Author

«فيفا» لا يمزح

|
يبدو أن المسؤولين في الرياضة السعودية لم يأخذوا تأسيس الجمعية العمومية لاتحاد القدم, والانتقال من التعيين إلى الانتخاب على محمل الجد بعد, ولا ألومهم فالتجربة جديدة تحتاج إلى وقت طويل لتختمر في العقول وتحت قبة البرلمان الرياضي. المشهد الأول ظهر في الإصرار الغريب على تعديل بنود النظام الأساسي للاتحاد والجمعية, رغم إقراره من الاتحاد الدولي لكرة القدم, وعندما تقره مؤسسة الرياضة العالمية فهي لا تمزح, ولا تتعامل مع الأمر روتينا, ولا تتغاضى عن فرض نظامها الصارم في كل مكان يدين لها بالولاية والتبعية. إن كان أعضاء الجمعية العمومية في الاتحاد السعودي المنتخبون والمعينون, يرون في الاشتراطات المطلوبة في الرئيس المقبل جورا وظلما, ويرغبون في تعديلها فهذا حق مشروع, ومطلب حقيقي يشاركهم فيه كثيرون, وحتى يتحقق لا بد أن يمر بالطرق القانونية, وإن بلغت درجات الاتفاق عليه الإجماع التام. المشهد الثاني الذين أظنه بهر مسؤولي ''فيفا'', واغتصب منهم ابتسامات السخرية, هو أن طلب تعديل النظام الأساسي جاء في أول جلسة للجمعية العمومية, هل يعقل هذا؟ أول جلسة برلمانية يطالب فيها المجتمعون بتعديل النظام الذي جاء بهم كلهم, كيف أتيتم إذا؟ وهل نجح أحدكم في الوصول دون أحقية؟ يبدو لي أن هذا ما فهمه ''فيفا'' من الرسالة السعودية التي وقعها الأعضاء وطالبوا فيها بتعديلات أساسية على النظام. الأعضاء المحترمون في الجمعية العمومية, يستمدون شرعيتهم من الدستور الذي صادق عليه ''فيفا'', وتسقط شرعيتهم بسقوط الدستور نفسه, وراعي الدستور أو المحكمة العليا فيه هو ''فيفا'', فكيف يأتي الإخوة الأعضاء الأكارم في أول جلسة يطالبون بتغيير النظام الكامل قبل أن يمارسوا أيا من صلاحياتهم. طلب غريب جدا يعطي انطباعا بأن أفراد الجمعية لم يستوعبوا بعد الانتقال من العشوائية إلى النظام الصارم الدقيق وتحكيم مواد القانون, ويظهر بوضوح أن الجمعية تفتقد قانونيين حقيقيين اختصاصين. رسالة ''فيفا'' الأخيرة التي طلب فيها من اللجنة المؤقتة في الاتحاد السعودي, تأجيل الانتخابات إلى شهر حتى يبحث ويعطي رأيه في التعديلات التي تمت, تشير إلى أن زيوريخ لن تقبل المساس بالنظام الذي أقرته, وتشير أيضا إلى أن التسرع في الخطوات قد يلقي بالرياضة السعودية في نفق مظلم, لا تعرف له نهاية وتتعب في العودة إلى بدايته. أما النظام الأساسي للاتحاد السعودي, الذي صادق عليه ''فيفا'' فيظهر بوضوح أيضا أنه تم تفصيله على أشخاص معينين, متأثرا بفترة زمنية ما, كتب وفُصل فيها, لخدمة رموز ترك المرحلة, وأن سوءته بانت بغيابهم عن المشهد, وثبت الآن أن مواده وضعت لخدمة أسماء ولم توضع لتنفذها أي أسماء. أما والحال كذلك, فإني أقترح على الاتحاد السعودي في زيارة رئيسه الحالي أحمد عيد الأسبوع المقبل إلى زيوريخ أن يطلب إعادة صياغة النظام الأساسي بمشاركة قانونيين من ''فيفا'' نفسه, وحل الجمعية العمومية الحالية, وإعادة انتخاب أعضائها وفق النظام الجديد, والتسريع بكل هذا في فترة زمنية لا تتجاوز العام, وفي ذلك خير للرياضيين ومستقبل الرياضة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها