Author

الفرصة .. أم المال؟

|
في الكرة الأوروبية حيث حرية الانتقالات التي يحميها ويغذيها الفكر الاحترافي الحقيقي والقانون، وتنفذها الأندية بوعي تقوده المصلحة لجميع الأطراف، تكون معايير اللاعبين في الانتقالات خاضعة لأسباب، أولا وثانيا وثالثا اللعب أساسيا، ثم قيمة العقد المالية، ثم البطولات التي سيلعبها الفريق المنتقل إليه اللاعب. يعي اللاعبون هناك، أن ثمة أشياء مهمة في تاريخهم الرياضي، فاللعب في دوري أبطال أوروبا، أو الدوري الإنجليزي ثم الإسباني والإيطالي، لها قيمة توازي المال، ولذلك لا ينجرفون نحو عقود شرق أوسطية مغرية تغيبهم عن المشهد العالمي، فهم في النهاية لاعبون وليسوا رجال أعمال. جميل أن يوفر اللاعب لنفسه وأسرته حياة كريمة، بل مهم جدا، وليس هذا كل شيء إذا ما أخضعنا ذلك لدور اللاعب في الحياة، ودون إغفال معايير أخرى لا تقل أهمية، يصنع فيها اللاعب تاريخا يورثه لأبنائه كما يورث لهم المال. أسوق هذا للاعبينا السعوديين الذين أصبح المال هو معيارهم الأوحد في الموافقة على العقود ورفضها، وأخص بالذكر اللاعبين الذين ينتقلون من أندية متوسطة أو صغيرة ثم يبقون أسرى لمقاعد البدلاء. وأنا هنا أعني تحديدا يوسف السالم هداف الاتفاق، وزميله الموهوب يحيى الشهري، وهداف الفتح ربيع السفياني. الاثنان الأولان، سيشاركان مع فريقهما في دوري الأبطال الموسم المقبل، وهذا له قيمته وإغراؤه الخاص. الاثنان يلعبان أساسيين في فريقهما ومتعة اللعب وقيمته أساسيا لا يعرفها إلا من دفنه النسيان على مقاعد البدلاء. الاثنان وصلا للمنتخب عبر فريقهما الاتفاق رغم أن الأول دافع عن قميصين من قبل ولم يذهب منهما إلى الفريق الوطني. الآخر سفياني، يشبههما كثيرا، يقود فريقه للمنافسة على الدوري، وربما ضمن اللعب في دوري الأبطال الموسم بعد القادم، له هيبته وحضوره في مدرج الأزرق الحساوي، عرف دوليا في الفتح لأنه يلعب باستمرار وضمن مكانا دائما في فريقه، يصنع لنفسه مجدا مختلفا الآن في فريق متوسط الإمكانات، وهذا دليل على توافق الأجواء ومناسبتها للطرفين. أعلم أن الثلاثة قدمت لهم عروض مغرية تستهدف الفوز بخدماتهم مطلع الموسم المقبل، ولا أوصيهم برفضها، لكني أنصح بأن يكون معيارهم الأول البحث عن مكان أساسي في الفرق التي ينتقلون إليها، ولا ينساقون خلف المال فقط، في النهاية أنتم لاعبون، إذا لم تلعبوا أنتم لاشيء. لا أقول للثلاثة وقعوا بريال، لكن احسبوها بطريقة صحيحة، اللعب أساسيا له ثمن، أسقطوه من العقد المقدم من أنديتكم، اللعب في دوري الأبطال له قيمة غير مادية، قدروه ماليا وأسقطوه من العقود المقدمة لكم، ثم قارنوا بين العقدين ووقعوا لمن تتوافر فيه هذه الشروط، ومجددا تذكروا أنكم لاعبو كرة، واصنعوا تاريخكم الرياضي. رابع الثلاثة، هو حسين شيعان حارس الشباب المميز، وفي حالته الوضع مقلوب تماما، حارس ممتاز، في فريق كبير يلعب ضمن دوري الأبطال، لا يلعب أساسيا، أمامه عملاق مثل وليد عبد الله ومنافس شاب قوي مثل زايد، فرص لعبه أساسيا ضعيفة للغاية، والحارس الجيد عملة نادرة في ملاعبنا، ولذلك نصيحتي له: إما أن توقع للشباب وتشترط إعارتك عامين لمن تحدده أنت، أو انتقل وابحث عن فرصة اللعب أساسيا في فريق يحتاجك وما أكثرها. لاعبون كثر انتقلوا من أندية صغيرة لأخرى كبيرة، استمروا في الظل فوق مقاعد البدلاء، معطلين، وعندما منحوا الفرصة مجددا للعب أساسيين بلغوا المنتخب الوطني، بدر النخلي، ربيع سفياني، يوسف السالم، أمثلة حية أمامنا، تؤكد أن اللاعب دون أن يلعب باستمرار ليس شيئا مهما بلغ عقد انتقاله، ابحثوا عن فرص دور أولا، ثم فرص مالية ثانيا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها