Author

روح تالا.. وشركاتنا الوطنية.. والمسؤولية الاجتماعية

|
شهدت الحياة في المملكة تحولات جوهرية في فترة النصف قرن الماضية. تطورت كثيرا أساليب المعيشة للأسر السعودية بفضل نعم الله على هذه البلاد وبفضل إصرار قادتها على الارتقاء بها إلى مصاف الدول الأرقى معيشة. عدد الشركات والمؤسسات العاملة في المملكة يتجاوز 21000 منشأة، لكن هذه المنشآت أصبحت حملا ثقيلا يستنزف مقدرات المجتمع، ولا يسهم في نعيمه. المجتمع وطريقة حياته مكون رئيس في التطور الاقتصادي، الدولة تنفق بسخاء على تطوير هذا المجتمع وحمايته. لكن "اليد الواحدة لا تصفق"، في حين أن اليد الأخرى مشغولة بتكوين الثروات واستنزاف المقدرات، دون أية مشاركة تسهم في تحقيق التوازن المنشود. رحم الله تالا وألهم ذويها الصبر والسلون، هذه القضية من جهة وكثير من قضايا المجتمع كانت وما زالت نتاج تغير مجتمعي عانى السلبيات الطبيعية لهذا التغير. في حين أن الفرصة كانت وما زالت سانحة للعديد من شركاتنا للمساهمة في خلق التوازن المجتمعي المطلوب، الذي يسهل دوران عجلة التنمية والنمو، ويحافظ على استقرار ونمو المكون المجتمعي المحيط. المسؤولية الاجتماعية للشركات CSR محفز مهم للشركات للانخراط في شراكة مجتمعية تؤسس لحياة مستقرة للجميع، وتحارب طبقية رجال الأعمال التي يفرضونها على المجتمع. الدولة قدمت للمجتمع الكثير وتحملت العبء الكبير، وما أن تسنح الفرصة لشركاتنا حتى يردوا الجميل بلسع المجتمع بأزمات لا نهاية لها، وهم تحت حالة احتكارية للمجتمع تحميه أنظمة وقوانين الدولة. الجميع تحدث في الفترة الماضية عن الحادثة الأليمة التي أصابت المجتمع، والتي كانت نتاجا للحالة الاجتماعية التي يفرضها علينا واقعنا المعيشي. الجميع تقريبا اتفق على خطر وجود العمالة المنزلية من عاملات وسائقين والذين يتجاوز عددهم 951 ألف عامل وعاملة، فعلاوة على السلبيات المحتملة من تأثير وجودهم داخل تركيبة الأسر المحلية، يكون رقم التحويلات التي يؤدونها سنويا والتي تقارب العشرة مليارات ريال سنويا رقما فلكيا يستحق التوقف عنده ودراسته. هنا سأتوجه بالرسالة إلى شركاتنا الكبرى والتي تبحث عن مبادرات تسهم بها في تنمية المجتمع كرد لجميل هذا الوطن، والتي تحاكي أيضا كبرى الشركات العالمية التي قدمت لمحيطها الإنساني الكثير من أجل الرقي به. وأكاد أجزم بأن مسئولي التربية والتعليم لا يمانعون في منح هذه الشركات الفرصة للمساهمة في حل قضايا ذات ارتباط مباشر بالمسؤولية نحو المجتمع، والتي ستسهم في حل جزء من معاناتنا مع البطالة، وتربية النشء والمحافظة على بنية هذا المجتمع من أخطار العمالة المنزلية الوافدة، إضافة إلى خلق فرص كبرى لإبقاء الثروة المالية المهدرة في محيط المجتمع. شركتنا الكبرى مطالبة بالمساهمة في حل هذه القضية من خلال تبني تجهيز مقار الحضانة التي طالب به المجتمع على كافة الأصعدة في الفترة الماضية كمشاركة في حل لمشكلة العمالة المنزلية التي عاناها المجتمع كثيرا. المسؤولية الاجتماعية الحقيقية يجب أن يلمس فائدتها المجتمع، وليست نوعا من التسويق الإعلامي الذي يمارسه البعض من شركاتنا التي تعتقد أن المجتمع يجهل حقائق هذه المساهمات الصورية. كذلك الدولة مطالبة بتمييز المساهمات الاجتماعية الناجعة من تلك التي تمارس سياساتها الإعلامية والتسويقية في تضليل المجتمع.
إنشرها