Author

«اقتصاد مالكي إيراني» لسفاح متأصل

|
كاتب اقتصادي [email protected]
«كل أنواع الخداع في الحياة ليست سوى أكاذيب تحولت إلى ممارسة. ومنها ينتقل الباطل من الكلمات إلى الأشياء» روبرت ساوزي - شاعر إنجليزي وقود، عملات صعبة، اتفاقات تجارية سريعة بمليارات عدة من الدولارات، تبييض أموال سورية منهوبة، قطع غيار للآليات العسكرية، مرتزقة من العصابات الشيعية، ممرات جوية وأرضية، تنكيل بالنازحين المدنيين السوريين، وإغلاق الممرات في وجوههم.. كل ذلك (وأكثر) يوفره نوري المالكي رئيس وزراء العراق لسفاح سورية بشار الأسد. المهم أن يبقى هذا الأخير، وأن يستمر في سلطة لا شرعية له فيها، وأن يقتل ويقتل، حتى لو حَوَّل الأغلبية إلى أقلية، بل إن ذلك مطلوب لو استطاع. لا تهم التكاليف، فكل شيء يَرخص أمام الحفاظ على ''الاستثمارات الشيطانية'' الإيرانية في الأسد، وهي ''استثمارات'' انطلقت مع الأب، ولن يُضحي بها علي خامنئي مع الابن. وهو (أي مرشد ''الثورة'' الإيرانية) مستعد للحرب على كل الجبهات من أجلها، حتى لو أدى الأمر إلى خوض حروب متقطعة أو متواصلة، مع الشعب الإيراني نفسه. ولأن الأمر كذلك، فمن واجب ''المعممين'' العراقيين بسترات عصرية، المشاركة المباشرة في الحرب. ولا يحتاج خامنئي وأحمدي نجاد، إلى أي صيغة لإقناعهم.. فهم جزء لا يتجزأ من هذه الحرب أصلًا، يضاف إلى ذلك، أنهم مقتنعون طبيعيًّا. فالبحر (في قناعاتهم) نهر، والجبل.. وادٍ، وسورية.. البحرين، والمهدي المفقود.. عائد لا محالة! الوثائق التي يُفتضح أمرها بين الحين والآخر عن تورط حكومة المالكي في دعم اقتصادي للأسد، تشبه ''الوثائق'' عن اشتراك ميليشيا حزب الله الإيراني في لبنان (بقيادة حسن نصر الله) في حرب سفاح سورية على شعبه. مع اختلاف وحيد، هو أن وثائق المالكي ورقية السند، ووثائق نصر الله ''جسدية السند''. الأولى تتجلى في الأختام الرسمية، والثانية تتجسد في قتلى ميليشيا نصر الله على أيدي الثوار السوريين. وفي النهاية.. الأمر ليس في حاجة إلى أي وثائق من أي نوع، لإثبات تحالف الطرفين مع الأسد لقتل الشعب السوري. تصريحات إيران وأتباعها العلنية في لبنان والعراق، تكفي لإثبات تحالفهم مع واحد من أسوأ الأنظمة في التاريخ الحديث. وما تكشفه وثائق حلف المالكي مع الأسد لا قيمة له، مقارنة بواقع التحالف على الأرض. فإمدادات العراق لهذا الأخير من الوقود ليست سوى جزء ضئيل من حجم الإمدادات الشيطانية (الكلية والمتنوعة) له. وهناك شكل من أشكال التنافس بين نصر الله والمالكي، في سياق إثبات الولاء لعلي خامنئي. فقد سمح وسهل (ويسمح ويسهل) رئيس وزراء العراق لعصابات شيعية ''عراقية'' بالاشتراك في حرب إبادة السوريين، وبذلك يصبح المالكي متعدد الإمدادات للأسد، وفي مقدمتها الاقتصادية والإرهابية والتشبيحية. شكلت إيران ما يمكن تسميته ''خلية اقتصادية خاصة بسورية''، تتخذ من العراق مقرًّا رئيسًا لها. الهدف الوحيد لها، الحفاظ على الدعم الاقتصادي والمالي للأسد، بل محاولة مأسسته في ظل الثورة الشعبية العارمة ضده. وخلال هذه الثورة، وفر المالكي لنظام الأسد (طبقًا لأكثر التقديرات انخفاضًا)، أكثر من ملياري دولار من القطع الأجنبي، خصوصًا مع تصاعد العقوبات الغربية وتنوعها ضده. واعترفت حكومة العراق، بأنها وقعت في صيف العام الماضي سلسلة من الاتفاقات التجارية مع الأسد، تصل قيمتها إلى ستة مليارات دولار. وقبل المالكي بروح عالية تحمل تبعات توقف إمدادات السلع السورية لبلاده، التي تستورد ما يقرب من 45 في المائة من احتياجاتها من سورية. ليس مهمًّا الأمر، المهم أن يبقى الأسد، وإن احترق البلد! ولأن الاحتيال ضروري في الدعم الاقتصادي العراقي للأسد، فقد استحدث المالكي عشرات الوسائل للالتفاف حول العقوبات الغربية، من بينها إتمام ما أمكن من المعاملات المصرفية عبر المصارف العراقية، وتهريب شحنات من النفط السوري الخام المنهوب، ومواصلة التعامل مع أفراد سوريين ناهبين، وضعهم الغرب على قوائم العقوبات. لم ينته الأمر بعد. يستخدم الأسد مؤسسات عراقية تجارية لتصريف أعماله قدر المستطاع، في حين سُمح لأعوانه بتأسيس شركات ومؤسسات تجارية وهمية في العراق. وفي هذا السياق، استطاع عدد كبير من هؤلاء تبييض عشرات الملايين من الدولارات المنهوبة أيضًا، ضمن أعمال الاحتيال. ماذا فعل المالكي أيضًا؟، لقد تخلى عن مطالبته للأسد برد الأموال التي نهبها صدام حسين وأبناؤه وأعوانه من الشعب العراقي، وهربوا بها إلى سورية. فهذه الأموال تساعد على إنجاز المهمة الأكبر. وأموال العراقيين فداء الأسد. ومن هنا، فإن الكشف عن إمدادات من الوقود العراقي لسفاح سورية ليس صادمًا، بل لا يكاد يكون خبرًا أصلًا، فالمالكي الذي يتجاهل الإشارة إلى التدخل الأمريكي في العراق، الذي أدى إلى خلع طاغيته الوحشي صدام حسين، ويحذر في الوقت نفسه من ''إسقاط نظام الأسد بالقوة''، وأن هذا الأخير ''ليس صدامًا''، لن يُوقف دعمه التخريبي الإيراني الطائفي، لوحش دفع البعض لخفض سقف همجية رئيس العراق المخلوع. إن رئيس وزراء العراق يسعى على مدار الساعة إلى تقديم ولاء الطاعة طائفيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وتشبيحيًّا، لعلي خامنئي المنتظِر الدائم للمهدي المفقود.
إنشرها