرياضات. عامنا الأبيض – نسبة إلى فراغه من أي إنجاز - لم يخل من منعطفات مهمة قد تشكل مسارا جديدا في الرياضة السعودية, ولم يخل من أحداث ومنعطفات أثرت في المجتمع الكبير, واسترعت انتباهه, ولفتت الأنظار إليه, ما يؤكد أن الرياضة هي المؤثر الأول في المجتمع السعودي الغض. في رأيي أن ثلاثة أحداث تستحق أن تسجل ضمن الإنجازات حتى وإن لم يكن فيها كأس ترفع أو رقم يسجل. الأول هو, الاستقالة الجريئة التي قدمها الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب من منصبه رئيسا للاتحاد السعودي لكرة القدم, في أعقاب فشل المنتخب الأول في تجاوز التصفيات الأولية نحو مونديال البرازيل, وهو قرار يعبر عن إحساس عميق بالمسؤولية من الأمير الشاب, ويفصح عن شجاعة ورغبة في التغيير والتعديل والتقدم, ويضع الأمور في منهجية واضحة ترفض الازدواجية في الأدوار. إذ كان نواف يحاسب نواف قبل هذه الاستقالة. أثر استقالة نواف في فبراير الماضي تجاوز حدود الوسط الرياضي, فقرأت مقالات لمثقفين سعوديين وخليجيين, يشيدون بجرأة المسؤول السعودي الشاب, ويضربون به المثل ويطلبون من آخرين الاقتداء به في المجالات كافة, وفي ذلك مبعث فخر وزهو للوسط الرياضي. ثاني الأحداث التي لن ينساها التاريخ الرياضي السعودي, وسيظل يسترجعها كل أربعة أعوام, هو انتخابات اتحاد كرة القدم التي تمخضت عن فوز المخضرم أحمد عيد بالمقعد الساخن بعد منافسة شرسة جدا من الطموح خالد بن معمر, وهو حدث يصنف ضمن المنعطفات التاريخية في كرة القدم السعودية, إذ سمح لأول مرة بأن يكون لدينا مجلس اتحاد منتخب, يخضع لرقابة البرلمان الرياضي, وتحت طائلة سحب الثقة في أي وقت بالقانون, وخاضع للمساءلة في أي لحظة, ويستظل بالقانون كما افترض على الأقل. حدث الانتخابات السعودية أيضا, تجاوز حدود الوسط الرياضي, واسترعى انتباه مثقفين كُثر, كتبوا عنه على مواقع الإعلام الجديد, وتابعوه وشدهم, واستشهدوا به في مطالباتهم في أوساط أخرى. الحدث الثالث, كان مشاركة الفتاتين السعوديتين وجدان شهرخاني وسارة العطار, في أولمبياد لندن الصيف الماضي, بعد أن تفاعلت قضية مشاركة المرأة السعودية إلى حد بلغ التكفير والشتم لمن يوافق على ذلك, إلى حد أن المعارضين, هاجموا رعاية الشباب ورجلها الأول نواف بن فيصل, حتى قال في تصريحه الشهير: ''لمن يهاجموننا, يجب أن تعرفوا أن رعاية الشباب لم تتخذ هذا القرار بمعزل عن مؤسسات المجتمع الأخرى''. فهدأ المعارضون فجأة. العطار وشهرخاني لم تنجزا شيئا في الأولمبياد, ومرتا مرور العابرين بالنسبة للآخرين, ورغم تمسكهما بالحجاب السعودي, إلا أن المشاركة في حد ذاتها أحدثت دويا هائلا في المجتمع كله لا في الرياضة فقط, وفتحت بابا لكل قريناتهما في المستقبل للمشاركة في الرياضات التي تسمح بها الثقافة السعودية, مثل الفروسية والرماية ومسابقات العدو. لم تنجز الرياضة السعودية في 2012, ما يسمح بالفخر وبز الآخرين, لكنها عرفت طريقها أخيرا في ثلاثة مآزق كانت تعانيها, وأحدثت تأثيرا بالغا في المجتمع الكبير, ومهدت بعبور هذه المآزق, إلى استشراف مستقبل واعد, وإنا لمنتظرون.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها