Author

«القاعدة» في شرورة

|

الحدث يتكرّر من جديد. هذه المرة يصل أقصى حدود البلاد.. حيث شرورة. عشرة إرهابيين يكمنون لدورية حدودية، ويقتلون اثنين من أفرادها على حين غِرة. الإرهابيون العشرة كانوا تحت أنظار الجهات الأمنية وبين أيديها، لكنها وبعد أن ناصحتهم أطلقت سراحهم، قبل أن يعودوا سريعاً للالتحاق بـ ''القاعدة''. بالطبع لم يتسللوا لليمن من أجل السياحة مثلاً، لذا هنا لا بد من تكرار السؤال للمرة الألف: مَن المسؤول عن إطلاق سراح مَن يصرّون على غيهّم وإرهابهم؟ مَن المسؤول لو قاموا بعمليات إرهابية قُتل فيها أبرياء، كما فعلوها مراراً مسبقاً، أو كما فعلوها أمس الأول بقتل الشهيدين الحمندي والمنيع؟ بعد مرور سنوات على قدرة السلطات الأمنية السعودية على قص جناحي تنظيم القاعدة الإرهابي، لا يمكن القول إن نجاح وزارة الداخلية في محاصرة إرهاب ''القاعدة'' تم بمعزل عن تكاتف مجتمعي أسهم في نسف الأفكار التي يحملها المتعاطفون مع التنظيم. مع الأسف نعيش مرحلة يختلط فيها الحابل بالنابل، بعد تراجع منسوب الحرب على أفكار القاعدة بمستويات ملحوظة وبقوة، بل إن البعض يفاخر وعلى رؤوس الأشهاد بأن هؤلاء أبرياء مظلومون ويطالب بإطلاق سراحهم، وتحول جزء منهم إلى قضية مَنْ لا قضية له، حتى غدا كل مَنْ يبحث عن موضوع يلوك الألسن به ويحرّض به ضد الدولة، لا يجد سوى موقوفي ''القاعدة'' للحديث عنهم، كل هذا أفرز محصلة ترسخت في أذهان مجموعة غير بسيطة بأن هؤلاء لا إرهابيون ولا يحزنون، لنجد أنفسنا وقد عدنا إلى المربع الأول بتعاطف مجتمعي خفي يفرز في النهاية مثل هذه العمليات الإرهابية، ومَنْ يدري.. ربما غيرها! لا يمكن هنا لوم وزارة الداخلية لأنها أفرجت عن أعضاء في ''القاعدة'' طالما انتهت فترة محكوميتهم أو لم تثبت عليهم التهم؛ وحتى برنامج المناصحة الذي نجح في ''توبة'' المئات من الفكر الإرهابي، لا يتحمل المسؤولية وحده، فقط لأن العشرات تسربوا وعادوا للإرهاب ثانية، ومع هذا فلا بد من استراتيجية جديدة تتواكب مع الأوضاع الراهنة وتعالج السلبيات الحاضرة، فبنية المجتمع السعودي ـ كما يقول عبد المنعم المشوح رئيس حملة السكينة ـ سهلة الاختراق من المتطرفين، وهو ما يجعل جهد سنين من المناصحة يذهب سدى إذا لم يتم سد الثغرات التي نفذت منها تلك الأفكار الشيطانية للأشخاص أنفسهم الذين مروا ببرنامج المناصحة. هناك إرهابيين يتنفسون هواءنا ويعيشون بيننا ولا يعلم عنهم أحد، لذا ربما كانت رسالة وزارة الداخلية واضحة ولا تخطئها الأعين، عندما أشارت في بيانها إلى أن ''الأجهزة المختصة تبذل ما في وسعها للعمل على تصحيح مفاهيم مَنْ يتم إطلاق سراحهم أثناء استيفائهم العقوبات المقررة شرعا. وتبقى المسؤولية الاجتماعية بعد ذلك على المحيطين بهم للتأكد من سلامة نهجهم وعدم تهديدهم أمن المجتمع وسلامته''. إنها المسؤولية الاجتماعية التي تراجعت إلى أقصى مدى منذ بدء الحرب على الإرهاب، وهي الحصن المنيع لخطر فكر القاعدة ومَنْ شايعهم.. نعم نحن في حاجة ماسة إلى استراتيجية فكرية تعزز المسؤولية الاجتماعية تجاه هذا الفكر بعد أن أضحت في أدنى مستوياتها.

إنشرها