Author

شركة الكهرباء بين مطرقة الذمم المالية وسندان الخسارات

|
السيولة النقدية، هذا المصطلح الرنان، هل يعرف الجميع أنها سيدة الموقف في حسم الأزمات. وفي رحلة قصيرة داخل هذا المصطلح، فإن أغلب شركات اليوم تتعامل بالدين، بمعنى آخر لو كان لديك شركة أو مؤسسة صغيرة أو متوسطة تعمل مع إحدى الشركات الكبرى في المملكة مثل أرامكو السعودية، أو ''سابك'' ستجد أنها تشترط بصورة عامة أن تدفع ما عليها من مستحقات بعد 30 أو 45 يوماً من تاريخ إصدار قائمة الحساب من داخل النظام، ولو تأخر الموظف في هذه الشركات عن إدخال بيانات القائمة في نظام الشركة فلن تحتسب مدة التأخير من ضمن الـ 30 أو الـ 45 يوماً التي يتم بعدها السداد، وبهذا يؤدي صاحب هذا الكيان المورد لهذه الشركة العملاقة خدمات أخرى عندما يتحول إلى مورد ومقدم تسهيلات مالية، وفي ضوء هذه الحال فإن الشركات التي لا تملك سيولة نقدية، وتكون متوسطة أو صغيرة، ولا تقدم لها البنوك تسهيلات مالية، فإنها لن تعمل في مثل هذا النظام المالي. هناك شركة الكهرباء السعودية، وهي شركة مدرجة في سوق الأسهم السعودية، وليس لها منافس في السوق السعودية بشكل عام، ولكن مع الأسف هذه الشركة لا تحقق تطلعات المستثمرين فيها حتى ضمن أبسط قواعد قياس مستوى كفاءة الاستثمار، أو ما يعرف بالعائد على إجمالي الأصول ROTA. وبشكل بسيط عن عمل هذا المؤشر، لو افترضنا أنك تملك عمارتين، قيمة العمارة رقم واحد عند الشراء مليون ريال، وقيمة العمارة رقم اثنين عند الشراء مليونا ريال، إذن إجمالي الأصول يساوي ثلاثة ملايين ريال، ولو كان لكل عمارة عشر شقق، قيمة إيجار كل شقة 30 ألف ريال، وقمت بتأجير جميع الشقق – عشرين شقة – فإن أجمالي ما ستحصل عليه هو 600 ألف ريال في السنة، وباستخدام مؤشر قياس العائد على إجمالي الأصول سنجد أن العائد يساوي 20 في المائة، وتعتبر قيمة ممتازة في قطاع العقار. لكن تصور أن نصف سكان هذه الشقق لم يدفعوا الإيجار أو أن مكتب تحصيل هذه الإيجارات لم يستطع أن يجمع هذه الإيجارات، فستتحول نسبة العائد إلى عشرة في المائة. بمعنى آخر أنت خسرت عشرة في المائة بسبب أن المستأجرين لم يدفعوا الذمم التي هي لك عليهم، وهذا هو الحال في شركة الكهرباء حسب المنشور بقوائمهم المالية في بند ''ذمم مستهلكي الكهرباء وإيرادات مستحقة'' الموجودة في موقع ''تداول''، حيث إن قائمة الربع الثالث لعام 2009م كان إجمالي هذا البند 12973127 ريالا – آلاف الريالات- وفي الفترة نفسها في عام 2010م كان الإجمالي للبند نفسه هو ١٤٣١٣٨٨٣ ريالا- آلاف الريالات- وفي الفترة نفسها عام ٢٠١١ كان إجمالي هذا البند ١٥٤٨٥٨١٩ ريالا- آلاف الريالات - و في الفترة نفسها لعام ٢٠١٢ كان إجمالي هذا البند ١٦٥١١٣٢١ ريالا – آلاف الريالات-. نلاحظ هناك زيادة في هذا البند في كل سنة، وكلما ارتفعت قيمة هذه المبالغ قلت الإيرادات عند المستثمرين تماما كمثال من يسكن في شقة ولم يدفع الإيجار - لمثال السابق-، وكان البيان الختامي لعام ٢٠١١م أن إجمالي هذه الذمم هو ١٣٣٤٦٠٨١ ريالا – آلاف الريالات – مقسمه على جهات حكومية، التجاري والسكني، ذمم كبار الشخصيات، ''أرامكو السعودية''، ذمم إيصال التيار، المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة. إن تضييع تحصيل هذه المبالغ يؤثر في ربحية الشركة وحقوق المساهمين ولا يختلف المساهمون من حيث الحجم بين من لديه سهم واحد أو من لديه ألف سهم من حيث التأثير، فهل سيبقى الحال ممتدا نحو خسارات مستمرة، أم سنشاهد خلال البيان الختامي لعام ٢٠١٢م في رقم هذا البند أنه سيزيد عما هو عليه؟ أو ربما نرى أسماء جديدة تدخل في قائمة الذمم؟ باختصار: هذه حقوق مساهمين يجب أن نحرص عليها أكثر مما نحرص على أموالنا، فهل من مجيب؟
إنشرها