Author

بروليتاريا منصور

|
في السنوات العشر الماضية، كان الهلال والاتحاد هما ريال مدريد وبرشلونة الكرة السعودية، مع اختلاف القوى الفنية طبعا. حوّل الزعيم والعميد لقاءاتهما محليا وآسيويا إلى حدث مرتقب ينتظره كل محبي المدورة، وطمس الفريقان بسطوتهما في مدينتيهما والدوري المحلي كل مواجهات الديربي، بعد أن أحكما قبضتيهما على ديربي المدينتين ونقلا المنافسة إلى خارج حدودهما. عدا عامين فقط تداخل فيهما الشباب، كان لقب الدوري السعودي يذهب إلى أحدهما ومن فك الآخر نفسه، وأصبح الكلاسيكو هو العنوان الحقيقي لدورينا. صراع الاتحاد والهلال لم يكتف بأحداث الملعب فقط، بل تجاوز حدود المعشب الأخضر إلى الصفقات، نجح أصفر جدة في الفوز بأغلبها، حين حول العويران والدوخي من أزرقين إلى أصفرين، وفاز الأزرق في سباق ياسر القحطاني، ولا تعرف الأحداث الرياضية اتحاديا دافع عن ألوان الهلال وفي ذلك كثير من الاستفهامات والاستنتاجات والحديث. أظن ألا أحد في الكرة السعودية يوازي قوة الهلال المالية والاجتماعية، فهو الرقم الثابت في كل سنوات التنافس، كَفَلَ هذا للأزرق تعدد منابع الرأي والمال فيه، وشعبيته الطاغية، وآلته الإعلامية، وقدرته على التحدي دائما حتى باتت ثقافة هلالية تصهر بسرعة كل القادمين الجدد المنتمين له، إلى أن ظهر في الساحة الملياردير منصور البلوي، فلم يكتف بالتنافس داخل الملعب، بل سعى إلى تحقيق توازن القوى كلها بين الناديين جماهيريا، ماليا، إعلاميا، ونجح إلى حد كبير لكنه لم ينتبه إلى أن سر استمرارية الهلال هي في وجود مجلس شرفي قوي جدا، يحول العمل من فردي إلى جماعي، لا يسقط بغياب أحد. في البيت الأزرق هناك بروتوكولات غير مكتوبة، هي أشبه بالعقيدة التي لا تكسر ولا تسقط، وقد لا يعلم كثيرون في الوسط الرياضي أن أصوات شرفيي الهلال تتصاعد وتعلو في نقاشاتهم، وأن الاختلافات في الرأي تشتعل، لكنها لا تمس الثوابت في العقيدة الزرقاء، وهذا ما لا يحدث في أغلب الأندية الأخرى، التي يعرف الإعلام ما دار فيها قبل أن ينفض المجتمعون إلى سياراتهم. غاب البلوي عن سماء الاتحاد، وبقي الأصفر يقتات على ما تبقى مما زرعه الملياردير المعزول، دون إضافات جديدة، ومؤكد أن أي مخزون سينفد ما لم يغذ بالجديد. رغم محاولات خالد المرزوقي، لتشكيل ثقافة اتحادية جديدة إلا أنه اصطدم بتركة ثقيلة كان محورها الرئيس المال وقد غاب، واصطدم بوجود ثقافة مترسخة في الناس والكيان حولت غالبية المنتمين له إلى أعضاء في بروليتاريا منصور. اليوم يعود جيل جديد من الاتحاديين الإداريين يحاول تأسيس أصفر جديد، لا يتخلى عن التحدي، ويفتقد المال، ويواجه جبهات داخلية متعددة منقسمة قبل الخارجية، إذا آمن هؤلاء بقدراتهم، ووثقوا بمهاراتهم القيادية، ووجدوا صبرا في المدرج ربما يعودون بأصفرهم، لكن المشكلة أن الاتحاد كلما لملم أطرافه للنهوض، عاد طيف منصور البلوي يتراءى في خيالات محبيه وأنصاره ومناوئيه أيضا، فتعود العربة الصفراء إلى نقطة البداية، حتى أصبح البلوي نفسه بعبعا للاتحاديين قبل أن يكون لخصومهم كما يرددون. لن يستطيع الاتحاد الانفكاك من شبح اتحاد البلوي ما لم يفعل منصور نفسه شيئا في هذا الاتجاه، فبيده الحل والعقد، ولا ألوم المشجعين البسطاء على تعلقهم بالقائد الغائب، فالنفس البشرية مجبولة على حب من يهبها السعادة، والرجل كان بشيرهم في هذا. اليوم يلتقي العملاقان، الهلال هو الهلال، والاتحاد يتلمس طريقه للاتحاد، ورائحة البلوي بدأت تنتشر في آفاقه، فهل يكون لها مفعول السحر في أوصاله الممزقة؟ لن ننتظر كثيرا لنعرف.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها