Author

إلى روح مُنى المطيري

|
''يا ربي إني خائفة من أمورٍ أنت أعلم بها فاجعلْ الطمأنينة تسري بجسدي، وأتمّ أموري بتوفيقك لي، وكُنْ معي يا حيّ يا قيوم''. كانت تلك الجملة حسبما قرأت بجريدة ''الوطن'' آخر ما كتبته الفتاة ''مُنى المطيري'' وهي متوجهة بطريقها إلى جامعتها من الأرطاوية للمجمعة.. وكتب الله لها الوفاة - بل الشهادة إن شاء الله - في الطريق، السبب؟ كالعادة، حافلة النقل اصطدمت بشاحنة. أما زميلاتُها فقد نُقلن لمستشفياتٍ بالمجمعة والأرطاوية، حيث اكتُشف نقصٌ مخلٌ بالتجهيزات، فنقلت المصابات إلى المستشفيات في الرياض، لذا نحذّر: على مَنْ يرتكب حادثاً ألا يذهب بعيداً عن الرياض التي يوجد بها أفضل المستشفيات. التفرقة ليست فقط بالطائفة والمحتد والقبيلة.. تطورت للمدن. وكأن مريض المدن الكبرى أسمى تركيباً وأرفع نفعاً من باقي الناس في الأطراف والمدن المغمورة. الفتاة التي سلمت نفسها لربها قبل أن تذهب برحلتها الأخيرة، أطلقت بوقاً يُوقظ النيام تحت طبقات الأرض. نقلُ الفتيات والمدرسات فخاخٌ للموت إلى متى؟ بعد رحيل ابنتنا ''مُنى المطيري'' لا بد أن تطالب الأمة بكلمة حول نقل الفتيات والمدرسات، وحول أوضاع المستشفيات الطرفية: كفى! - وفي الدمام ذكرت جريدة ''اليوم'' وتدولت القصة بمدينة الدمام، مدرسة ثانوية للبنات يشتعل ماس كهربائي كبير للمرة الثانية توالياً في بحر أسبوع، وينتشر الروع للمرة الثانية، وتخرج البنات في الشوارع، وينقلن للمستشفيات مَن هُنّ مصابات بالروع والقلب والسكري بسيارات إسعاف، والجيران يتفازعون لإيواء البنات أو إرسال العباءات لهن.. ثم منظر يدمي القلب، والأمهات بفزع كظيم يجرين هلعاً يصرخن بأسماء بناتهن، وأب يبكي يهاتف ابنته ولا تجيب ويصرخ ولا تجيب ولا يعلم أين هي، للمرة الثانية في أسبوع. ثم يتواصل صورة طبق الأصل الفزعُ في مدرسة بناتٍ في الأحساء. يا جماعة، يا مَن تديرون مدارس البنات ألا تعلمون شيئاً مهماً، بل أكبر وأعمق من مهم: الأهالي، الآباء والأمهات، سلموكم أغلى ما يملكون فلذات أكبادهم ثقة بكم وبأنكم ستعلمونهن العلم، لا دروس الخوف والروع.. هل ينقص تعليمنا ذلك؟ أين الإحساس؟ أين الحياء؟ عيب، جريمة صريحة، الإهمال الصياني المتفشّي، والله حرام، احذروا من عقاب الله بتعريض الأرواح للخطر.. ألا تعرفون أن تصونوا سِلكا؟ ألهذه المرحلة تردّينا؟ ألا تعرفون ألف باء الصيانة؟ أرسلت لي صورة وأنا متردّد في النشر بالمواقع التواصلية ليس حماية لمسؤولي المدارس ولكن خجلاً من أن يتندر علينا الناس، مع أن واجبي نشر الصورة بعد أن تحققت، مكيف على الأرض بمدرسة موصول بأسلاك أين؟ في بحيرة مياه.. تصوروا لو وطئت عليه قدم! أي طفل سيخبرك أن الماء موصل مثالي لتيار الكهرباء. طيب، أين الملايين المملينة للصيانة؟ لمَ تبقى مدارسُ أرامكو عشرات السنين وكأنها بُنيت قبل ساعة؟ أقول حتى يثبت العكس: مات الضمير! - لنخرج قليلا عن الموضوع المؤلم إلى موضوعٍ جدَلي، ونعود لصديقنا العزيز وزير العمل، لقد راجت بالصحف اليوم وبالأمس عناوين بأن بعض أعضاء الشورى الذين دعاهم الوزير للعشاء رفضوا الدعوة، والحقيقة ليست كذلك، هم لم يرفضوها، إنما لم تكن مناسبة. في العُرف البرلماني لا يجب أن يُناقش موضوع انتهى ونُفذ مع الجهة صاحبة الموضوع ولا في السائغ المنطقي. كان الأعضاءُ هم من سيعشّي الوزيرَ لو طلب منهم نقاش المشروع وهو قيد الدراسة أو أحالته لهم بالطرق العادية.. إنه قرار أخِذ عمداً بعيداً عن الشورى، هل هذا نظامي أم لا؟ لا أحكم. ولكن بالنسبة لمجلس الشورى كان يجب أن يطالب بحقه في إحالة الأمور إليه.. إن قراراتٍ كبيرة تخرج دون أن يعلم عنها المجلس ولا يشارك في نقاشها يُضعف موقف المجلس أمام الناس.. وهذا ما يحدث. لم يرفض الأعضاءُ العشاءَ لو كان مجرّد عشاء، ولكن لا يُحضَر أحدٌ لقرارٍ أُخِذ ونُفِّذ للاستشارة، بل لمحاولة الإقناع بذاك القرار.. وشتان. سبق السيفُ العذل!
إنشرها