Author

ساعات العمل.. وساعات الملل

|
قيمة الإنسان هي ما يعمله.. فإذا لم يعمل شيئاً فهو زائد على الحاجة.. أي لا لزوم له، ولكن نحن في "السعودية" نعمل ضد منطق الأشياء.. وضد حركة التاريخ.. وضد مصلحة الإنسان العامل.. خاصة المرأة.. نحن ندفع الإنسان في بلادنا - خاصة المرأة - إلى الكسل والتراخي وساعات الفراغ والملل، حيث تتكاثر الأفكار السوداء.. والأعمال السوداء أيضاً.. مثلاً جاء في "الاقتصادية" بتاريخ 26/11/2012م على لسان الدكتور "فهد التخيفي" وكيل وزارة العمل والعمال المساعد للتطوير، والمشرف العام على برنامج عمل المرأة أنه "تم الرفع للمقام السامي لتعديل ساعات العمل في المراكز التجارية، والواقع على الأرض يؤكد أن تقييد ساعات التسوق يقود إلى انخفاض الربحية، وخروج أصحاب المحال الصغيرة من السوق، ويقلل فرص عمل المرأة، والرجل في الوقت نفسه، ويعتبر هذا القرار إذا صدر - لا قدر الله - خنقا للمحال التجارية، أيا كان نشاطها، وخنقاً للمطاعم، للمقاهي، للناس، إن أي قرار أو توصية أو قضية لا بد أن تكون لمنفعة الناس .. فهل هذا القرار لمنفعة الناس؟! فإذا لم يكن كذلك فلمنفعة مَن إذن؟! إن أصحاب المراكز التجارية وأصحاب المحال، والمطاعم والمقاهي سوف يشكون لطوب الأرض لو أخذ بتوصية وزارة العمل والعمال، بتعديل ساعات العمل في المراكز التجارية. قبل فترة وجيزة، أخذ مجلس الشورى الموقر توصية مماثلة بإغلاق المحال التجارية في العاشرة مساء، وقامت في حينها لجنة المطاعم والمقاهي بغرفة "جدة" وأبدت استياءها من توصية مجلس الشورى بإغلاق المحال التجارية في العاشرة ليلاً.. مؤكدين أثره السلبي في الاستثمار السياحي.. وطالبوا غرفة "جدة" بالتصدي لهذا القرار وانعكاساته والأضرار التي تصيب هذه القطاعات.. ولقد قامت اللجنة بعمل مسح ميداني على مطاعم ومقاهي مدينة "جدة" واتضح أن أكثر من 60 في المائة من دخل هذه الأنشطة يأتي بعد العاشرة مساء.. فطبيعة مدينة "جدة" السياحية، والعادات الاجتماعية لسكانها جعلتا معظم العائلات تتنزه بعد التاسعة مساء. نعلم جميعاً أن بعض الدول مثل "إسبانيا" و"فرنسا" و"إيطاليا" بل أغلب دول العالم تعتمد على الدخل السياحي في حسابات الدخل القومي .. وحسابيّاً فإن اثنين من السياح يقومان بالإنفاق على المواطن الإسباني.. وبهذا يكون عدد السياح في "إسبانيا" ضعف عدد السكان. وحسابيّاً أيضا فإن الدخل السياحي عندنا منخفض جداً، ومطلوب مضاعفته، وهذا يتطلب أن يكون هناك تطوير لصناعة السياحة ودعمها.. وليس ضربها وخنقها وقتلها.. وهذا الكلام كله ينصب على البعد الاقتصادي للقرار.. هناك البعد الاجتماعي أيضاً أي حرية الناس في تدبير شؤون حياتهم.. وهناك الفروقات المعروفة بين مدينة وأخرى في المملكة "جدة غير"، و"تبوك غير" على سبيل المثال بالنسبة لعادات المجتمع، وطرق التسوق" وحالة الطقس المختلف بين مدينة وأخرى من مدن المملكة. لقد كتبت قبلاً، وأكتب الآن، وسأكتب في المستقبل.. من أجل مصلحة هذا الوطن، ومصلحة مواطنيه من فضلكم ارفعوا أيديكم عن عادات وتقاليد كل مدينة في المملكة، لكل مدينة خصوصيتها في التسوق.
إنشرها