Author

هل الخليج العربي..فارسي؟!

|
ليس جديداً استغلال إيران المناسبات الرياضية لإشعال فتيل الخلافات السياسية، فهي تفعلها منذ اعتلى الخميني سدة الحكم قبل ثلاثة عقود، ففي كل زيارة لفريق كرة قدم خليجي، يعمق الإيرانيون أزمة عدم الثقة بينهم وبين الشعوب الخليجية، هذه المرة فعلوها في المباراة الأخيرة التي استضاف فيها فريق سباهان الإيراني نظيره الأهلي السعودي، وكالعادة حمل الجمهور لافتات سياسية لا صلة لها إطلاقاً بالرياضة، وبالتأكيد ترديد الأنشودة البليدة، بأن الخليج العربي.. فارسي. يظنون أنهم يستفزون جيرانهم على الضفة الغربية بهذه التسمية. الحقيقة أن الإيرانيين يستفزون أنفسهم قبل غيرهم، ويكشفون أن لغتهم نحو ''تعزيز العلاقات'' ما هي إلا كلام يضحكون به على ذقون بعض الأنظمة العربية. الجدل البيزنطي، إذا صح التعبير، حول تسمية الخليج عربياً أو فارسياً، حسم منذ فترة طويلة، سواء عبر المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، أو حتى تاريخياً. فالفرس هم من سماه بحر فارس، ولهم أن يسموه ما شاءوا، في حين أن الرومان سموه الخليج العربي، وذلك في القرن الأول للميلاد، وبعيداً عن التسمية الصحيحة لأي من الطرفين، فهناك حقيقة ثابتة وهناك رأي، وقد نختلف في الرأي وليس لنا ذلك أمام الحقائق، والحقيقة الأكيدة أن المجموع العام لطول الساحل على الخليج يبلغ 3300 كيلومتر، حصة إيران منها الثلث فقط، وحينما نعلم أن حتى الثلث الفارسي هو في حقيقة الأمر عربي خالص، باعتبار أن العرب هم من يسكن على معظم سواحل إيران المطلة على الخليج العربي، فلا استنتاج سوى أن هذا الخليج هو بحيرة عربية لا فارسية، لا يعكرها سوى الاحتلال الفارسي للجزر الإماراتية الثلاث، بل إن حتى أشهر الباحثين الغربيين تخلوا عن التسمية الفارسية للخليج، ومن هؤلاء المؤرخ الإنجليزي روديك أوين الذي غير رأيه بعد زيارة المنطقة وتأكده أن ''أكثر سواحله من العرب''، وكذلك الكاتب الفرنسي جان جاك بيربي، والمؤرخ الألماني كارستن نيبور، وأستاذ المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية في باريس جون بيير فينون، الذي قدم خريطة لوكانور التي يرجع تاريخها إلى نهاية القرن السادس عشر والتي تحمل التسمية اللاتينية سينوس أرابيكوس أي ''البحر العربي''. وبعيداً عن الحقائق التاريخية، فلا أرى المساعي الإيرانية لمواصلة الاستفزاز لجيرانهم إلا تذرعاً تعوزه الحجة والمنطق. ما يبدو جلياً أن الإيرانيين يريدون تأصيل الفكرة القائمة على أن القومية الفارسية أعلى شأناً من القومية العربية، وفي هذا يتنافس المتنافسون من المحافظين الإيرانيين والمتشددين للوصول إلى هذا الهدف، اترك عنك المحاولات لخلق توترات طائفية في المنطقة، فما هذا إلا هدف ثانٍ في الاستراتيجية الفارسية طويلة المدى. ولعل العرب العائدين من طهران قد قالوا كلمتهم في الشوفينية الإيرانية لمصلحة الفارسية وضد العربية، بعيداً عن المذهب والدين، وهو ما لا يفهمه أصدقاء إيران في بلادنا.
إنشرها