Author

يا جماعة السؤال بسيط: أين الخطأ؟

|
* أهلاً بكم في مقتطفات الجمعة رقم 458 *** * حافزُ الجمعة: كثيرون وسط إيقاع العصر يفقدون الثقة بأنفسهم. الإنسانُ خلق اجتماعيا وسيبقى اجتماعيا أبدا، لذا فالمجتمعُ يشجّعه أو يُمْرضه عن طريق منح الاعتراف والثقة له أو سحبهما منه. يبقى أن منبعَ الثقة الأول من النفس الداخلية، عليك أن تؤمن بأنك قادر على جذب الآخرين، وجذب الآخرين بالخير والعطاء والابتسامة نتيجة مضمونة لكسب ثقة الآخرين والنفس.. على مسؤوليتي! *** * لقد فجعنا في الأسبوع هذا بأكثر من حادثةٍ هزت الأمة. الأولى عشرات من الموتى والجرحي في عرس بعين دار في المنطقة الشرقية، من نارٍ استعرت نتيجة الابتهاج بضرب الرصاص (!)، وإني أتعجب كيف يكون الرصاصُ، من آلة الموت والحرب والكراهية، تعبيرا عن الفرح.. وإن كان له معنى مغلوط في مجتمعاتٍ قريبةٍ، فليس معهوداً عندنا.. وهذه النتيجة المحتومة بقضاء الله؛ إن استخدمت آلة قتل فستكون النتيجة قتلا، وإن استخدمت آلة فرح فستكون النتيجة سعادة. إننا نلومُ من فرط فجيعتنا وألمنا. نتوجه إلى اللهِ بالدعاء للموتي، فهم عند الله من الشهداء، وبالشفاء العاجل والتام لضحايا الحريق. * وحادثة أخرى يوم أمس، فقد صحَتْ الأمّةُ على خبر انفجار شاحنة مليئة بغاز ليس فقط قابلا للانفجار بل متفجر بذاته، والثمن ضحايا وجرحى. وطار الخبرُ في المواقع الاجتماعية، وكأنه صراخٌ وعويلٌ عبر الفضاء الرقمي، ولكنه من دموع وقلوب إنسانية حقيقية. إن الكوارثَ تحدث، ولأنها تحدث، فيجب وضع وسائل الوقاية الشديدة، نحن أحيانا نتساهل مع الموت.. وننسى أن الموتَ لا يتساهل معنا. اجلسوا، واستغفروا الله أولا.. ثم اسألوا السؤالَ الذي تقطعت حناجرنا وجفّ حبرُ أقلامِنا، والتهبتْ مآقي دموعنا، وهو: أين الخطأ؟ وشخصوا الخطأ حقيقة.. وإلا يوما ستكونون ــــ لا سمح الله ـــ من وقود نار الخطأ. *** * والله ثم والله، لا أود أن أملأ هذه المقتطفات، وأنا أريدها بهيجة مفيدة وخفيفة، بالصياح كثكالى الحروب والفواجع.. ولكن هي أرواح الناس، وهي أمانة على ولاة أمر نحبهم ونخاف عليهم من سؤال كبير في يوم كبير، حتى ولو لم يقم من هم تحتهم بتنفيذ ما خططوا له، وأمروا به.. فالسلطة تفوّض صحيح، وإجراء سليم، ولكن المسؤولية عند الله أولا، ثم عند العموم ومنطق الأمور لا تفوض، وتفويضها أمرٌ غير سليم، ولا يجوز. إن علينا مراجعة ما حدث في موسم الحج هذا مراجعةً صريحة، ولا نخدر أنفسنا بإبر الإنجاز، فالإنجازُ مطلوب من الأمة التي ائتمنها الله على أهم عمل على الأرض، ولا فخر ولا تمنن به. الذي يجب أن نفعل هو أن نضع منظاراً مكبراً ـــ نعم أقول مكبراً، يعني حتى لو ضخمنا الحدث، أفضل من نكرانه أو تصغيره ــــ على كل إجراء غير سليم، وحان الوقتُ وببساطة ومنطق أن نسمع من تقع عليهم الخدمات، لا من ينفذون الخدمات.. أليس في كل منشأة خدمات صندوق الاقتراح للعملاء لتحسين الخدمة؟ فكيف ببيت الله وموسمه الأكبر! لا عيب أبدا، بل بطولة، أن نقول نعم هناك خطأ حصل، لم نقصده، ولكنه حصل.. هنا كل من سيكون في مكان الشعيرة يوما سيطمئن، فمن يعترفون بالخطأ سيحاربونه، ومن لا يعترفون، سيتعملق الخطأ، وسيراهم ولن يروه. وصلتني رسائل لا تعد، وجلسات مع حجاج، وحصل مع عشرات غيري، يشرحون كيف كان سوء التخطيط، وكيف ضربتهم الشمس لساعات، فقط لغياب تخطيط أو عدم تحسب للنتائج.. لن نستطيع أن نسكت الأفواه، حتى ولو اتهمناهم بالمبالغة والتضخيم وإعماء العيون عن الإنجاز والأسباب.. لا طريق ولا حل لنا آخر سوى: إصلاح الخطأ! *** * لا أستسيغ أن تتزوج طفلةٌ صغيرة رجلاً تفرقها عنه أجيال.. بل تعافه نفسي. ولذا ألتمس المنطق في أن يهاجمنا الغربُ وغيرهم في مسألة زواج القُصّر، نعم أفهم هذا، وأصارحكم، ربما أيّدته. ولكن من طرف آخر، كيف أصف إجراما رسميا خارجا عن الذوق والأخلاق وحتى المسؤولية من الشرف، ويحدث في أعرق ديمقراطيات العالم: المملكة المتحدة. موضوع صرخت فيه كبريات الجرائد البريطانية، والأوساط الأخلاقية والتربوية والدينية وهو قيام جهة تربوية رسمية بتوزيع "موانع الحمل" لفتيات ـــ أطفالا ـــ في الثالثة عشرة من أعمارهن في المدارس، ليس فقط هذا، بل وارتكب هذا العملُ الفاضح الذي يشجع الصغيرات على ارتكاب الجرم على أنفسهن قبل أي شيء بفضيحةٍ وخروجٍ أخلاقي أكبر، وهو أنه وُزِّع عليهن بدون موافقة أسَرهن.. بل من وراء ظهورهم.. عمداً. أعطوني بالله عليكم صفةً لهذا العمل غير السقوط. وأنبه رجاءً، أن ما كتبته ليس من عندي، كله ترجمة نصية وحرفية من الصفحة الأولى في جريدة "التلغراف" البريطانية الأسبوعية العدد 1110. في أمان الله
إنشرها