Author

صيد الأرانب البرية

|
الإنسان في غياب الدين كائن مفترس، لا يمكن أبدا السيطرة على غرائزه في السطو والجور. المعول الوحيد على تهذيب هذا الكائن المفترس، هو الدين بما يحمله من أوامر ونواه، ثم يأتي القانون الذي هو أصلا مرآة لما جاءت به الأديان. كل الصور التي تصاحب القلق والاستقرار التي تشهدها الدول، تأتي مصحوبة ـــ إلا ما ندر ــــ باختلال يصيب العقول، إذ تستيقظ غريزة الافتراس لدى فئة من الناس فتنشر الخوف والرعب والفتونة والسلب والنهب. الرهان على الضمير، في حالة غيبة القانون، محكوم بالفشل. لأن صاحب الضمير يغدو هدفا لمن لا ضمير له. وبالتالي تبدأ الحاجة إلى الأمن تأخذ نمط الغابة. كائنات تمارس الافتراس، وكائنات تطور أدواتها كي تقلل من حدة الافتراس. لكن قانون الغابة، يبقى قانونا مقبولا إذا غاب عنها الإنسان، إذ إن الافتراس هناك هو حاجة أساسية تأتي لسد الجوع فقط. والقتل والسلب ليس مجرد هواية أو غواية أو ملمح من ملامح الفحولة والبطولة والبطر والترف. في عالم تسود فيه الفوضى: يتحول قتل الإنسان إلى تسلية تشبه صيد الأرانب البرية. تخيلوا أن هناك من يقودون سياراتهم، وكأنهم يمارسون صيد الأرانب البرية. بالنسبة لهم، إزهاق نفس لا يعني سوى دفع الدية. أستاذ جامعي في بلد ما، قال: افتقدت أحد طلابي لمدة أسبوع. عندما عاد، سألته أين كنت، فأبلغني أنه كان محجوزا بضعة أيام لأنه دهس إنسانا. قال إنه خرج مباشرة بعد أن دفع الدية. حكايات صيد الأرانب البرية كثيرة وبائسة في عالمنا العربي.
إنشرها