Author

شباب الأعمال وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

|
حظى معرض شباب وشابات الأعمال 2012 في دورته الخامسة، والذي عقد في مدينة جدة خلال الفترة من الأول إلى الرابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الجاري، باهتمام كبير من قبل فئة كبيرة من شباب وشابات الأعمال على مستوى المملكة، بما في ذلك عدد من المسؤولين في الحكومة السعودية، يأتي على رأسهم وفي مقدمتهم الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة (راعي المعرض)، وعدد من الوزراء من بينهم المهندس عادل فقيه وزير العمل، والدكتور توفيق الربيعة، وزير التجارة والصناعة. اهتمام المسؤولين في الحكومة السعودية وحرصهم على حضور مناسبات شبابية مهمة للغاية، مثل معرض شباب وشابات الأعمال الذي عقد في مدينة جدة، ومناطق أخرى في المملكة، يرجع سببه إلى أن الحكومة ومسؤوليها، يولون اهتماماً كبيراً لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، باعتبارها العمود الفقري للتنمية الاقتصادية بمفهومها الواسع والشامل بالنسبة لأي اقتصاد في العالم، وبالذات بالنسبة لاقتصادات الدول النامية، لا سيما حين الأخذ في الحسبان أهمية هذا النوع من المنشآت على مستوى اقتصادات دول العالم، في الدفع بوتيرة النمو الاقتصادي قدماً إلى الأمام، من خلال قدرة تلك المنشآت على خلق واستحداث وظائف جديدة في الاقتصاد والمساهمة الفاعلة في معالجة مشكلة البطالة، إضافة إلى قدرتها الفاعلة على المساعدة في دوران الرساميل المستثمرة وتنشيط الحركة اليومية للنشاط التجاري، وبالذات المرتبط بتجارة السلع والخدمات. المهندس عادل فقيه، وزير العمل قدم ورقة عمل في المعرض المذكور بعنوان: "دور الجهات الحكومية في تنمية المؤسسات الصغيرة"، والتي أوضحت بشفافية ووضوح تام، واقع حال قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، حيث إنه وعلى الرغم من وجود عدد كبير من ذلك النوع من المنشآت في المملكة، وفقما أشارت الورقة المذكورة، إذ يبلغ عدد ذلك النوع من المنشآت 790 ألف منشأة، إلا أن متوسط عمرها الزمني يراوح ما بين ثلاث إلى سبع سنوات. كما أشارت الورقة إلى أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يوظف نحو 51 في المائة من إجمالي القوى العاملة في السوق السعودية، ويمثل السعوديون نحو 9 في المائة من إجمالي العاملين في ذلك النوع من المنشآت. على الرغم من الجهود الكبيرة، التي تبذلها الحكومة السعودية في تعزيز مساهمة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، إلا أن هذه الجهود لم تنعكس على أداء القطاع بالشكل المطلوب والمستهدف من قبل الدولة، حيث على سبيل المثال ووفقما أشارت الورقة سالفة الذكر، إن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، يوظف فقط 51 في المائة من إجمالي القوى العاملة في السوق السعودية (يمثل منهم السعوديون 9 في المائة)، في حين أن المعدل الدولي يصل إلى 63 في المائة، إضافة إلى مساهمتها المتواضعة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، التي لا تتجاوز نسبة 30 في المائة، في حين أنها تسهم في الناتج المحلي في دول أخرى بنسبة تتجاوز الـ 60 في المائة مثل إسبانيا. من بين المعوقات التي تواجه قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، وتحد من نموه، وذلك وفقما ما أشارت إلى ذلك ورقة وزير العمل، أن الجهود الرامية لتنمية القطاع غير موحدة ومشتتة، وما يؤكد على ذلك أن هناك نحو 50 جهة مختلفة من القطاعين الحكومي والخاص تخدم هذا القطاع، مما يخلق نوعا من الارتباك وعدم التركيز ولربما الازدواجية في تلك الجهود، الأمر الذي ينعكس سلباً على تنمية القطاع. رغم الصعوبات والمعوقات، التي تواجه نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، إلا أن الحكومة السعودية لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه تلك المعوقات والصعوبات، ووضعت العديد من الحلول والبرامج، التي من شأنها التغلب على تلك الصعوبات، والتي لعل من بين أبرزها وأهمها، برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة "كفالة"، والذي يديره صندوق التنمية الصناعي، برأسمال 200 مليون ريال (مناصفة بين وزارة المالية والمصارف السعودية)، بغرض تغطية وبحد أقصى نسبة 80 في المائة من مخاطر الجهة الممولة في حالة إخفاق النشاط المكفول في سداد التمويل أو جزء منه، ولتشجيع البنوك السعودية المشاركة في البرنامج على تمويل ذلك النوع من المنشآت التي تمتلك مقومات النجاح، ولكن لا تتمكن من تقديم الضمانات اللازمة للحصول على التمويل اللازم وبالذات في بدايات التأسيس. من بين الجهود الحكومية أيضاً الرامية لتعزيز مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد، تبني مشروع يهدف إلى توحيد وتكامل الجهود بين الجهات العاملة في تنمية وتطوير قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحديد البرامج والمبادرات التي تؤدي إلى بناء نظام اقتصادي متكامل للقطاع، إضافة إلى تحديد الأدوار وآليات الدعم المطلوبة التي تحتاج إليها الوزارات والجهات العاملة في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتنفيذ البرامج والمبادرات التي يتم تحديدها، والعمل على تنظيم وتوطين بعض القطاعات من خلال برامج التعاونيات. ويساند تلك الجهود برامج أخرى متعددة تهدف إلى تطوير القطاع، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، البوابة الإلكترونية الموحدة، التي تعمل على توفير معلومات دقيقة وموثقة عن الأنظمة والإجراءات المرتبطة بجميع الجهات ذات العلاقة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة. من بين البرامج المساندة أيضاً، إنشاء مراكز لدعم القطاع (المسرعات)، والتي تستهدف إلى إعداد شبكة للخدمات وتأسيس هيئات ربحية تمتلك أسهم لدى كيانات في مرحلة ما قبل التأسيس تكون لديها أفكار استثمارية، تقوم تلك الهيئات بعرضها على مستثمرين آخرين بعد تنقيحها بأفكار عالية الجودة. خلاصة القول، إن الحكومة السعودية تبذل جهودا كبيرة للغاية في سبيل دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بهدف تعزيز مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، والتي يتوقع لها أن تأتي أكلها في القريب العاجل ـــ بإذن الله ـــ مما سينعكس على ذلك النوع من المنشآت بالشكل الإيجابي الذي يحقق طموحات وتطلعات الحكومة.
إنشرها