Author

مزايين «تويتر»

|
البحث عن الشهرة والمال أكثر ما يطمح إليه الإنسان، إما بسعيه لإثبات ذاته أو لتحقيق أحلامه، فلو قارنا ذلك على هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية لوجدنا أن أعلى مراتبه تتركز في الحاجة إلى إثبات الذات، وتتحقق عندما يرضى الفرد عن إنجازاته على المستوى الشخصي أو المهني التي تشبع غرائزه وتلبي رغباته. وإن تمت المقارنة في ذلك بشبكات التواصل الاجتماعي وبالتحديد ''تويتر''، وما يحصل في ساحته من البحث عن الشهرة المزيفة، التي قد تكون بشراء الآلاف من المتابعين، أو التغريد خارج السرب والخروج عن المألوف، أو تزوير الحقائق واتباع سلوكيات مخالفة للعرف العام. ووضعت وزارة الثقافة والإعلام مخالفات وعقوبات على التهجم والتشهير بالآخرين كالمعمول به في معظم دول العالم. وفي المقابل، ما زال هناك من يبحث عن الشهرة في شراء المتابعين والمزايدة بها كمزايين الإبل، حتى يجدر تسميتهم مزايين ''تويتر''. ولم يقتصر ذلك على مجتمعنا فحسب في تحقيق الذات والبحث عن الشعبية، فالمرشح لرئاسة البيت الأبيض رومني اتهم بشراء متابعين عندما لوحظ ازدياد عدد المتابعين بشكل غير منطقي ومثير للشبهة الذي أهبط من شعبيته في أوساط المجتمع الأمريكي، ما تسبب في فقدان الثقة بمصداقيته في حملته الانتخابية. فالمتابع لشبكات التواصل الاجتماعي في مجتمعنا قد يصاب بالذهول، خصوصا عندما يشاهد بعض متابعي بعض الرموز الدينية والأدبية حتى السياسية، التي تظهر في الكم المتزايد من متابعيهم في صفحاتهم في ''تويتر''، لكن عندما تقام محاضرة أو ندوة أو أمسية لا تكاد ترى نصف هؤلاء مجتمعين حاضرين لهذا الرمز. بطبيعة الحال ثمة أشخاص يحظون بشعبية كبيرة كالمتخصصين في مجالات مختلفة والمشاهير والمفكرين والمثقفين والشعراء، لكن الغريب في الأمر أن تجد أسماء لا ظهور لها ولديها من المتابعين بلا عدة ولا عتاد. ومن اللافت للانتباه أن عدد المتابعين بصفحاتهم لا يعكس النوعية في تغريداتهم. لذا فهناك مفارقة بين الشخص المتخصص والمعروف الذي لديه الآلاف من المتابعين الذين يؤثر فيهم، فهو يسعى إلى تسويق ذاته والتواصل مع جمهوره الذي يمثل اسمه– كمنتج- وتحكمه طبيعة عمله التي تعرفها الملف الشخصي أو ما يسمى البايو-، وفي الوجه الآخر الأشخاص الذين يقومون بشراء متابعين فقط للتباهي والبحث عن الشهرة وتحقيق الذات، كالذي يقتني سلعة مقلدة لها عمر افتراضي قصير، التي سرعان ما تنكشف، فالعبرة هنا بالنوع لا بالكم.
إنشرها