Author

الاستيراد القذر المرخص

|
عندما تستورد سلع رديئة ومغشوشة لبلادنا، فإنها لم تأت من تلقاء نفسها، بل جاءت من خلف ظهر تهاون، وتسامح إداري قام بتسهيل الرخص، وسهل العبور الجمركي، ليسمح بدخولها، فالنفوذ التجاري على دوائر الحكومة هو ما يفتح الباب على مصراعيه للغش، والسلع الرديئة، والضارة دون أن تمنع قبل استيرادها، أو خارج الحدود. من أجل سوق سليم من الغش والتقليد لا بد من إنهاء النفوذ التجاري على مفاصل الإدارة الحكومية فرداءة السلع توهن اقتصادنا، وتفسد سلع أسواقنا، وتجعلنا لا نجد السلعة الصحيحة بيسر، وإن وجدنا سلعة جيدة تكون بأضعاف سعرها لتصمد أمام منافسة شرسة للسلع المغشوشة، والرديئة. عندما يمرر تجارنا السلع الرديئة والمغشوشة يتيحون الفرصة لخسائر فادحة من الناتج القومي في أجهزة وأغذية، وأدوية، تكون ضارة وملوثة للبيئة، ومضرة بالصحة العامة وقبل كل شيء ضياع في حقوق المواطن، وسرقة لماله. نحن لا يخفى علينا تغاضي وزارة التجارة، والغرف التجارية عن التجار وغض الطرف عن أعمالهم السيئة خوفا منهم، أو خوفا عليهم، لكننا نستغرب أن تشترك مؤسسات حكومية كالمواصفات والمقاييس، وهيئة الغذاء والدواء والجمارك التي تفسح السلع، أقول كيف تشترك كلها في تمرير ضرر الاقتصاد المحلي يجعلنا الدولة الأولى في سلع لا تساوي قيمتها. تعالوا نسمي الجهات الأخرى التي تغض الطرف إنها رقابة الصحة، ورقابة البلديات، وقد أخبرني صيدلي عندما كنت أقلب دواء أنني محق في تفحصه لأنه يوجد منه نوع مغشوش، وأخبرني أن هناك صناعة تزييف أدوية محلية لا تستطيع فرزها من الأصلي إلا بنقاء اللون. الاستيراد والغش المحلي مشكلة متفاقمة كتبت فيها قبل ثلاثين عاما، واكتب عنها اليوم، وكأنني أعيد مقال من التاريخ، والسؤال الملح: من وراء تفاقم الغش؟ يسهل عمل التجار، ويسهل التوزيع بواسطة موزعين أجانب دون رقابة. عندما ندق ناقوس الخطر لسنين حول استيراد السلع المغشوشة، والضارة .. يقال لنا المهم وعي المواطن، ونقول تتبعوا الاستيراد ومن يسمح له فإننا نشم رائحة غير مرغوبة في تجارتنا السعودية، ولا بد من تتبع بوابات دخول هذه السلع فهي ليست نادرة ولا قليلة بل تملأ واجهات المحال، ومخازن الأدوية والأغذية فهل على المواطن اقتحام هذه الأماكن للتفتيش، هنا الدور يكون دور الجهات الحكومية المسؤولة، ومنها هيئة مكافحة الفساد للتعرف على من يمرر هذه السلع من بوابات ودوائر الحكومة.
إنشرها