Author

ما الفساد الذي يجب أن نحاربه؟ (1 من 3)

|
كفاءة سعودية إدارية فنية علمية متميزة قادته الأقدار المؤلمة ليعمل في المؤسسة الحكومية بعد عمله سنوات في قطاعات داخلية وخارجية اكتسب خلالها الكثير من التجارب والدروس في حسن أداء العمل والإنجاز ومصارعة المعوقات والمشاكل، وجه سؤالا لا يخلو من البراءة والخباثة والحسرة والألم والبحث عن الحقيقة في لقاء جمعه بعدد من الكفاءات السعودية التي تعمل في القطاع الحكومي، سؤاله كان: "ما الفساد الذي يجب أن نحاربه؟". لقد كان السؤال في ظاهره سؤالا طبيعيا ولا يحتمل إلا إجابة واحدة فقط، لكن بعد أن أخذ نفسا عميقا أتبعه بشربة رشفة شاي من فنجان أمامه قال: لقد بدأت العمل في المؤسسة الحكومية وأنا أعتقد أن كل شيء واضح وصريح ومنظم وكل الإجراءات الإدارية والفنية والمالية معروفة ومحددة ولا تقبل القسمة على اثنين، وكانت أولى المفاجآت، كما ذكر، عدم القدرة على ضبط العاملين لأسباب عديدة، عدّدها ولا يسمح المقال لذكرها، لكنه أوضحها في أمر أساسي وهو عدم وجود نظام يقوّم الأداء ويقدّر العامل ويتخلص من العاطل، بل ذكر أن أكثر الموظفين معرفة بالأنظمة الخاصة بالحقوق الشخصية هم فئة الموظفين المماطلين والعاطلين والمتسببين، وهؤلاء الموظفون لا يوجد نظام قادر على التخلص منهم، بل يأخذون كل ما يريدون بقوة النظام الهزيل وعدم قدرة المسؤول على الوقوف ضدهم، لأنهم بكل بساطة سيرفعون ضده قضايا في كل مكان ويستخدمون كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للإساءة إليه دون خوف أو خشية من الله أو من خلقه، وفي نظر محدثنا أن هذه ثغرة يجب علاجها في سبيل محاربة الفساد. في المقابل لا تستطيع الأجهزة الحكومية استقطاب الكفاءات المتميزة التي تستطيع أن تعالج الخلل الإداري في المؤسسة بسبب ضعف الرواتب والبدلات والامتيازات التي تعطى للعامل المتميز مقارنة بالقطاع الخاص أو الأكاديمي، لهذا فإن المسؤول الراغب في استقطاب الكفاءة السعودية المتميزة يحتاج إلى أن يتحايل على النظام الإداري والمالي والرقابي من أجل الاستقطاب وتقديم بعض المغريات لهذه الكفاءات السعودية من أجل العمل ضمن فريق المؤسسة الحكومية، وفي نظر محدثنا أن هذه ثغرة أخرى يجب علاجها في سبيل محاربة الفساد. كما أن الأنظمة المالية وأسلوب طرح المشروعات وترسيتها وما يصاحبها من إجراءات تعتبر في نظر محدثنا مدخلا ثالثا لإساءة استخدام النظام وتؤدي إلى إحداث ما يمكن تصنيفه ضمن خانة الفساد الإداري والمالي، وهي ثغرة يجب علاجها في طريقنا لمحاربة الفساد. وفي إطار آخر من الحوار جاء على لسان محدثنا قوله: كيف يمكن تقديم وتقييم أداء المسؤول الحكومي ومراقبته؟ وهل يترك الأمر في هذا التقويم لحمالة يقولون!!! أو لأصحاب المصالح الخاصة والأهواء الخاصة إذا خدمهم وسير مصالحهم فإنه الموظف والمسؤول المميز وإذا وقف ضدهم فهو المسؤول السيئ، أم يترك التقويم والتقييم للمسؤول والموظف الحكومي لأصحاب الألسن الحادة والأصوات العالية التي يغلب شرها خيرها أو لأصحاب الأقلام والأصوات الإعلامية التي تتلقف أي سلبية على المؤسسة أو الموظف أو المسؤول الحكومي وتأخذ بالصياح والهجوم والنقد الجارح؟ كل هذه الطرق تؤدي إلى طريق للفساد ويختاره المسؤول الحكومي حتى يكسب صحبة أهل الشر واتقاء شر أسلحتهم وألسنتهم وأهوائهم، وهذا أمر يحتاج إلى إصلاح في طريقنا لمحاربة الفساد. ولقد استشهد محدثنا في هذا السياق بمن تم إعفاؤهم من مناصبهم بناء على طلبهم أو من دون طلب، وبعضهم من الكفاءات السعودية المشهود لها بالعمل المتميز والإنجاز الصالح ومع ذلك لم يسلموا من النقد والاتهام والإساءة لهم ولأسرهم بعد كل ما قدموه لوطنهم. لقد تحدث محدثنا كثيرا عن تجربته مع المؤسسة الحكومية والصعوبات التي تواجه من يرغب العمل فيها والنجاح في أداء عمله والبعد عن أي طريق يقود إلى أي سمة من سمات ما يمكن أن يصنف فسادا إداريا أو ماليا أو سلوكيا أو ... أو ... هذا الحديث والنقاش أخذ الكثير من الأسباب حول أفضل الطرق لتطوير مختلف مؤسسات الدولة بما فيها الأجهزة الحكومية التي أكد النقاش والحديث والحوار أنها تحتاج إلى التفاتة حقيقية للارتقاء بالكفاءات فيها وتطوير أنظمتها المالية والإدارية، ومنها على سبيل المثال: 1- تعديل سلم الرواتب بحيث يكون قادرا على استقطاب الكفاءات الإدارية والفنية المميزة ويكون منافسا لبقية قطاعات الدولة مثل القطاع الخاص والقطاع الأكاديمي. 2- أن يكون نظام التعيين والفصل واضحا، خصوصا التخلص من الموظفين أو العاملين غير الملتزمين بالعمل والإنجاز، لأن الأنظمة الحالية تصعب ذلك، وهذا التعديل سيجعل الجميع يعمل وفق نظام إداري قوي. 3- الاستماع الهادئ للمسؤولين الحكوميين المسؤولين عن الشؤون المالية والمشروعات ودراسة مقترحاتهم حول تطوير الأنظمة المالية ونظام المشروعات والمناقصات بما يمنع المخالفات والتحايل الذي يحدث حاليا. 4- وضع نظام يحمي حقوق الموظف الحكومي وسمعته وألا يكون هدفا للنقد والتجريح والاتهام غير الحقيقي، لأن هذا الأمر أدى إلى العزوف عن العمل في المؤسسات الحكومية، خصوصا للكفاءات المتميزة. وأخيرا كما قال المتحدثون يجب أن يعامل الموظف الحكومي بما يعامل به الموظفون الحكوميون في الهيئات والشركات الحكومية المختلفة، خصوصا هيئة مكافحة الفساد من حيث المميزات المالية والوظيفية، لأن هذا ضامن بعد الله - سبحانه وتعالى - للحد من الفساد الإداري والمالي في نسبة كبيرة من الموظفين أو معاملتهم معاملة موظفي الشركات الحكومية. ولي عودة لهذا الموضوع. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
إنشرها