ماذا فعل أبا حسين في الأمريكي ؟

ماذا فعل أبا حسين في الأمريكي ؟

هل كانت إعادة انتخاب أوباما لفترة رئاسية ثانية متوقع؟ مالذي ساهم في ترجيح كفة أوباما ضد منافسه الجمهوري؟ ما هي هذه الأرقام التي ساهمت في انتخاب أوباما لفترة ثانية؟ وهل تكذب الأرقام؟
دعونا نراجع بعض المؤشرات الاقتصادية للولايات المتحدة عندما أستلم أوباما الرئاسة مطلع 2009 ومقارنتها بما وصلت إليه بعد 4 سنوات قبيل انتخابات 2012.
استلم أوباما البلاد وهي تعاني من تبعات الدخول في حربين مباشرتين في العراق وأفغانستان، وعصفت الأزمة الاقتصادية برياحها وانهارت أعرق الشركات الأمريكية مثل بنك "ليمن برذرز" وشركة السيارات "جنرال موتورز" وخسرت أمريكا أربعة ملايين وظيفة في أول سنة من تولي أوباما للرئاسة! ولمعرفة ضخامة هذا الرقم، فجميع السعوديين العاملين في القطاع الخاص يبلغ عددهم قرابة 900 ألف موظف.
سيطر أوباما على هذا النزيف وقلب الوضع رأساً على عقب وأصبح الاقتصاد يضيف ما بين 100 إلى 200 ألف وظيفة شهرياً. فيما كانت نسبة البطالة 7.8% وقد أنهى سنواته الأربع الأولى، وهي عند نفس المستوى. المحافظة على النسبة يعتبر إنجاز إذا ما علمنا أن عدد الموظفين الجدد الذين يدخلون سوق العمل الأمريكي يزيد عن 100 ألف شهرياً، مما يعني أن توفير هذا العدد شهرياً لن يقلل من نسبة البطالة وإنما سيحافظ عليها من الارتفاع ولكي نثبت هذا النجاح فلا بد لنا من وضع وضع الاقتصاد العالمي في الاعتبار، ففي نفس الفترة ارتفعت نسبة البطالة في إسبانيا من 16.7% إلى 24% وفي إيطاليا من 7.5% إلى 9.1% وفي فرنسا من 8.9% إلى 10% وفي بريطانيا من 7% إلى 8.3%.
كما واجه أوباما صعوبة شديدة في حل مشكلة سوق العقار الذي بدأ في التعافي بصعوبة، فمتوسط سعر الوحدة العقارية كان 175 ألف دولار في مطلع 2009 ولكنه استمر في الهبوط ولم يرتد للارتفاع إلا في آخر ثلاثة أشهر من انتهاء فترته الرئاسية الأولى. ملف العقار مازال مأساة حقيقة حيث أن 3 مليون أمريكي خسروا منازلهم لتعثرهم في سداد أقساطهم للبنوك خلال فترته الرئاسية الأولى، ولكن في المقابل شهد سوق الأسهم الأمريكي صحوة حقيقة أنعشت الدورة الاقتصادية فمؤشر (S&P 500) الذي يضم أكبر الشركات التي تمثل الاقتصاد الأمريكي ارتفع من 931 نقطة وهو المستوى الذي كان عليه عند بداية رئاسته إلى 1414 نقطة قبل الانتخابات الثانية.
هذه الأرقام أثرت بشكل مباشر على مؤشر ثقة المستهلك الذي سجل إنخفاض بمقدار 1.7% في أول 6 أشهر من توليه، ولكنه ارتفع بعدها ولم يهبط حتى وقت كتابة هذا المقال. كما أن معدلات التضخم استمرت في حدود 2% وهو شي جيد إذا ما قارناه بالتضخم في منطقة اليورو والذي بلغ 2.5% أو السعودية والبرازيل والذي تجاوز 5% أو الهند الذي قارب من 10%.
يؤخذ على أوباما إرتفاع عجز الموازنة وارتفاع الدين العام لمستوى تاريخي. فالدين العام ارتفع من 10.7$ تريليون إلى 16$ تريليون وهي نتيجة طبيعية لسياسة أوباما التي استمرت في الإنفاق لإنعاش وتحفيز الاقتصاد. فالإنفاق الحكومي استمر بمعدل 3.5$ تريليون سنوياً مما تسبب - بشكل مباشر - في عجز للموازنة بأكثر من 1.3$ تريليون سنوياً. فيما الدين العام والبالغ 16$ تريليون يظل مصدر قلق يجب السيطرة عليه فالعمولات التي تدفعها أمريكا على هذا الدين تبلغ 450$ مليار دولار سنوياً! على الرغم من ضخامة الرقم فإنه لا يمثل سوى 3% من الناتج المحلي السنوي. يجدر الذكر أن الاقتصاد الأمريكي مازال الأكبر عالميا بحجم 15.7 تريليون دولار في السنة وبفرق كبير عن الصين التي تأتي في المركز الثاني بحجم 8.3 تريليون واليابان التي تأتي في المركز الثالث بحجم 6 تريليون ولكن معدلات النمو في الصين ستشكل تهديدا حقيقيا للولايات المتحدة الأمريكية في الخمس سنوات القادمة.
أرقام كبيرة دون أدنى شك استفاد منها المواطن الأمريكي، في أشكال عديدة كان أهما خفض الضرائب وزيادة فوائد برامج مساعدة العاطلين ودعم المشاريع الحكومية لاستيعاب موظفين جدد وتطوير قطاع الصحة وزيادة ميزانية الدفاع.
كل شيء في أمريكا يتمركز حول الاقتصاد، وأوباما هو رجل المرحلة ورغم الأداء المتوسط في فترته الأولى استطاع إيصال صوته من خلال هذه الأرقام التي لا تكذب والتي خولته لجمع أصوات الناخبين للمرة الثانية.
الوضع الاقتصادي المحلي والخارجي صعب للغاية، والديمقراطي أوباما يقف أمام الكونجرس (الذي يسيطر عليه الجمهوريين) في اختبار حقيقي لتجديد قوانين الإعفاءات الضريبية التي أقرت في عهد بوش الابن وقام أوباما بتجديدها خلال فترته الأولى، ولكنه الآن يريد تخفيض الضريبة على الشريحة المتوسطة ورفعها على أصحاب الدخل العالي بشكل أكبر. مما خلق شعورا بالخوف داخل الأوساط الأمريكية من حصول انهيار مالي "Fiscal Cliff" وذلك في حال تعثر الوصول لاتفاق بين أوباما والكونجرس.
هل سيستطيع أوباما تحقيق ذلك دون أن تتخلى أمريكا عن بعض الرفاهية؟ الجواب بالتأكيد ستتم الإجابة عليه في السنوات الأربعة القادمة.

@farooi

الأكثر قراءة