النظام التعليمي في السعودية «يتهاوى» ولن ينتج جيلا «مبدعا»

النظام التعليمي في السعودية «يتهاوى» ولن ينتج جيلا «مبدعا»

وصف الدكتور أحمد العيسى رئيس لجنة تطوير مدارس الرياض التعليم العام في السعودية بالمتردي، وأنه متخلف عن مسايرة ما يجري اليوم على المستوى التعليمي التربوي في دول العالم المتقدمة، وكذلك الدول التي تتلمس خطاها بصدق ومثابرة للحاق بالركب العالمي علميا وتقنيا وحضاريا، مؤكدا أن نظام التعليم العام في بلادنا غير قادر على إنتاج جيل واع ومبدع ومنافس، كما أنه غير قادر على إتاحة الفرصة له لامتلاك مهارات التعلم التي تساعده على اكتساب المعرفة المتجددة في المستقبل، وغير قادر على إنتاج المعرفة وتطويرها، وأيضا غير قادر على جعله منافسا في ميادين البحث والاستكشاف والتأليف، فضلا عن عدم امتلاكه القدرات التي تمكّنه من مواجهة تحديات الحياة. وقال العيسى خلال المحاضرة التي ألقاها ضمن فعاليات ''خميسية'' حمد الجاسر - يرحمه الله - المقامة بمنزله أمس في حي الورود في الرياض، تحت عنوان ''معالم في طريق إصلاح التعليم في المملكة'': ''إن ما يتعلمه الطالب من مهارات وقدرات خارج أسوار المدرسة يفوق بكثير ما يتعلمه داخلها''. وأكد العيسى على دور الدولة ومسؤوليتها في توفير التعليم العام المجاني لجميع أفراد المجتمع، مشيرا إلى أن الأسرة لا ينبغي لها أن تتحمل تكاليف التعليم العام مهما كانت الظروف، حتى لو اضطرت الدولة إلى فرض ضرائب لتحصيل تلك التكاليف. وأضاف أن الحاجة ماسة إلى إصدار وثيقة خاصة بحقوق الطلاب وواجباتهم تكون واضحة أمام ولي أمر الطالب وأمام المعلم وإدارة المدرسة وأمام المحاكم إن لزم الأمر، فالطالب عنصر أساس في العملية التعليمية وإغفال حقوقه يمس قيم التعليم العام. في مايلي مزيد من التفاصيل: وصف الدكتور أحمد العيسى، التعليم العام في السعودية بالمتردي وأنه متخلف عن مسايرة ما يجري اليوم على المستوى التعليمي التربوي في دول العالم المتقدمة، وكذلك الدول التي تتلمس خطاها بصدق ومثابرة للحاق بالركب العالمي علميا وتقنيا وحضاريا، مؤكدا أن نظام التعليم العام في بلادنا غير قادر على إنتاج جيل واع ومبدع ومنافس، كما أنه غير قادر على إتاحة الفرصة له لامتلاك مهارات التعلم التي تساعده على اكتساب المعرفة المتجددة في المستقبل، وغير قادر على إنتاج المعرفة وتطويرها، وأيضا غير قادر على جعله منافسا في ميادين البحث والاستكشاف والتأليف، فضلا عن عدم امتلاكه القدرات التي تمكنه من مواجهة تحديات الحياة. وحدد العيسى الذي يشغل منصب رئيس لجنة تطوير مدارس الرياض ومستشار مؤسسة مسك الخيرية، أربعة مرتكزات أساسية كوصفة لإصلاح التعليم العام وتطويره في السعودية، وهي إيجاد فكر تربوي جديد، ووضع سياسات جديدة للنظام التعليمي، وإعادة الاعتبار إلى مهنة التعليم، وتطوير المناهج وطرق التدريس، معتبرا أن قضية إصلاح التعليم يجب أن تكون في أولويات اهتمامنا وفي صدارة قضايانا الوطنية. وقال خلال المحاضرة التي ألقاها ضمن فعاليات "خميسية" حمد الجاسر - يرحمه الله - المقامة في منزله أمس في حي الورود في الرياض، تحت عنوان "معالم في طريق إصلاح التعليم في المملكة": "إن ما يتعلمه الطالب من مهارات وقدرات خارج أسوار المدرسة يفوق بكثير ما يتعلمه داخلها، بل يمكن القول إن المدرسة أصبحت تمارس دورا عكسيا في تمكين الطالب من المهارات الحياتية، وأن ما نشاهده من بعض حالات النبوغ والتفوق عند بعض أبنائنا في تخصصات علمية وإنسانية ضعيف جدا، وهذا النبوغ الفضل فيه بعد الله، إما لاجتهاد شخصي أو لدعم أسري أو فرصة تعليمية في مكان آخر". ولفت رئيس لجنة تطوير مدارس الرياض، إلى أن مصطلح تطوير التعليم فقد هيبته وحضوره وفقد معه الناس بسبب ضعف مشاريع التطوير، الأمل في الإصلاح، وأن نظام التعليمي يحتاج إلى إعادة بناء من جديد ومن الأساس بما في ذلك عناصره التقنية مثل تطوير أداء المعلم، أو تطوير المناهج الدراسية، أو معالجة ازدحام الطلاب في المدارس أو حل مشكلات المعلمين. ورأى أن نظام التعليم في السعودية يحتاج إلى أن بث فكر تربوي جديد، لافتا إلى أن كثيرا من المشكلات التي نجدها على السطح تدل على أن أساس الفكري التربوي غير موجود على الإطلاق أو أنه قديم ويعتمد على نظريات تراكمت بفعل تجاربنا المحلية، وليس على نظريات تربوية تعملقت من خلال التأمل والبحث والمناقشة والاستفادة من تجارب الآخرين. وأشار العيسى إلى أن سياسية الدولة تجاه التعليم العام "ضبابية" في هذه المرحلة، في ظل اختفاء اللجنة العليا لسياسة التعليم وعدم تفعيل المجلس الأعلى للتعليم، مبينا أنه نتيجة للتجاذبات الفكرية داخل المجتمع فإن بوصلة وزارة التربية والتعليم تتجه في غير اتجاه. وطرح المحاضر تساؤلات عدة حول موضوع التعليم العام، منها غياب الدراسات والأبحاث والكتب الفكرية التي تتناول قضايا التربية والتعليم في السعودية، وغياب الدراسات الجامعية التي تغوص في عمق مشكلات التربية وتحلل مستوى التفكير التربوي لدى المعلمين والمسؤولين وأصحاب القرار في مدارسنا، وغياب الدراسات المقارنة بين نظامنا التعليمي وأنظمة التعليم الأخرى ليس في القضايا التقنية وإنما في القضايا الفلسفية والفكرية والتربوية البحتة، كما تساءل عن الأدوار المتبادلة بين المعلم والمدرسة والطالب والمناهج التعليمية، ومدى ترابط وتفاعل هذه العناصر لإتمام العملية التعليمية في الشكل الصحيح، وفق الطرق والوسائل المتبعة لتحقيق الهدف المنشود في عالم معقد ومتغير. واتهم الدكتور العيسى بعض المفكرين والمثقفين من مختلف الاتجاهات بافتقادهم روح المسؤولية وأمانة الكلمة، حيث تدور الاختلافات في أمور ثانوية وليست جوهرية، كالرياضة في مدارس البنات، وتعليم الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، في تجاذب غير منطقي وتوحيد إدارات التعليم للبنين والبنات أخذ حيزا من النقاش لا داعي له. ## نظامنا التعليمي يحدث انقساما ثقافيا واجتماعيا تحصد «سوأته» الأجيال المقبلة محمد الشهري من الرياض قال الدكتور أحمد العيسى: "إن نظامنا التعليمي يسير إلى إحداث انقسام ثقافي واجتماعي كبير ظهرت بوادره أمام المتفحص، وستتبين سوأته بشكل أكبر في الأجيال المقبلة، فمن أقصى طرفي النقيض توسع الوزارة في التعليم الدولي، حيث فتحت المجال أمام المدارس الأهلية لتطبيق المناهج الأمريكية والبريطانية أو الباكلوريا الدولية، وتتحول الآن الكثير من المدارس الأهلية إلى تطبيق هذه المناهج، نظرا للإقبال عليها من بعض أفراد المجتمع الذين سئموا من الوعود في تطوير التعليم". وأضاف: "بذلك يتم تدريس معظم المواد باللغة الإنجليزية مع إضافة مواد بسيطة في علوم الدين واللغة العربية، وفي الطرف الآخر لدينا أعداد كبيرة من الطلاب يلتحقون بمدارس تحفيظ القرآن والمعاهد العلمية وهي تبتعد كثيرا عن العلوم الحديثة، وتكرس المسار الوحيد أمام طلبة هذا النوع من التعليم، وفي الوسط يتيه المنهج الوطني في زحمة المدارس الحكومية والأهلية على حد سواء لعدم فعالياتها". وقال رئيس لجنة تطوير مدارس الرياض ومستشار مؤسسة مسك الخيرية: "إن أبناء الأغنياء يحصلون على تعليم أفضل في بعض المدارس الأهلية والبرامج الدولية، ويحاول كثير من أبناء الطبقة الوسطى اللحاق بهم ومحاولة الهروب من المدارس الحكومية على الرغم من تحمل التكاليف المالية الباهظة، بينما يبقى من لا حول له ولا قوة في مدارس مكتظة وخدمات ضعيفة وتعليم لم يستطع أن يؤثر في الطفل، فيقوّم سلوكه أو يغذي روحه أو ينمي مداركه ووعيه"، مؤكدا أن "هذا كله خطر كبير على الدين والثقافة والتاريخ والمستقبل ووحدة الوطن واستقراره". وزاد في القول: "إنني ضد التشوهات التي تحدث في التعليم العام فأنا مع التعليم الديني القوي الذي يركز على الثوابت وينمّي الأخلاق الفاضلة، ومع تعميق القيم الدينية والاجتماعية في نفوس أبنائنا، ومع الاعتزاز باللغة العربية وتقوية مهارات استخدامها في الحياة، ومع الاهتمام بالآداب والثقافة العربية الأصيلة، ومع تقوية مستوى طلابنا في اللغة الإنجليزية كلغة ثانية وليست كلغة أصلية". ## مجانية التعليم مسؤولية الدولة ولو استلزم الأمر «فرض ضرائب» محمد الشهري من الرياض أكد الدكتور أحمد العيسى على دور الدولة ومسؤوليتها في توفير التعليم العام المجاني لجميع أفراد المجتمع، مشيرا إلى أن الأسرة لا ينبغي لها أن تتحمل تكاليف التعليم العام مهما كانت الظروف، حتى لو اضطرت الدولة إلى فرض ضرائب لتحصيل تلك التكاليف. وأضاف أن الحاجة ماسة إلى إصدار وثيقة خاصة بحقوق الطلاب وواجباتهم تكون واضحة أمام ولي أمر الطالب وأمام المعلم وإدارة المدرسة وأمام المحاكم إن لزم الأمر، فالطالب عنصر أساس في العملية التعليمية وإغفال حقوقه يمس قيم التعليم العام. وقال: "إن التعليم العام في السعودية يحتاج منا إلى التركيز على الأولويات وإعادة الثقة لبعض فئات المجتمع التي تتوجس من مشاريع تطوير التعليم، والتأكيد على أن الإصلاح أصبح ضرورة وليس ترفاً، وأن الجهود المخلصة لن تمس الثوابت الدينية بل ستعزز من قيم الإيمان وترسخ الاعتزاز بالهوية الإسلامية وتنمي الأخلاق الفاضلة". وأشار العيسى إلى أن تطوير الكتاب المدرسي وجعله جميلا وخفيفا لا يمثل تطورا حقيقيا في تطوير المنهج، حيث نحتاج إلى تطوير المناهج بطريقة مختلفة من خلال مركز وطني متخصص يضم خبراء في التربية وعلم النفس وطرق التدريس، ويكون قادرا على إشراك المعلم من خلال حلقات التدريب والنقاش حول المناهج الحديثة وكيفية بنائها وتطويرها، كما ينبغي أن يتم تطوير الخبرات التربوية الوطنية من الجنسين من خلال التدريب في الداخل والابتعاث إلى الخارج ليس في برامج الماجستير والدكتوراه فحسب، وإنما في برامج تدريبية متقدمة تصمم بالتعاون مع المؤسسات التربوية المشرفة على التعليم في الدول المتقدمة.
إنشرها

أضف تعليق