Author

التقليد قمة الإعجاب

|
يجمع مطورو الأفكار الجديدة المبنية على ملكية فكرية (براءات اختراع) على أن جميع منتجاتهم الجديدة تعرضت للتقليد ولو بشكل جزئي أو مزج التقليد مع قليل من التجديد ليحدث ما يسمى التعدي على منتج جديد. ومع أن هذا السلوك غير مرغوب فيه، لكن مبدأ الأخلاق أحيانا لا يؤخذ به إذا كانت المسألة محسوبة بالمكاسب وبما يوازيها من خسائر أو مصروفات، حيث إن المتعدي يعلم أن ما سيدفعه مقابل تعديه قد يكون جزءا يسيرا من مكاسبه التي سيتحصل عليها، لذا فإنه يضيف هذه المصروفات على سعر السلعة المنتجة ليقدمها كتعويض مالي في حال تمكن صاحب الحق المنافس له، الذي تعدى على منتجه الجديد، من كسب القضية أو يحولها إلى أرباح غير متوقعة في ميزانية شركته إذا عجز المنافس عن كسب القضية أو كان هذيلا ولا يستطيع تحمل المصروفات الباهظة التي تتطلبها القضية. وهذا هو ما حدث في قضية "سامسونج" و"أبل"، حيث إن التعويض كان جزءا بسيطا مما حققته "سامسونج"، خصوصا في الأرباح غير المنظورة، التي منها ارتفاع ترتيب علامتها التجارية إلى مستوى يضعها في العشرة الأوائل على مستوى العالم. وفي حال كانت الشركة الأصلية شركة صغيرة فإن التعدي قد يؤدي بها إلى الإفلاس، وذلك لعدم قدرتها على متابعة القضية والصرف عليها، وهذا هو ما يجعل المبدعين يقبعون خلف الكواليس حتى على مستوى الشركات المنتجة لسلع جديدة أصيلة، حيث إن بعضها تجبر على الدخول للسوق باسم علامة تجارية مشهورة، وقد يكون من الخيارات للشركات الصغيرة المبنية على ملكية فكرية أن تندمج مع شركات أكبر منها أو أن تبيع نفسها لشركات عملاقة لنشر إبداعها ومنتجاتها الجديدة بشكل قوي، ولمنع الآخرين من التعدي عليها دون مقابل مادي، وهكذا تكون هذه البدائل الظاهرة الصحية التي قد لا ينتبه إليها رائد العمل ويصر على أن يخوض البحر وحيدا فيغرق عند أقرب عاصفة تهب عليه وينتهي الأمر إلى أن تكون سلعته مشاعة للجميع، لأن مدة الحماية قصيرة وقد لا تسعفه إلى أن يحقق نجاحات ملموسة، والكثرة دائما تغلب الشجاعة. وحسبما يمليه واقع الاستثمار في المشاريع والأفكار الجديدة فإن المتخصصين يؤكدون أنك ستغلب لا محالة، لكن عليك أن تقبل الهزيمة بأعلى قدر من الأرباح الممكنة وبروح رياضية، وإن كنت تملك أقفالا فإن معطيات ومفاتيح النجاح دائما تكون في أيدي آخرين، ويهمهم في المقام الأول الاستحواذ على أكبر قدر من كعكة النجاح، وهؤلاء الذين في العادة هم من كانوا يسخرون من المشروع عندما يكون في بداياته فستجدهم هم أول من يقلد ويتعدى إذا كانت السلعة الناجحة غير محرزة بصك ملكية فكرية، وبهذا تكون التكلفة عليهم بسيطة جدا، ويكون من الغباء أن يتركوا لك السوق وحدك، خصوصا بعد رؤية نتائج التسويق المبهرة للسلعة الجديدة، وعندما تكون السلعة محرزة سيتم التعامل معك بطرق متعددة حسب حجمك وقدرتك على المناورة والتفاوض وحجم السوق والمقارنة بين التكلفة حسب نوعية الإجراء والخطوات التي سيتخذونها، ربما يفكرون في ترخيص الملكية الفكرية بمبلغ مناسب لهم، وإذا لم تحصل لهم هذه الفرصة قد يتخذون سبيل التعدي ثم التعويض أو تضطرهم الظروف إلى شراء الشركة الصغيرة البادئة أو الاندماج معها، وكل هذه الإمكانات مطروحة أيضا أمام رائد العمل، وعليه أيضا أن يحاول معرفة الخيار المناسب له ويحاول الوصول إليه بجمع المعلومات والتعلم الذاتي والتلمذة على أيدي من سبقوه في خوض التجربة وتسخير الخبرة له ليتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب ويظل التقليد قمة الإعجاب، لكن بعدل وأسلوب مشروع وسلوك حضاري، أما مع غياب القانون أو التساهل في تطبيقه كما هو الوضع لدينا، فإن كل هذه الإجراءات لا حاجة إليها، بل يكفي أن تتعدى على منتج جديد دون مساءلة مع الشكر والتقدير.
إنشرها