Author

لا .. للتسعير

|
أنا مواطن مثل غيري من المواطنين أرجو أن أجد سلعة رخيصة .. ''لحم .. خضار .. أرز .. خبز .. لبن''، لكن هذه أمنية لن تتحقق ولا في الأحلام .. ولكن لا بد من الإشادة في الوقت نفسه بتوجه شركة المراعي بإيضاح مباشر للرأي العام، وعبر الإعلان في الصحف المحلية عن خلفيات الأسباب وراء رفع أسعار بعض منتجاتها، وكيف أن شركة المراعي دأبت على إحاطة وزارة التجارة بكل المستجدات فيما يخص التحديات التي تواجه صناعة الألبان من خلال اجتماعات وخطابات مباشرة، أو عن طريق مجلس الغرف التجارية، وكان آخرها خطابها لوزير التجارة بتاريخ 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2012، هذا يعني أن وزارة التجارة لم تفاجأ بزيادة شركة المراعي سعر الحليب ''المنكه''، وهي الزيادة الأولى منذ بداية إنتاجه قبل أكثر من 20 عاما، هل جاء تدخل وزارة التجارة إذن استجابة لضغط الرأي العام؟ أرجو مخلصا ألا يكون هذا هو السبب أو حتى أحد الأسباب، ذلك أن دور وزارة التجارة هو التأكد من عدم قيام شركة أو فرد أو أي جهة بممارسة الاحتكار، وطالما أنه لا يوجد هناك احتكار من قبل شركة المراعي، بل هناك منتجات مشابهة بسعر أقل وأخرى بسعر أعلى فلم يكن هناك أي مبرر لتدخل وزارة التجارة في التسعير .. لما لهذا التدخل من تداعيات سلبية ليست في مصلحة المستهلك ولا في مصلحة صناعة الغذاء في المملكة على المدى الطويل، وسيؤدي مثل هذا التدخل إذا استمر إلى عزوف المستثمرين عن الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والمهم، بل الاستراتيجي، لما يشهده العالم من تقلبات وصعوبات في توفير المواد الخام ومشتقاتها، وكل أنواع المواد الأولية شهدت ارتفاعات ملحوظة على مستوى العالم كله، فكان طبيعيا أن ينعكس ذلك على أسواق المملكة، خاصة في المواد الغذائية، فقد ارتفعت أسعار الخضراوات واللحوم والأرز والبقية تأتي، وهذه حقيقة لا مفر منها، الأسعار دائما وأبدا سترتفع في كل شيء ولا تعود الأسعار أبدا إلى الوراء، والتدخل في التسعير لا يكون ضمن الحلول، بل يفاقم المشاكل، عن طريق انعدام المعروض في الأسواق، وانظر ما حدث في الدول الاشتراكية التي تبنت سياسة التسعير، لا الأسعار انخفضت ولا الأشياء توافرت في الأسواق .. نعم لا بد من مساعدة الطبقات الفقيرة، لكن ليس عن طريق التسعير، لكن عن طريق الجمعيات التعاونية، وقد طرح هذا الموضوع من سنوات طويلة وما زال حبيس الأدراج .. بقيت نقطة أخيرة في موضوع تدخل وزارة التجارة في التسعير ومحاولتها توحيد الأسعار، كيف والحال هذه ''التميز بين المنتجات'' مع تفاوت الجودة من منتج إلى آخر. وتطول قائمة سلبيات التدخل في التسعير وقد حرصت على ألا أخوض في أن المملكة تنتهج سياسة السوق الحرة، بمعنى أن السوق تحدد الأسعار وركزت على أن واجب وزارة التجارة ـــ من وجهة نظري ـــ حماية الجميع من الاحتكار، الذي هو مرفوض شرعا وقانونا ونظاما وعرفا، أما التسعير فهو ليس من مصلحة الجميع على المدى الطويل، بل يحمل مخاطر شح أو اختفاء المنتجات الغذائية .
إنشرها