FINANCIAL TIMES

شركات تصنيع السيارات الصينية تستهدف الأسواق الخارجية

شركات تصنيع السيارات الصينية تستهدف الأسواق الخارجية

من المتوقع أن تـُصدر الصين للمرة الأولى مليون سيارة هذا العام. نظراً للمنافسة المتصاعدة التي يواجهها مصنعو السيارات الصينيون والتي تعد الأكبر في العالم، فقد وجدوا أنه من الأسهل أن يذهبوا إلى الخارج ويبيعوا السيارات في أسواق لم يستهدفها الكثيرون مثل إيران والعراق. تباطأت سوق السيارات في الصين إلى جانب الاقتصاد المحلي، وارتفعت مبيعات السيارات 6.9 في المائة فقط هذا العام إلى شهر تشرين الأول (أكتوبر). تضرر مصنعو السيارات المحليون بشدة بعد إلغاء الحوافز الضريبية الحكومية التي كانت في مصلحتهم، مما جعلهم يخسرون نصيبا في هذه السوق لمصلحة منافسيهم في الولايات المتحدة وأوروبا وكوريا. أجبرت شركات تصنيع السيارات في الصين على التخلي عن حصتها في السوق نظراً للنزاع الصيني الياباني حول الجزر وهو ما أفضى إلى مظاهرات عامة ضد السيارات اليابانية. لكن القليل وحسب من حصة السوق هذه كان من نصيب شركات صناعة السيارات الصينية، التي حصلت على أقل من 30 في المائة من السوق من حيث الحجم. وقد كانت ردة فعلهم أن قاموا بضخ صادرات إلى بعض الأسواق غير المرموقة في العالم: أكبر أسواق التصدير التي اتجهت إليها الصين كانت الجزائر والعراق وإيران وروسيا وشيلي. وبنهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر)، تعدت الصادرات الصينية لهذا العام إجمالي الرقم الذي كانت عليه في عام 2011، وارتفعت صادرات سيارات الركاب 43 في المائة عاماً بعد عام في شهر تشرين الأول (أكتوبر) وحده. يقول بيل روسو، رئيس شركة استشارات السيارات، ''سينيرجيستيك''، في بكين والمدير الأسبق لشركة كرايزلر في الصين: ''إنه بحق أمر يتعلق بالطلب الداخلي، ففي الوقت الذي يتباطأ فيه السوق، ينزاح الضغط على موجودات المخازن وصمام الأمان الطبيعي في هذه الحالة هو توجيه السيارات إلى سوق الصادرات''. ويقول نارميتا شو، من شركة ''أي إتش إس أوتوموتيف'' في شنغهاي: ''صادرات السيارات الصينية أصبحت أقوى دافع للنمو بالنسبة لشركات تصنيع السيارات الصينية''، مضيفاً أن ''شركات صناعة السيارات الصينية تتوسع في الأسواق الخارجية التي تكون بصفة عامة غير مستهدفة من شركات صناعة السيارات العالمية، ما يسمح لهم بتحقيق النمو'' وإفراغ الفائض من المخزون. مع بعض الاستثناءات المعتبرة، مثل ''جريت وول موتور''، شركة صينية خاصة معروفة بسياراتها الرياضية، معظم شركات السيارات الصينية تستهدف الأسواق الرخيصة لتقوم بالتصدير لها. ليس لديهم خيار، لأنهم يفتقدون إلى عمل منتجات خارج هذا الجناح. لكنها استراتيجية خطرة، كما يقول ين هوايبين من شركة أي إتش إس أوتوموتيف: ''إذا ما ذهبت إلى الأسواق الخارجية بسعر قليل، فسيكون من الصعب أن تزيد من السعر لاحقاً. إنهم لا يريدون تكرار الخطأ نفسه الذي ارتكبوه في الصين حيث ارتبطت العلامات التجارية المحلية بالأسعار المنخفضة، ووجدوا أنه من الصعب أن ينتقلوا إلى سوق المنتجات المصممة للمستهلكين الأغنياء''. وبعد عقود من التصدير بأسعار رخيصة ومنتجات ذات جودة متدنية – وفضائح عدة تشمل وفيات أو إصابات ناتجة عن تصدير الصين لطعام الحيوانات الأليفة ومعاجين الأسنان ومنتجات أخرى – يواجه المصنعون في عديد من القطاعات المشكلة نفسها: كيفية مكافحة الصورة السيئة للعلامات التجارية الصينية بالخارج. شركة هايير، أحد أكبر مصنعي المستلزمات المنزلية في العالم، حلت تلك المشكلة جزئياً باختيار اسم أقرب إلى الألمانية منه إلى الصينية. لكن هذا لن ينطلي على الجميع. شركة شيري، أكبر الشركات المصدرة بمبيعات أجنبية بلغت 165 ألفا في الأشهر العشر الأول من هذا العام، تقول إن 30 في المائة من مبيعاتها تأتي من الخارج، حيث تباع النماذج قليلة السعر بشكل جيد. شركة جيلي، التي تملك سيارة فولفو وثاني أكبر مصدر هذا العام حتى الآن، أنكرت أن الضغط داخل البلاد يجبرها أن تسعى للأسواق المصدرة، حيث من المتوقع أن تنمو مبيعات جيلي الداخلية 10 في المائة هذا العام. يقول المتحدث باسم الشركة: ''لسنا بحاجة إلى تحويل اهتمامنا إلى الصادرات''. تمثل المبيعات الخارجية خمس إجمالي مبيعات ''جيلي'' في الوقت الحالي، تقول الشركة: ''ستستمر النسبة في النمو حيث إن نمو المبيعات في الخارج سيكون أكبر بكثير مما في البلاد – لا تزال هناك سوق ضخمة في الخارج لنتوسع فيها''. قالت ''جيلي'' مسبقاً إنها تخطط لأن تبيع في الخارج بمقدار البيع داخلياً نفسه. جريت ''وول''، رابع أكبر شركة، وأكثر المصدرين الصينيين المصنعين للمنتجات المصممة للمستهلكين الأغنياء، لديها استراتيجية مختلفة. ''إننا نركز على الكيف أكثر من الكم فيما يتعلق بالأسواق الخارجية''، هذا ما تقوله الشركة، مضيفة أن العديد من منتجات ''جريت وول'' في الخارج أسعارها مشابهة أو قريبة من منتجات غربية ويابانية مشابهة. ''نريد أن نبني صورة عن علامة جريت وول'' التجارية وأن نغير الانطباع في الأسواق الخارجية بأن السيارات الصينية رديئة الجودة ورخيصة السعر''. ومثل ''شيري''، التي بدأت في إنشاء مصنع في البرازيل، تنتج ''جريت وول'' بشكل متزايد سيارات في الخارج للأسواق الأجنبية. من المتوقع أن يكون لدى ''جريت وول'' 24 مصنع إنتاج في الخارج بحلول عام 2015 بسعة 500 ألف وحدة. لكن كلوس بور، رئيس أبحاث السيارات في شركة أيبوسيس يقول إنه فيما يتعلق بالعديد من شركات صناعة السيارات الصينية، فإن التركيز على الصادرات ''ليس استراتيجية مستدامة'' وعليهم التركيز أولاً على تحديات التنافس المتزايد الذي يواجهونه داخلياً. ويقول: ''إذا ما كانوا يبيعون جيداً خارج الصين، فقد يشتتهم هذا عن إصلاح المشكلات التي يلاقونها في السوق الصينية نفسها''. الاصطفاف من أجل السيارات يوم الجمعة، الأول من شهر حزيران (يونيه) هذا العام، كان يوماً تاريخياً لمدينة ساو باولو، أكبر المدن في نصف الكرة الجنوبي، في نحو الساعة السابعة مساءً، حيث كان العمال متجهون إلى منازلهم والأمطار تهطل، سجلت تلك المدينة البرازيلية رقماً قياسياً في مقدار حركة المرور في شوارعها. إجمالاً، سجلت السلطات 295 كيلومترا من الزحام – وهو ما يعادل الاختناق المروري في الطريق من لندن إلى مانشستر في المملكة المتحدة أو من نيويورك إلى بالتيمور في الولايات المتحدة. تسبب زيادة امتلاك السيارات بين الطبقة المتوسطة التي تشهد نمواً كبيراً في التوقف التام للعديد من المدن البرازيلية، لكنه كان مربحا على وجه الخصوص للصينيين الذين قاموا بالاستفادة من هذا الطلب المفاجئ على السيارات الرخيصة. وفي حين أن سعر سيارة فولكس واجن بولو نحو 50 ألف ريال برازيلي (23,900 دولار) في البرازيل، فإن السيارات الصينية المماثلة يمكن أن تكلف نصف هذا المبلغ وهي الاختيار الأشهر لمن يمتلكون السيارات للمرة الأولى الذين يدفعون ما يصل إلى 84 قسطا شهريا. ونتيجة لهذا، تضخمت مبيعات السيارات المصنوعة في الصين في البرازيل من 143 فقط في عام 2007 إلى أكثر من 69 ألفا العام الماضي، طبقاً لرابطة استيراد السيارات البرازيلية، ''أبيفيا''. مع ذلك، فربما سينتهي أمر هذه الفرحة لشركات صناعة السيارات الصينية، والأمر أيضاً بالنسبة لمنافسيهم من كوريا الجنوبية، هذا ما يقوله ريكاردو سترونز، المدير المالي لـ ''أبيفيا''.بعد الوصول إلى الذروة العام الماضي، تراجعت مبيعات السيارات الصينية في البرازيل بنسبة 30 في المائة هذا العام حيث رفعت الحكومة من الضرائب على الواردات لحماية صناعة السيارات المحلية التي تكافح. وبموجب نظام السيارات البرازيلي ما بين عامي 2013-2017، فإن الشركات التي لها مصانع في البرازيل ستعفى بشكل كبير من الضرائب. بدأت ''شيري'' بالفعل في بناء مصنع بقيمة 400 مليون دولار في ولاية ساو باولو، وهو أول مصنع سيارات صيني في البرازيل، والذي من المتوقع أن يبدأ عمله في العام القادم، وأن ينتج ما يصل إلى 170 ألف سيارة سنوياً. كما أنه من المقرر أن تفتتح شركة جاك موتوتورز أول مصنع لها في عام 2014.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES