Author

وزارة الشؤون الاجتماعية .. والمهمة الغائبة

|
الرعاية الاجتماعية مفهوم رحيم يتجه إلى المجتمع بشكل عام، لكنه يستهدف في الأساس الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجاً إلى الرعاية من ذوي الاحتياجات الخاصّة والأيتام والمسنين ومَن أعوزه الفقر واقتضى الاهتمام به من قِبل الدولة أو الجمعيات الخيرية. وفي هذا تتمحور مهام واختصاصات وزارة الشؤون الاجتماعية إشرافاً وعناية وتخطيطاً وتمويلاً ومتابعة عبر برامج ودور ومقار وأنشطة تخص كل فئة من ذوي الاحتياجات من الجنسين.. غير أن الوزارة بعمرها العتيد، وبتمرسها في مجال تقديم الخدمات للفئات المحتاجة وبكل ما توافر لديها من خبرة على مدى عقود من الزمن ما زالت، رغم كل جهودها ودعم الدولة السخي لبرامجها، تتحرّك في فضاء من الإجراءات الرتيبة الروتينية على نسق يكاد يكون هو ذاته وبالآلية نفسها من مسؤول إلى آخر بتقليدية تعمد إلى حل ما يواجهها من إشكالات بأسلوب رد الفعل أو العلاج المؤقت الذي غالبا ما إن يخرج من إشكال حتى يخلق بقصوره إشكالاً آخر في هذا المرفق أو ذاك، وفي ذلك البرنامج أو تلك الاستراتيجية. مرجع هذا التكرار للأخطاء والإشكالات ناجم عن غياب واضح لتقييم ميداني لأداء خدمات الشؤون الاجتماعية من خلال الاهتمام بالدراسات والبحوث الخاصة بالشؤون الاجتماعية وكيفية الارتقاء بخدماتها ومواكبة التجارب العالمية الحديثة في أساليب الرعاية والعناية بأصحاب الاحتياجات الخاصّة وكيفية الأخذ بهم إلى الدمج الاجتماعي وجعلهم قوة منسجمة مع محيطها دون إحساس بأي نوع من السلبيات. يتطلب ذلك أن تضع هذه الدراسات نصب اهتمامها نشر الوعي في المحيط الاجتماعي بالدور المنوط بالمواطن نفسه في المشاركة لاحتواء هذه الفئات عضوياً ووجدانياً في الأنشطة وفي العلاقة معها، أي ترسيخ دعائم الاتصال والتواصل والتفاعل مع هذه الفئات وإزالة العزلة أو الفوارق النفسية وبما يعمّق الشعور بأنهم بين أهلهم وذويهم حتى وهم في دورهم ومقارهم أو حين يصبحون فعلاً بين أحضان هذه الأسر أو تلك. إنها مهمة جليلة لكنها لم تزل غائبة لم تقم بها بعد وزارة الشؤون الاجتماعية التي عليها السعي إلى بذل جهود حثيثة فيها وتكريس خبرات أهل الاختصاص للقيام بها، فالتقييم ثم الدراسة لكل حالة وكل موقع من شأنه أن يطور أداء الوزارة لخدمات أكثر سلامة من حيث الصحة العقلية والوجدانية، فضلاً عن الجسدية لهذه الفئات وفي المقابل يدفع بهم للانخراط إلى العلم والعمل كما يدفع بالمجتمع بكل فئاته وفي جميع مدنه وقراه إلى غيرة وطنية إنسانية تأخذ في أحضانها هؤلاء كمواطنين مثلهم تماماً ليعيشوا معهم بسلام وراحة ويشعرون بالألفة والمحبة حتى يبدعوا لمصلحتهم ولمصلحة بلادهم.. فهل تبادر وزارة الشؤون الاجتماعية إلى فعل هذا؟!
إنشرها