Author

62 عاما لم يفترقا إلا قبل أيام!

|
- أهلاً بكم في مقتطفات الجمعة رقم 450 *** * حافز الجمعة: من يغادروننا إلى الحياة الخالدة، غريزتنا التلقائية تقودنا للحزن عليهم، لو سألناهم لما أرادوا لنا أن نحزن، فحزننا سيحزنهم، ويودون أن تكون حالنا معهم كمن يقف في أواخر الليل لا ليرى الظلام، بل ليتأكد أن النور يعود من جديد. ليتنا لا نذكرهم حزنا وظلاما، بل نذكرهم شوقاً ودعاءً ونوراً يفيض من القلوب. *** - انتقلت إلى رحمة الله تعالى الخالة نورة بنت عبد العزيز القاضي بعد معاناة من مرض طال. وأول ما رآني الخال إبراهيم الصالح السحيمي زوجها قال وهو يمسح دمعة وترتجف بسمةٌ على شفتيه الهزيلتين: "أتعرف، لقد سجلتُ أنا وأم صلاح رقما قياسيا لم نفترق به، ولم نكف عن حب بعضنا البعض، فكنت أشتاق إليها لما أخرج إلى العمل وكأني مسافر، وكانت تستقبلني كل يوم وكأني عائد من سفر. اثنان وستون عاما من زواج سعيد، لم نعرف فيه طعما لشيء آخر". *** - أرفع تعازي قرائي وتعازيّ إلى حبيبنا ومعلمنا الدكتور عبد الرحمن بن صالح الشبيلي في وفاة ابنه الفقيد طلال، ونسأل الله له الرحمة والغفران والاصطفاء مع الأبرار في عليين. والدكتور عبد الرحمن الشبيلي من علامات هذه الأمة التي لوّنت هويتها، وأعطت شكلها، أسس وأدار وأشرف على صناعات فكرية وإعلامية واجتماعية واستشارية متعددة، وقد وهبه اللهُ الطاقة وقوة العقل الحاضر، كما منحه حبا للعمل العام وتولعا في الارتقاء ببلاده.. لو كانت الأمم تضع مواطنين فخريين طيلة الحياة لكان الدكتور عبد الرحمن الشبيلي أحدهم. صبره الله وثبته في مصابه، وعزاؤنا موصولٌ لآل الشبيلي الكرام. *** - وتوفي الشيخ محمد بن عبد العزيز الراجحي، واحد من أكبر رجال الأعمال الماليين في البلاد، بل في المنطقة العربية بأسرها. عائلة الراجحي تخصصت في إدارة الأموال بأنواعها، مراعية ما تقره الشريعة الإسلامية، خصوصا في وقت كان يبدو من المستحيل أن يخرج بيتٌ ماليٌ أو مصرف عن السرب المصرفي العالمي. على أن الراجحي إخوان ملكوا ذكاءً وحنكةً وجديةً وحساسية عظيمة للفرص، وخطّوا طريقا ماليا عالميا من عندهم برؤيتهم الخاصة، وليس مما يُدرّس ويطبق في كبرى الجامعات والمصارف. يبقى أنهم عائلة اكتسبت إعجاب وحب الجميع بتواضع أفرادها الجم، وبإنجازاتهم المبهرة، وبحبٍّ لا ينقطع سخاؤه في أعمال الخير والوقف. رحم الله الشيخ محمد الراجحي، ونسأل اللهَ له الرحمة وأن يسكنه في جنات الخلد.. آمين. *** - في المسألة السورية: إني، وربما غيري كثيرون، لا يتوقعون نجاحا للسيد الإبراهيمي موفد الأمم المتحدة إلى سورية، قضية سورية صارت كالفالج الذي لا يعالج، ويبلغ الفشل أقصاه باعتراف الإبراهيمي بسوء الحال، وضعف القدرة، ويتوجها بقوله: إن أفضل الحلول هو ما تقدم به طيب الذكر كوفي عنان. يعني عود إلى بدء. في ظني أن من يحاولون إيجاد حل للمسألة السورية من الداخل لن يجدوا الحل. دعوني أروي قصة صغيرة لأشرح وجهة نظري: مرّ شرطيٌ على رجلٍ في نصف الليل وهو يبحث عن شيءٍ تحت عمود النور، فسأله: عن ماذا تبحث: فقال: عن قطعة نقد وقعت مني. فسأله الشرطي: وهل وقعت هنا؟ قال الرجل: "لا، لم تقع هنا، ولكن هنا نور، وأسهل لي البحث تحت النور!" غني عن الذكر أن الرجلَ لم يجد ما أضاعه. وحال البحث عن حل داخل سورية هو بحث في المنطقة الخطأ، لن نعثر على أي حل داخل سورية لا من الحكومة ولا من المعارضة، فالمسألة بينهما تعدت أي حدٍّ للحلول. أعتقد يجب أن نبحث عن الحل خارج سورية، في إيران وفي روسيا وفي الصين. إن التركيز مع هذه الدول وفتح أوسع أبواب النقاش وتفهم لمواقف وإقناع الأطراف هو في رأيي الطريق الصحيح، فهي الدول التي تملك مفاتيح لحل المعضلة السورية، لأن بشار الأسد لا يمكنه أن ينتعش ويستمر بلا رفد من هذه الدول، بل سيجف على الفور. حتى ذلك الوقت فالباحثون عن حلّ داخل سورية سينضمون لصاحبنا الباحث عن نقده تحت عمود لنور! *** - في الأدبيات الغربية، خصوصا في الشمال الأوروبي، للشمس موقع خاص. والاسكندناف يرمزون لها أيام الفايكنج بأنها منقذة الكون. وولع الغربيين بالشمس ما زال نوعا من العشق الصوفي والحيوي. تم التأكد الآن ببحوث علمية أن هناك شعوبا أوروبية تصاب بالكآبة ويزداد عدد زياراتها للأطباء والمحللين النفسيين، بسبب الافتقار لضوء الشمس في فصل الشتاء. على أن هناك شيئا آخر، وهذا سيعنينا أيضا، أنهم وجدوا أن انتشار مرض الكآبة في بلدان مشمسة هو بسبب المكوث طويلا داخل المباني، والاستعاضة بضوء المصابيح التي تورث الكآبة رغم إضاءتها. يبقى أن نورَ الشمس، النور الإلهي هو نور الحبور والانشراح. في أمان الله.
إنشرها