Author

دعونا نحتفل بالمستقبل

|
لكل مواطن طريقة في استذكار اليوم الوطني. قد نشغل وقتنا باستذكار التاريخ. أو تكرار البحث المكرر أصلا في الجدلية القديمة حول مشروعية الاحتفال أو عدمها. أو ربما نسلك الطريق السهل الذي اختارته قنواتنا التلفزيونية في نفض الغبار عن الأرشيف... إلخ. الخيار الذي أجده أنفع لنفسي وأهلي هو: أ) استذكار القوانين التي أقرت ولم توضع على سكة التنفيذ. ب) استذكار القوانين التي تحتاجها البلاد، لكنها - لسبب ما - لا تجد حماسا بين أولي الشأن. سمعت قبل أيام أن مجلس الوزراء (أو ربما الديوان الملكي) طلب من مجلس الشورى وضع سقف زمني لإنجاز مشروعات القوانين التي ترسل إليه، لتلافي التعطيل غير المبرر. هذا توجيه يلامس حاجة جدية، لا يستشعر معظم الناس أثرها، لكن المؤمنين بأهمية القانون وحاجة البلاد إلى نظام قانوني متكامل، يدركون أن غياب القانون أو تأخيره علة من علل الفشل الإداري وانحدار مستوى الأداء. بالمنظار نفسه وعلى المستوى نفسه فإن مجلس الوزراء مطالب بوضع سقف زمني لإجازة القوانين التي جرى إقرارها في لجانه المتخصصة أو في مجلس الشورى. يوضع القانون كإطار لعلاج حاجة وطنية انكشفت في وقت معين. حاجة تتعلق بحياة الناس أو بإدارة الاقتصاد أو حفظ الأمن الاجتماعي أو غير ذلك من شؤون البلد، وليس من المنطقي أن نحدد الحاجة ونضع لها علاجا، ثم نضع هذا العلاج في الأدراج شهورا أو سنوات. أحد أكثر الأمثلة إلحاحا هو نظام الجمعيات الأهلية الذي أقره مجلس الشورى بصورة نهائية قبل عامين، بعدما قضى أربعة أعوام دائرا بين المجلسين ولجانهما. ومن الأمثلة على النوع الثاني، أي القوانين التي نحتاجها ولا تجد حماسا بين ذوي الشأن، أشير إلى القوانين الضرورية لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم. انضمت المملكة إلى جميع مواثيق حقوق الإنسان العربية والإسلامية والدولية، وأنشأت في السنوات الأخيرة "هيئة حقوق الإنسان" التي يفترض أن تراقب التزام الدوائر الرسمية بحقوق الإنسان، لكن بنود تلك المواثيق لم تصبح جزءا من القانون الوطني، ولم تصدر لوائح تنفيذية تجعلها ملزمة، أو تمكن الأطراف ذات العلاقة من الاحتكام إليها. ثمة قوانين يفترض أن تحمي حقوق المواطنين، مثل نظام المطبوعات والنشر الذي يشكل الإطار القانوني للتعبير عن الرأي، لكن هذا النظام مكرس في معظمه لبيان القيود على حرية التعبير وليس لتأكيدها أو بسط الوسائل القانونية لحمايتها. النصوص العامة والمختصرة يمكن أن تستعمل على أوجه متعاكسة. أنا وغيري من الكتاب ومنتجي الفكر لا يرون في هذا القانون أداة لحماية حرياتهم قدر ما يرون فيه تقييدا لحقوقهم. نحن في حاجة إلى التعجيل في وضع اللوائح التنفيذية للقوانين التي أقرت، وتحديد موعد نهائي لتنفيذها. ونحن في حاجة إلى وضع وثيقة وطنية لحقوق الإنسان تشكل مرجعية يحتكم إليها الناس إذا شعروا بأن حقوقهم تتعرض للخرق أو العدوان من جانب أي طرف، رسمي أو غير رسمي. نريد احتفالا باليوم الوطني يكون فاتحة لتطوير حياتنا وبلدنا وصيانة أمن مواطنيها وضمان حقوقهم، كي ينصب فخرهم بوطنهم على اعتزاز بحلم مستقبلي قابل للتحقيق.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها