منوعات

قرية الفاو الأثرية.. شاهد على حضارة عريقة لدولة «كندة»

قرية الفاو الأثرية.. شاهد على حضارة عريقة لدولة «كندة»

تعد قرية الفاو الأثرية من أكبر وأشهر المناطق الأثرية على مستوى المملكة العربية السعودية، حيث تزخر بمعالم ومقتنيات أثرية مهمة تُحدثنا عن الحضارة العريقة لدولة "كندة" وكيف كانت البيوت والأسواق والمتاجر ونظام الأمن، كما تخبرنا عن ثقافة سكان القرية وأنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية. ونظراً للأهمية التاريخية والحضارية الكبيرة لقرية الفاو، وسعياً إلى تأهيلها ومن ثم فتحها أمام الزوار، وقع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ومعالي الدكتور بدران بن عبد الرحمن العمر مدير جامعة الملك سعود، مذكرة تعاون بين الهيئة والجامعة لتأهيل موقع الفاو الأثري. وسيتولى الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الأنصاري عالم الآثار، الإشراف على فريق العمل الذي سيعمل في الموقع، خصوصاً أنه تولى الإشراف على أعمال التنقيب في الموقع منذ أكثر من أربعين سنة. وأكد الأنصاري أننا سنعود إلى الفاو مرة أخرى بدعم من سمو الأمير سلطان بن سلمان الذي كان حريصاً على استمرار أعمال التنقيب في الموقع وتأهيله ليتمكن السياح من زيارته حتى يروا الحضارة العريقة التي كانت في هذا المكان، والجهد الذي بذل خلال السنوات الطويلة الماضية. وقال الأنصاري: "قرية الفاو بالنسبة لي الزوجة الثانية، فزوجتي كانت تغير من الفاو لأنني كنت أغيب فيها شهوراً طويلة للتنقيب في الموقع، وكم كنا نسعد ونفرح عندما نعثر على قطع أثرية في الموقع، كما كنا نأتي بالطلاب إلى الموقع لندربهم على التنقيب". وعن مذكرة التعاون بين الهيئة وجامعة الملك سعود، قال الأنصاري: إن الجامعة أنفقت ملايين الريالات في التنقيبات الأثرية في الموقع، وكان من المهم أن تعود مرة أخرى لتعمل في الفاو خلال هذه المرحلة التي ستعيد للفاو دورها القيادي بالنسبة للتنقيبات الأثرية. وقد بدأت الأنظار تتجه نحو قرية الفاو كموقع أثري منذ عام 1940م من جانب بعض موظفي شركة أرامكو السعودية، ثم تلا ذلك رحلات واستطلاعات علمية قام بها عبدالله فلبي وبعض علماء الآثار الأجانب، وكان ما كتبوه عنها النواة الأولى بيد جامعة الملك سعود في الرياض التي قامت برحلات متتابعة بدأت برحلة استطلاعية عام 1971م، ثم بدأت أعمال التنقيب فيها منذ عام 1972م. وتنبع أهمية قرية الفاو من أنها تسيطر على الطريق التجاري، حيث لا تستطيع القوافل أن تسير دون المرور بها، إذ كانت نقطة عبور للقوافل إلى محطة تجارية مهمة على الطريق التجاري الممتد من جنوب الجزيرة العربية والمتجه شمال شرق إلى الخليج العربي وبلاد الرافدين وشمال غرب الحجاز وبلاد الشام إلى أن أصبحت مركزاً اقتصادياً وسياسياً وثقافياً في وسط الجزيرة العربية، وعاصمة لدولة كندة لأكثر من خمسة قرون. وكانت "الفاو" مدينة تجارية مفتوحة للقوافل التجارية الآتية من الممالك العربية المختلفة، فهي محمية طبيعية حيث تشكل المظاهر الجغرافية المحيطة بها وقاية طبيعية لها كجبل طويق من الشرق، كما بنى سكان القرية بوابات في الجهات الشمالية والغربية والجنوبية، واستخدم السكان في حروبهم الخيل كما يظهر في اللوحات الجدارية وبعض المجسمات النحاسية، وفي دفاعهم استخدموا الرماح والنبال والسيوف. وتمتاز "الفاو" بوجود كم وافر من الآثار والتحف والأبراج والميادين والأسواق التجارية، وعرف أهلها الزراعة حيث عثر في القرية على عدد كبير من آبار المياه، وتم إحصاء 17 بئراً ضخماً، كما أنها تقع على وادي يفيض بين مدة وأخرى، وحفروا الآبار الواسعة وشقوا القنوات وزرعوا النخيل والكروم وبعض أنواع اللبان والحبوب، كما استعملوا جذوع الأشجار والنخيل في تسقيف منازلهم، والأخشاب المحلية والمستوردة لأبوابهم ونوافذهم، واهتموا بالثروة الحيوانية ومنها الجمال والأبقار والماعز والضأن والغزلان والوعول. وعرفت قرية "الفاو" فناً معمارياً متميزاً من حيث مواد البناء وهندسة العمارة وتبليط المباني وزخرفتها من الداخل والخارج وذلك فيما اكتشف من عمارة السوق والقصر والمنطقة السكنية في القرية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات