Author

غرفة الرياض وتغيير الصورة النمطية

|
أنشئت الغرفة التجارية الصناعية بالرياض كبقية الغرف التجارية والصناعية على مستوى المملكة، كجهاز لا يستهدف الربح، لِتُمثل في دائرة اختصاصها المصالح التجارية والصناعية لرجال الأعمال لدى السلطات العامة وتعمل على حمايتها وتطويرها، من خلال شخصيتها الاعتبارية المستقلة المكفولة لها بقوة النظام. ما يميز غرفة الرياض عن بقية الغرف التجارية والصناعية على مستوى المملكة، أنها تحتل موقعا متميزا في دائرة النشاط التجاري والاقتصادي والصناعي في المملكة، بحكم موقعها في العاصمة السياسية والاقتصادية للمملكة، ما منحها ثقلا اقتصاديا وتجاريا كبيرا، بحكم قربها من مصادر صنع القرار، كما أن توافر أكبر عدد من المنشآت التجارية والصناعية في الرياض على مستوى مناطق المملكة، واحتلال المنطقة المركز الأول في معظم الأنشطة الاقتصادية القائمة، عززت من مكانتها التجارية والصناعية مقارنة ببقية الغرف. من بين المزايا كذلك التي تتمتع بها غرفة الرياض عن غيرها من بقية الغرف التجارية على مستوى المملكة، أنها تضم في عضويتها أكبر عدد من المنتسبين من منشآت القطاع الخاص، الأمر الذي حقق لها قوة دفع ذاتية في المشاركة الفاعلة في صنع القرار الاقتصادي والتجاري في المملكة، ومكنها كذلك من ملاحقة التطورات والمتغيرات الاقتصادية العالمية ذات التأثير في الاقتصاد الوطني وتسخير إمكاناتها لمتابعة هذه المتغيرات وتأثيراتها في الاقتصاد الوطني. وما ميز الغرفة التجارية الصناعية بالرياض أخيراً عن غيرها من بقية الغرف التجارية، الانتخابات الأخيرة التي خاضها أعضاء مجلس الغرفة الجديد في دورة الغرفة السادسة عشرة، حيث تميزت تلك الانتخابات عن سابقاتها، بفوز نخبة من شباب الأعمال بأغلبية المقاعد، الأمر الذي اعتبره البعض مؤشرا صحيا لقلب الموازين خلال المرحلة المقبلة، وبالذات نحو التطوير والتحديث والتجديد في أساليب العمل الإداري ودورة اتخاذ القرار. رغم الأصداء الإيجابية التي أحدثتها انتخابات غرفة الرياض في الوسط التجاري السعودي، باكتساح شباب الأعمال معظم المقاعد الانتخابية، إلا أن البعض يساوره شيء من التوجس والخوف نتيجة هذا الاكتساح وما سيحدثه من فجوة بين جيل الشباب وجيل الرواد، ومدى قدرة الإدارة الجديدة وبالذات الرئيس ونائبيه على التعامل مع هذه الفجوة التي اعتبرها البعض تحديا واقعيا وحقيقيا لقدرة الإدارة في التعامل معها، بالشكل الذي يكفل سير أعمال الغرفة بالانسيابية والمرونة المطلوبة وتحقيقها أهدافها. لا يساورني أدنى شك في أن القدرات الشخصية الفذة التي يمتلكها الدكتور عبد الرحمن الزامل، رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض في دورتها السادسة عشرة الجديدة ونائباه، وما يتمتعون به من خبرة طويلة في مجال الإدارة، إضافة إلى ما يمتلكونه من حكمة وحنكة في التعامل مع جيل الشباب، سيمكنهم من التغلب على تحدى الفجوة بين الجيلين والتعامل معها بما يخدم مصالح الغرفة ومصالح التجار ورجال الأعمال المنتسبين للغرفة على حد سواء، ولا سيما أن شباب الأعمال الذين فازوا بأغلبية المقاعد الانتخابية، هم في الأساس أبناء لرجال أعمال رواد من التجار والصناعيين، صقلتهم خبرة آبائهم التجارية الطويلة في مجال العمل الخاص، علاوة على أن ما يحملونه من أحلام كبيرة واعدة في مجالات تنموية متعددة، تفرض حاجة تطبيقها وجعلها واقعا وحقيقة ملموسة على الأرض إلى دعم ومؤازرة ومساندة رواد أعمال أمثال الدكتور عبد الرحمن الزامل ونائبيه. لعل من بين أبرز التحديات التي ستواجه مجلس إدارة غرفة الرياض الجديد، قدرته في دورته الجديدة على تغيير المفهوم النمطي والصورة الذهنية السلبية المطبوعة في أذهان بعض المنتسبين، على أنها لا تعدو كونها وعاء جباية لرسوم الانتساب للغرفة والتصديق على المعاملات، إلى المفهوم الحقيقي لتلك المهام والمسؤوليات، التي تتلخص في تمثيل مصالح رجال الأعمال من التجار والصناع والدفاع عنها، وتطوير البنية والبيئة التشريعية والقانونية والتنظيمية التجارية والصناعية، وتعميق التواصل والتلاحم مع الأجهزة الحكومية للتأثير في القرار الاقتصادي والمشاركة في صنعه، إضافة إلى تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في القطاعات ذات المزايا التنافسية. من بين التحديات أيضاً التي ستواجه المجلس الجديد، قدرته على تفعيل أعمال لجان الغرفة المختلفة، الأمر الذي يتطلب الدقة المتناهية في اختيار رؤساء وأعضاء اللجان، بحيث يكونون رؤساء وأعضاء فاعليين بشكل أكبر مقارنة بأي وقت مضى لتحقيق الأهداف المنشودة من تكوين تلك اللجان. إن تحقيق هذا المطلب يتطلب اختيار رؤساء وأعضاء لجان لديهم الإمكانات العلمية والخبرة العملية وتسخير جزء من وقتهم لخدمة اللجان وأهدافها. كما أن الأمر يتطلب من مجلس الإدارة باستمرار تقييم أعمال اللجان ومتابعتها من كثب، للتعرف على مدى فاعلية اللجان في إنجازها للأعمال والمهام الموكلة إليها من عدمه. من بين التحديات أيضاً التي ستواجه إدارة المجلس الجديد، الموازنة بين مصالح واحتياجات رجال وسيدات الأعمال، ولا سيما أن سيدات الأعمال لم يحظين بمقاعد بمجلس الإدارة الجديد أسوة بواقع الحال بغرف تجارية رئيسية أخرى مثل الغرفة التجارية الصناعية بجدة والغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية، وبالذات أن أحد أهداف الغرفة التجارية الصناعية بالرياض الرئيسية، هو تفعيل دور المرأة داخل الغرفة وتطوير بيئة العمل المناسبة لسيدات الأعمال. أخيراً وليس آخراً، من بين التحديات كذلك القدرة على معالجة مواضيع وإيجاد حلول ناجعة لقضايا تجارية معقدة وشائكة مثل قضايا التستر والغش التجاري، التي - كما هو معروف - أثرت سلباً في قدرة الاقتصاد الوطني على التعامل مع قضايا وطنية ملحة مثل قضية القضاء على البطالة في السعودية وتوطين الوظائف، وإيجاد فرص تجارية متكافئة في السوق بين المواطنين السعوديين وغير السعوديين.
إنشرها