Author

استعذابُ الخديعة !!

|
في حياتنا، تحور أسلوب خداع النفس من حالة إلى ظاهرة، الأمر الذي يبدو جلياً ونحن نتعامل مع المبادئ والقيم بوجهين متناقضين، الأول: ونحن نتحدث عنها في منتدياتنا الفكرية والثقافية بشكل مفرط في المثالية والشفافية والنزاهة، والآخر: حين نمارسها سلوكاً في واقع حياتنا بشكل مفجع من الأثرة والإهمال والاستهتار!. نعم، إنَّ كثيراً منا يتوهم في مواضع كثيرة بأنه غير مَعْـنىٌ بتطبيق القيمة التي يتحدث عنها، أو أنه قد وصل إلى القمة في ترجمتها إلى أفعال، ومن ثم فلا مانع من أن يتقمص دور المرشد الذي يتأسى لما آلت إليه أخلاق الناس وتدنت إليه أحوالهم، ويتناسى أنه واحداً منهم، يعانى من كل أو بعض الذي منه يعانون، وأنه شريك في صنع هذا الواقع الكئيب وإن اختلفت النسبة، وعليه أن يُقَوِّمَ نفسه - أولاً - قبل أن يسعى نحو تقويم الغير، كي لا تفقد المعاني الجميلة هيبتها وقيمتها جراء سجنها في قوالب منظومة من الحروف والكلمات المُنمقة!. وإجلاءً لتلك الحقيقة المُرّة أطلب جواباً بـ « نعم » أو بـ « لا » عن تلكم الأسئلة.. - هل نملك ثقافة مواجهة النفس بعيوبها، وردِّها إلى الصحيح من القول والفعل، متى تبين لنا ذلك دون مكابرة ولا نكران؟!. - وهل نملك نفس الجدية والحسم في مواجهة نقائص الذات كما نملكها تجاه عيوب الآخرين في مواقفنا المختلفة؟!. - وهل توازنت أقوالنا مع أفعالنا، ونحن نعدد سلبيات المجتمع، بمعنى أن يكون الناقد صورة صادقة لما يدعو إليه؟!. الحقيقة.. نحن أمام تفنيد عيوب الآخرين جهابذة، وأمام تفنيد عيوب النفس تلامذة، وعليه فلن يتغير شيء ما دام كل منا يرى أنه على الصواب المُطلق، وأن ما سواه على الخطأ المطلق، لأن المجتمع سيتحول حينئذ إلى فرق من النقاد ينقد بعضها بعضاً بلا تعقل ولا حكمة ولا روية، والظاهرة الكلامية التي لا يبني عليها أثر هي الدوامة التي ستبتلع الجميع!. شيء آخر جدير بالذكر وهو أن ردود أفعالنا تجاه القضية الواحدة ذات الحيثيات الواحدة تتغير بتغير الأشخاص المتصلين بها، فإذا كنتَ أنت أو فريقك المُدان فيها، التمست العذر وخففت الحكم وسُقت الأسانيد والمبررات، وإن كان غيرك هو المُدان تشنجت وتشددت وقسوت، في مشهد يفضح ممارسة العدالة بعدة وجوه!. إنّ الله مطلع بقدرته على أعمال القلوب والضمائر، ويقيني أنه لا يوفق أحداً مارس الفصل بين القول والفعل، أو مارس المراوغة والتبرير والتمرير في قضايا الحق والعدل، أو مارس تحوير المواقف أمام الثوابت والمبادئ.
إنشرها