FINANCIAL TIMES

انخفاض أسعار العقار في لندن يجذب الأموال الآسيوية

انخفاض أسعار العقار في لندن يجذب الأموال الآسيوية

الطلب القوي على العقارات جعل لندن تتجاهل الأزمة الاقتصادية في أوروبا، لكي تصبح أبرز سوق عقارات في العالم، باستحواذها على مبلغ يقدر بـ 13.7 مليار من إجمالي 177 مليار جنيه استرليني تم إنفاقها على المستوى العالمي هذا العام. ويعتبر المبلغ أعلى من المبلغ المستثمر في أي دولة أوروبية، وفقاً لبيانات من ''ريل كابيتال أناليتيكس''. كما يعتبر مساوياً للمبلغ الذي يقدر بـ 14.7 مليار جنيه إسترليني الذي تم إنفاقه ما بين المدينتين المنافستين لها، وهما نيويورك وباريس. ولكن اجتذاب أكبر المدن الأوروبية من حيث التعداد للأموال الآسيوية يحير الكثيرين في قطاع العقارات العالمي. فهم يسألون عن السبب الذي يمنع السيولة النقدية من التدفق إلى مدن أخرى ''آمنة''، في ألمانيا على سبيل المثال، أو هولندا، أو الولايات المتحدة المنتعشة؟ ولماذا لا يتم إنفاق المزيد في مكان أقرب إلى الوطن؟ فقد خصصت أكبر ثلاثة صناديق استثمارية في ماليزيا، على سبيل المثال، 17 في المائة فقط من نفقاتها الخاصّة بالتملك في الخارج لأصول جنوب شرق آسيا في عام 2011. والسبب هو السعر، حيث تعتبر لندن رخيصة. عندما بدأت السوق في التراجع في أواخر عام 2007، بدأت مؤسسات المملكة المتحدة في تقدير محافظ العقارات لديها كل أسبوعين. وكانت الفكرة هي استخدام الشفافية من أجل تخفيف عدم اليقين. وفي الحقيقة، جعلت هذه الممارسة لندن تتعرّض لعملية فحص شرسة امتصت مليارات الجنيهات من السوق. وفي مايلي مزيدا من التفاصيل: أثارت محطة كهرباء باترسي، التي ترتفع فوق الضفة الجنوبية لنهر التايمز، اهتمام سلسلة من مطوري العقارات وأحبطتهم خلال ثلاثين عاما أي منذ أن توقفت عن تقديم الخدمات. وكانت المحطة التي تعمل بطاقة الفحم، والتي تمتلك أربع مداخن مميزة، مسؤولة في وقت من الأوقات عن توليد خمس الطاقة الكهربائية الموجودة في لندن. و هي تمتلك أهمية كبيرة في المخيلة العامة، حيث إنها كانت بمثابة خلفية لفيلم ''تخريب'' للمخرج ألفريد هيتشكوك وكغلاف لألبوم ''أنيمالز'' لفرقة ''بينك فلويد''. ولكن الجهود الإعلامية الواسعة التي سعت إلى تحويلها إلى فندق، وستاد كرة قدم، ومتنزه قد فشلت جميعا. اليوم، مع ذلك، يتراهن جيل جديد من المطورين الماليزيين بمبلغ يبلغ ثمانية مليارات جنيه استرليني على تحويل أكبر مبنى من الطوب في أوروبا إلى تسعة و ثلاثين فدانا من الشقق السكنية، والمتاجر، والمكاتب. وفي إحدى ليالي شهر أيلول (سبتمبر) الباردة، تجمع وفد يضم 160 شخصا من مالكي المبنى الجدد داخل أروقة المبنى المتعفنة لإطلاق المشروع. وتم الحدث بهدوء وعن عمد. وألقى عمدة لندن اللامع، بوريس جونسون، كلمة خفيفة الظل عن القوة التحويلية لأموال الوافدين الجدد بالنسبة للجزء المهمل من جنوب لندن. وتذكر أحد الضيوف قائلا: ''لا يهتم الماليزيون بأن يكونوا براقين. فلم يكن الأمر مثل نظرة إلى هذه الرسومات المعمارية اللطيفة، وتناول بعض المقبلات، وأن تجعل أصابعك تتقاطع. لقد كانت الرسالة هي : نحن موجودون هنا وسنقوم بذلك، والآن دعونا نبدأ في تنفيذ ذلك''. وبالنسبة للماليزيين، هناك أساس سليم لثقتهم، فقد تصدرت الدولة موجة شراء حيث وضعت صناديق الاستثمار الآسيوية، باستثناء الصناديق الهندية، 2.4 مليار جنيه استرليني في وسط لندن هذا العام حتى الآن، وهو ما يساوي تقريبا أربعة أضعاف إجمالي عام 2010. واشتروا سريعا ناطحات سحاب، ومكاتب ''آرت ديكو'' الصحفية، وأراضي تنمية على مشارف المدينة. ومع كونهم مجرد ممثلين في جزء غير مهم من المسرحية منذ عامين تماما، فقد قدم المشترون بما فيهم الحكومة الصينية الدعم المالي لمساعدة الماليزيين المسلمين، باستثناء ما يتعلق بالحج إلى مكة، واضطر ملياردير إندونيسي يعمل في مجال زيت النخيل إلى دفع مال من أجل ربع المعاملات من حيث القيمة في سوق العقارات التجارية في المدينة. الطلب قوي إلى الحد الذي جعل لندن تتجاهل الأزمة الاقتصادية في أوروبا لكي تصبح أبرز سوق عقارات في العالم، مع استحواذها على مبلغ يقدر بـ13.7 مليار جنيه استرليني من إجمالي 177 مليار جنيه استرليني تم إنفاقها على المستوى العالمي هذا العام. ويعتبر المبلغ أعلى من المبلغ المستثمر في أي دولة أوروبية، وفقا لبيانات من ''ريل كابيتال أناليتيكس''. وهو يعتبر مساويا للمبلغ الذي يقدر بـ14.7 مليار جنيه استرليني والذي تم إنفاقه ما بين المدينتين المنافستين لها، وهما نيويورك وباريس. ولكن اجتذاب أكبر المدن الأوروبية من حيث التعداد لدول آسيا التي أصبحت غنية حديثا يحير الكثيرين في قطاع العقارات العالمي. فهم يسألون عن السبب الذي يمنع السيولة النقدية من التدفق إلى مدن أخرى ''آمنة''، في ألمانيا على سبيل المثال، أو هولندا، أو الولايات المتحدة المنتعشة؟ ولماذ لا يتم إنفاق المزيد في مكان أقرب إلى الوطن؟ فقد خصصت أكبر ثلاثة صناديق استثمارية في ماليزيا، على سبيل المثال، 17 في المائة فقط من نفقاتها الخاصة بالتملك في الخارج لأصول جنوب شرق آسيا في عام 2011. والسبب هو السعر، حيث تعتبر لندن رخيصة. عندما بدأت السوق في التراجع في أواخر عام 2007، بدأت مؤسسات المملكة المتحدة في تقدير محافظ العقارات لديها كل أسبوعين. وكانت الفكرة هي استخدام الشفافية من أجل تخفيف عدم اليقين. وفي الحقيقة، جعلت هذه الممارسة لندن تتعرض لعملية فحص شرسة امتصت مليارات الجنيهات من السوق. وخلال عامين بداية من منتصف عام 2007، انهارت قيمة المباني بنسبة 55 في المائة في منطقة ''سيتي أوف لندن'' و بنسبة 57 في المائة في منطقة ''ويست إند''. وقد عانت لندن من انخفاض من الذروة للحضيض أكثر من أي مكان في أوروبا عدا مدينة مدريد. وتم تعويض الانحدار بضعف الجنيه، فقد كان من الممكن أن يشعر مشتر سنغافوري، أو صيني، أو ماليزي لمكاتب لندن بانحدار من الذروة إلى الحضيض بنسبة 70 في المائة تقريبا بمجرد أن تؤخذ مدخرات العملة في الحسبان، وهذا وفقا لبيانات من الهيئة الاستشارية في مجال العقارات، ''جونس لانج لاسيل''. وانحدرت أيضا المنافسة من أجل أفضل الأصول. وفي شهر تشرين الثاني (أكتوبر)، بعد شهر من بدء مشروع ''باترسي''، وصل محللون من بنك كينانجا الاستثماري في ماليزيا إلى لندن لتقييم السوق. وبعد يومين من التجول بين مواقع البناء وقاعات الاجتماعات، استنتج المحللون التالي: '' إن مدينة لندن سوق دائمة الازدهار، ولكن بيئة الإقراض متشددة، مما يجعل الأسعار تفوق قدرة الكثير من السكان المحليين''. ومع ذلك، يوجد أيضا تغير هيكلي أكثر أهمية في الملكية في لندن. وفي سوق المدينة المحلية، كان الملاك في ''حالة خالصة من سحب الاستثمارات'' خلال تسع سنوات من السنوات العشر الماضية. و في عام 2011، وللمرة الأولى، كان معظم سوق عقارات ''سيتي'' مملوكا لكيانات أجنبية. وقد لطفت السياسات من هذا التحول، وقيد الائتلاف الذي يقوده الحزب المحافظ حتى الآن الزيادات في رسوم الدمغة بالنسبة لسوق الإسكان. وإضافة إلى ذلك، فإن لندن متحررة، على الأقل في الحاضر، من عدم اليقين الذي يؤرق منطقة اليورو. ويقول ماثيو ريتشاردز الذي يعمل في شركة جيه إل إل: إن الجاذبية تعود جزئيا إلى العنصر الثقافي. ''هذه الصناديق شبه الحكومية لديها تجمعات ضخمة من الأموال لكي تستخدمها. والكثير من الرفاق الذين يديرون تلك الصناديق تلقوا تعليمهم في المملكة المتحدة، لذا عندما يتم إعطاؤهم الضوء الأخضر للاستثمار في الخارج، ستكون لندن مكان انطلاق واضح''. و يقول إنه خارج تلك الحدود: ''إن معظم هذا الأمر يعود إلى عقلية القطيع، وإذا تمت صفقة أو صفقتان كبيرتان في باريس أو فرانكفورت، سيبدأ المزيد من المال في التدفق نحو هذه الأسواق أيضا''. وحتى الآن، مع ذلك، لم يحدث هذا، فقد ضخت الصناديق الماليزية – وهي الأنشط من بين كل المستثمرين الآسيويين في لندن - مليارا ونصف مليار جنيه استرليني في السوق، مما يمثل ثلاث معاملات من بين الخمس الأكبر في المنطقة خلال الأشهر الاثنى عشر الماضية. وبالمثل، قامت مؤسسة الصين للاستثمار، وهي ذراع بكين الاستثمارية، أخيرا بأول انطلاقاتها في ملكية العقارات في أوروبا، فقامت بشراء مقرات ''سيتي'' التي تقدر بـ245 مليون جنيه استرليني التابعة لبنك دويتشه. ولكن بينما ينجذبون إلى لندن لأسباب متشابهة، تظهر اختلافات لا تعد ولا تحصى في الطريقة التي يعمل بها المستثمرون الآسيويون بمجرد وصولهم. و في عام 2009 دفع صندوق ''خدمة المعاشات القومية'' التابع لكوريا الجنوبية 772.5 مليون جنيه استرليني من أجل مقرات بنك إتش إس بي سي في منطقة كاناري وارف، المنطقة المالية الواقعة شرق ''سيتي''. وانتظرت السوق، متوقعة أن تسير بقية المنطقة على نفس النهج. و لكن لم يحدث شيء لمدة ثلاثة أعوام. وساعد توم ماك كرلي، الذي يعمل في ''جي إم ريل ستيت''، وهي وكالة متخصصة في وسط لندن، المشترين القادمين من جميع أنحاء آسيا على إيجاد العقارات وسط ممرات وساحات منطقة ''سكوير ميل''. وهو يشير إلى أنه بينما قد يكون نوع المبنى - ويكون عادة مكاتب عالية الجودة بعقود إيجار طويلة الأجل- الذي يتم البحث عنه متشابها، قد يختلف النهج بالنسبة لعقد الصفقات على نطاق واسع. ويقول: '' نحن كلاعبين نشطين في هذه السوق، يجب أن نفهم سريعا الفروق الدقيقة بين المستثمرين الآسيويين المختلفين والطريقة التي يقيمون بها التسعير''. ويقول شخص آخر من عملاء لندن: ''إن الماليزيين جيدون كالذهب. فبمجرد اتفاقك على رقم لن يغيروه. ولكني كنت أعقد صفقة مع صندوق كوري أخيرا واستمر السعر في التحرك. وقد استأت للغاية لدرجة أنني لجأت إلى شبكة الإنترنت وبحثت عن كيف تقوم بأعمال مع الكوريين، ووجدت أن هذا النوع كان ممارسة معيارية إلى حد ما''. وهناك، على الرغم من ذلك، عامل واحد يربط بين المشترين المسلمين من ماليزيا وصناديق الثروات السيادية الصينية المتحدة مع الإندونيسيين شديدي الثراء و صناديق المعاشات في سنغافورة، فهم جميعا يقيمون العقارات بشكل مختلف عن المستثمرين في أوروبا والولايات المتحدة. حيث يقيم المشترون الغربيون العقارات من خلال ما يعرف بـ''العائد الإجمالي''، وهو مزيج من الدخل المكتسب من الإيجار والتقدير في القيمة الأساسية للمبنى. ويركز المستثمرون الآسيويون فقط على الدخل المكتسب من الإيجار، مفضلين المباني التي يكون لها مستأجر موثوق وعقد إيجار يمتد لسنوات كثيرة. والفارق الأساسي في التعامل مع التقييم يدعم تحول السلطة في قلب سوق العقارات في لندن. ويقول ريتشارد موضحا: ''المشتري الذي يبحث فقط عن الإيجار يتعامل مع المبنى وكأنه سند يحتفظ به حتى يحين وقت الدفع، وإذا أخذ مشتر غربي نفس المبنى للجنة الائتمان، سيكون أول شيء يرغبون في معرفته هو: ماذا ستكون قيمته بعد خمس سنوات؟'' و يضيف: ''بشكل مبسط، يعني هذا أن مشتري الإيجار قد يتحملون دفع المزيد لأنهم لا يتعين عليهم أن يضعوا في حسبانهم في الرهان أن قيمة الأصول سترتفع''. ومع وجود مستويات كثيفة من المصارف و شركات التأمين، تعتبر سوق المكاتب في لندن أرضا خصبة لصيد الملاك الكارهين للمخاطرة الذين يبحثون عن مستأجرين من المرجح أنهم لن يتخطوا نفقات الإيجار. وحتى بالنسبة للطبقة الناشئة من المستثمرين المتوافقين مع الشريعة الإسلامية – والذين يتم منعهم من امتلاك عقارات يشترك مستأجروها في المجال المالي - لا يوجد نقص في الشركات التقنية وشركات المحاماة. والقطعة الأخيرة في لعبة المتاهة الخاصة باجتذاب الآسيويين الذين يقومون باستثمارات طويلة الأجل هي البناء غير المعتاد لملكية العقارات في لندن. فوفقا لقانون العقارات الإنجليزي، تعرف أغلب العقود التجارية بأنها ''الصافي الثلاثي''، مما يعني أن المستأجر مسؤول عن الإيجار، والتأمين الخاص بالمبنى، و الصيانة. وقد عززت هذه البنية من وجود زيادة في الملاك البعيدين في ''سيتي''. ويقول الستير إليوت الذي يعمل في ''نايت فرانك'' في هيئة الاستشارات العقارية: ''عندما نذهب لهونج كونج، أو كوالا لمبور، أو سيول لتسويق هذه المباني، أول ما يريد معرفته المشترون المحتملون هو من يكون المستأجر وما هي مدة الانضمام إلى هذا النشاط؟ وهم مهووسون بهذا الأمر''. ويضيف أن التغير السريع في مزيج المشترين في لندن قد أدهش البعض في هذا القطاع. ''إذا كنت تبيع مبنى يقدر بمائة مليون جنيه استرليني منذ عقد، بإمكانك التعرف تحديدا على من سيكون على قائمة مقدمي العروض المحتملين. واليوم، قد يكون هناك ثلاثة في القائمة لم تسمع عنهم قط''. ويتزايد التخوف أيضا في دوائر العقارات في المملكة المتحدة من أن الوافدين الجدد سيمتصون السيولة من سوق العقارات في لندن، مما سيدمر مكانتها كملاذ للاستثمار. ومع كون الصناديق الآسيوية الأكبر حجما التي تشتري عقارات من خلال رؤية تمتد لـ 15 أو 20 سنة – وهو ما يعتبر أطول بكثير مما هو معتاد بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين أو الأمريكيين - فقد تكون بعض أبنية لندن الأبرز خارج السوق لفترة قصيرة. ولكن بعد صدمات العقد الماضي، فإن الكثير من الأيادي القديمة في سوق لندن يسعدها رؤية وصول ما يبدو أنه قوة من أجل الاستقرار. وقد قاد الازدهار الأخير المستثمرون الإيرلنديون، الذين اشتروا عشرات العقارات في لندن، بما فيها محطة كهرباء باترسي، مستخدمين مليارات الجنيهات من الدين المصرفي الذي يتم ترويجه بتساهل. ويقول ماك كرلي: ''لقد تعامل الكثيرون معه وكأنه مقامرة بأموال أشخاص آخرين. وعندما فقدت السوق توازنها، كانوا مثقلين بالديون بشكل كبير، وأفلسوا وأخذوا المصارف الإيرلندية الأساسية معهم إلى الحضيض. ويبدو الآسيويون أكثر تعقلا بكثير''.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES