FINANCIAL TIMES

فضيحة بترايوس تتناسل في واشنطن

فضيحة بترايوس تتناسل في واشنطن

ربما لا يزال الجيش أكثر المؤسسات الموثوق بها في الولايات المتحدة، لكن الحياة الخاصة لبعض قادته أخذت تبدو كحلقة من مسلسلات تلفزيون الواقع "ربات بيوت حقيقيات" في تامبا. تعمقت الفضيحة الشخصية التي أحاطت بالجيش عندما أعلن البنتاجون بالأمس أن القائد الأعلى في أفغانستان، الجنرال جون ألين، كان قيد التحقيق لما يزعم أنها "علاقة غير مناسبة" بامرأة تقوم بعمل طوعي في قاعدة عسكرية أمريكية في تامبا، في ولاية فلوريدا. المرأة ذات الـ 37 عاما، وهي أم لثلاثة تدعى جيل كيلي، هي الشخصية نفسها التي تصدرت شكاواها عن تلقي رسائل إلكترونية تهديدية تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي، التي أسفرت في الأسبوع الماضي عن الاستقالة المفاجئة لديفيد بترايوس، الجنرال السابق الذي كان يشغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي آيه". وتركز الفضيحة تدقيقا مكثفا على مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي يبدو أنه ورّط كلا من بترايوس والجنرال ألين في تحقيق لم يسفر عن شيء مبدئيا لأي من الاثنين. ومكتب التحقيقات الفيدرالي معرض للهجوم من كل الاتجاهات، لإخفائه عن الكونجرس تحقيقاته المعلقة برئيس وكالة الاستخبارات المركزية، ولخوضه في مسائل خاصة يعتقد البعض أنها ليست مسؤوليته. والكشف عن الجنديين هو تذكير مزعج بماضي مكتب التحقيقات الفيدرالي في عهد القائد السابق، جيه إيدجار هوفر، عندما كان العملاء السريون يجمعون معلومات شاملة عن حياة السياسيين الخاصة. وقال تيم وينر، كاتب التاريخ الحالي لمكتب التحقيقات الفيدرالي: "هذه ليست الطريقة المفترض أن يعمل بها مكتب التحقيقات الفيدرالي ـ إنه مثل مكتب التحقيقات إبان عهد جيه إيدجار هوفر؛ عندما كانت الحرب السياسية تجري عن طريق القنص، وهذا أمر خطير". "إنك لا تدمر الناس (...) لأنك تعتقد أنك تعلم ما هو الأفضل لبلدك". بترايوس والجنرال ألين كلاهما يعرف كيلي منذ أن كانا في القيادة المركزية الأمريكية، التي مقرها تامبا، والتي تتولى مسؤولية الحرب في أفغانستان. وكان بترايوس رئيسا للقيادة المركزية الأمريكية منذ عام 2008 حتى 2010، مع الجنرال ألين – نائبه. وكانت كيلي عضوة في "بايشور باتريوتس" Bayshore Patrios، وهي مجموعة غير رسمية تجتمع كل يوم جمعة في تامبا وتلوح بعلم الولايات المتحدة لدعم الجيش، وقد شاركت بقوة في الأحداث الاجتماعية المتعلقة بالجيش. وبعد أن اشتكت كيلي لأحد المعارف في مكتب التحقيقات الفيدرالي من الرسائل الإلكترونية التخويفية التي تسلمتها، بدأت وحدة الجرائم الإلكترونية بالمكتب النظر في الحالة. وجرى تتبع الرسائل ليتبين أن مصدرها بولا برودويل، وهي ضابط سابق في الجيش تولت كتابة السيرة الذاتية لبترايوس. وعُثر أيضا على دليل على علاقة بين بترايوس وبرودويل. ولا يزال مكتب التحقيقات الفيدرالي يحقق فيما إذا كانت برودويل حصلت على معلومات سرية من خلال علاقتها ببترايوس. وبالأمس، فتش عملاء سريون لمدة أربع ساعات بيتها في تشارلوت، في ولاية نورث كارولينا، وأخذوا معهم جهاز كمبيوتر وصناديق عديدة فيها وثائق. وواحد من بين أسئلة عديدة تتردد الآن، هو كيف وصل مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى الرسائل الإلكترونية الخاصة برئيس وكالة الاستخبارات المركزية. وفقا لديفيد لوفمان، وهو مدعى عام فيدرالي سابق: "هذا يتطلب أن يذهب مدّعون فيدراليون إلى قاض فيدرالي ويطلبوا استصدار إنذار قضائي". وقال مسؤولون أمريكيون إن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان يحقق في مخالفات محتملة تتعلق بالأمن الوطني. ووفقا لمسؤول عن تطبيق القانون نقلت قوله وكالة أسوشيتيد بريس، كان بترايوس وبرودويل يتصلان ببعضهما أحيانا عن طريق كتابة مسودات لا تزال غير مرسلة في حساب البريد الإلكتروني الخاص نفسه، ما جعل العملاء السريين يعتقدون أن حساب بترايوس قد تم اختراقه. ويشعر أعضاء الكونجرس بحالة من الغضب لأن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يخبرهم في وقت مبكر أنه يجري تحريات عن بترايوس بشأن ما يمكن أن تكون له آثار في الأمن الوطني. وقال جاسون تشافيتز، أحد الأعضاء الجمهوريين في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، إن مكتب التحقيقات الفيدرالي ملزم بموجب القانون أن يخبر اللجنة. وعلى مكتب التحقيقات الفيدرالي أن يجيب على تساؤلات حول موظف أمن في فلوريدا قرر أن يخبر إيرك كانتور، زعيم الجمهوريين في مجلس النواب، عن التحقيق مع بترايوس، معتقدا أن هناك مؤامرة للحفاظ على الأوضاع هادئة. وأبلغ كانتور مكتب التحقيقات الفيدرالي بالاتصال الذي حدث قبل الانتخابات الرئاسية، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء. وقال أورين كير، وهو خبير في القانون في جامعة جورج واشنطن، سيكون من المفاجئ أن يخبر مكتب التحقيقات الفيدرالي أي شخص في الحكومة، لأنه توصل إلى عدم وجود سلوك إجرامي من جانب بترايوس. وقال: "من الأشياء الأكثر غموضا بالنسبة لي هي لماذا أخطر مكتب التحقيقات الفيدرالي وكالة الاستخبارات المركزية". وأضاف: "من وجهة نظر القانون الجنائي، ذلك قد يكون نهاية الأمر". الجنرال بترايوس قبل الفضيحة الجنسية التي أنهت حياته المهنية اللامعة، كان بترايوس، ذو الـ 60 عاما، مرشحا مستقبليا محتملا للبيت الأبيض. لكن سنينه الـ 37 في الجيش وشهوره الـ 14 على رأس وكالة الاستخبارات الأمريكية غطتها سحابة سوداء بسبب الطريقة التي رحل بها. وقال الجنرال السابق، ذو الأربع نجوم، والمتزوج، إنه أظهر "سوء تقدير بالغ" لإقامته علاقة خارج نطاق العلاقة الزوجية. واكتشف تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي عن التحرشات المزعومة بجيل كيلي من جانب بترايوس برودويل، أن الجندية الاحتياطية السابقة لم تكن فقط كاتبة سيرة الجنرال، ولكن أيضا عشيقته. لكن لم يتضح بعد ما إذا كان عملاء مكتب التحقيقات قد توصلوا إلى أن العلاقة أسفرت عن اختراق أمني. بولا برودويل سيرة ذاتية لامعة من أكاديمية ويست بوينت العسكرية دفعت ببرودويل للخدمة في عمليات مكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد الأمريكية، وذلك طبقا للسيرة الذاتية للمرأة البالغة من العمر 40 عاما. وقد أجرت مقابلات مع الجنرال بترايوس خلال تمارين جري وتحمُّل في كابول، شكلت منها مادة لكتاب "الكل منخرط: تعليم الجنرال ديفيد بترايوس"، عندما كان الجنرال قائدا للقوات الأمريكية هناك. وكلاهما متزوج ولديه أطفال، لكن في وقت ما بدأت العلاقة الغرامية. وكان الاتصال بين برودويل وبترايوس يتم عبر عناوين بريدية إلكترونية خاصة. وبريد برودويل الإلكتروني هو الذي قاد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي لمعرفة أنها مرتبطة عاطفيا بالجنرال السابق. الجنرال جون ألين قائد القوات الأمريكية في أفغانستان (58 عاما) قيد التحقيق من قبل البنتاجون بسبب "اتصالات غير مناسبة" مزعومة مع جيل كيلي، وهي "ضابط اتصال اجتماعي" غير مدفوع الأجر في قاعدة ماكديل الجوية في خليج تامبا، مقر القيادة المركزية الأمريكية، في ولاية فلوريدا. ويراجع البنتاجون ما يصل إلى 30 ألف صفحة من الرسائل الإلكترونية ومستندات أخرى من اتصالات الجنرال ألين مع كيلي في الفترة بين عامي 2010 و2012. وخلف جنرال مشاة البحرية ذو الأربعة نجوم بترايوس قائدا للقوات الأمريكية في أفغانستان في تموز (يوليو) 2011. وهو ينكر أي مخالفات وسيظل في منصبه قائدا للقوة الدولية للمساعدة الأمنية في كابول أثناء التحقيق. جيل كيلي كانت جيل كيلي وزوجها صديقين لبترايوس وزوجته لمدة خمس سنوات. وهي "سفيرة اجتماعية" للقيادة المركزية الأمريكية في تامبا، كانت تستضيف حفلات عندما كان بترايوس قائدا هناك في الفترة من 2008 إلى 2010. وشكاوى كيلي من رسائل بريدية مزعجة من مصدر مجهول، هو الآن بولا برودويل، هي التي أثارت تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي حول رسائل بترايوس الإلكترونية. وقد أوكلت كيلي المحامي، آب لويل، الذي دافع عن المرشح الرئاسي السابق، جون إدوارد، في مواجهة اتهامات بالفساد، أسقطت فيما بعد. عميل مكتب التحقيقات أرسل عميل مكتب التحقيقات الذي أثار التحقيق الذي أدى إلى استقالة بترايوس، صورا له وهو عار الصدر إلى جيل كيلي، وفقا لـ "وول ستريت جورنال". وأوردت الصحيفة أنه أصبح "مهوسا" بالقضية إلى درجة جعلت رؤساءه يستبعدونها منها. وقالت إنه خشي أن يتم إهمالها، لذلك أبلغ ديفيد ريتشار، عضو الكونجرس الذي أثار المسألة مع مكتب التحقيقات الفيدرالي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES