default Author

شجرة السلالات البشرية

|
بعد أن ساهم تحليل الحمض النووي DNA في كشف غموض الكثير من الجرائم والأمراض ها هو اليوم يساهم في معرفة أصول الأحياء ونسبهم. يصل إلينا الغرب في عقر دارنا وينافسنا فيما كنا نعتقد أنه علم يختص بنا ويميزنا عن غيرنا وهو معرفة الأنساب والقبائل وانتماءات البشر، فترى كثيرا من الناس يزين صدر مجلسه بشجرة العائلة مفاخرا وسعيدا بكل نظرة تلقى عليها! وشهدت السنوات الماضية عددا من قضايا التفرقة بين الزوجين بسبب عدم تكافؤ النسب دون دليل على ذلك غير ما تعارف عليه اجتماعيا، حيث لدينا تصنيف للبشر يزيد على التصنيفات العالمية فلدينا قبيلي وغير قبيلي وغيرها كثير، ولعل هذا العلم الحديث نوعا ما يساهم في إلغاء هذه التصنيفات، ويؤكد ما تعارفنا عليه دينيا ولم نعمل به اجتماعيا وهو أن أصل البشر واحد ولا فرق بينهم إلا بالتقوى قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). فهل ستحل شجرة السلالات البشرية محل شجرة العائلة؟ كدليل قاطع على التخلي عن القبلية لدينا، كما نسف هذا العلم تصنيف العلماء الغربيين للبشر على حسب أشكالهم وألوانهم ونوع شعرهم وبنيتهم الخارجية. اليوم بإمكان أي شخص معرفة نسبه وأجداده وقبيلته ونشأتها ومكان تواجدها وعلاقتها بالقبائل الأخرى والسلالات البشرية من مسحة من لعابه أو أثر على كوب قهوته! بعيداً عن كتب الأنساب التي قد يعتريها التحريف أو تحكمها أهواء كاتبيها. هناك عديد من الشركات المختصة في هذا الموضوع تقدم خدماتها للأفراد والمؤسسات والحكومات والطوائف أحدها في دبي لدراسة القبائل العربية. ونتيجة لجهود هذه المختبرات تم اكتشاف عدد من الأمور التي كنا نعتبرها حقائق لا جدال فيها، ومنها أن جزءاً من اليهود الذين كانوا يعتقدون بساميتهم (نسبة إلى سام بن نوح) لم يكونوا كذلك! كما وجدوا أن القبائل العربية من أصل واحد وتتبع السلسلة (جي هابلو جروب) التي ترمز للقبائل السامية من العرب واليهود (جدهم واحد)، ومع مرور الزمن تحدث تحورات وتغيرات جينية ينقلها الرجل إلى نسله وبعد أجيال عدة تحدث طفرة أخرى تنتقل إلى ذرية الآخر وهكذا. وهذه التحورات تمكننا من معرفة المجموعات الأساسية والفرعية لتحديد الأنساب والقبائل بدقة، حيث أمكن تحديد 28 سلالة رئيسة في العالم تزداد مع ازدياد البحوث والعينات فكل هابلوجروب أو سلالة تحتل بقعة من العالم وترتبط بجد واحد فأصحاب السلالة (جي ١) تتمركز في اليمن ومنه تنتشر إلى شمال الجزيرة العربية، ومنها جاءت السلالة الإبراهيمية وسلالة محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وذلك سيحد من عدد مدعي شرف النسب إليه صلوات الله وسلامه عليه. لقد دفع الاهتمام بهذا الموضوع المحقق الصحافي "جان بول موردرس" للحصول على عينة من أقرباء هتلر بأي وسيلة لذا قام بمتابعة ألكسندر هوستون من الجيل الثالث لأقرباء هتلر زمنا طويلا حتى تمكن من الحصول على منديل سعل به من زبالة أحد شوارع نيويورك وأسرع به إلى المعمل. وكان يملك عينة من شخص يدعي أنه من أبناء عمومة هتلر، وكان يشك في ذلك. وكانت المفاجأة أن تطابق الاثنان في النسب الجيني مع بعضهما ومع عينة هتلر، ولكن الأغرب أنهم وجدوا لديهما جين يندر وجوده في أوروبا بينما يوجد بنسبة عالية في شمال إفريقيا والصومال! وكشفت شركة سويسرية أن توت عنخ آمون يحمل جيناً يتطابق مع سلالات أوروبا ولا يوجد إلا بنسبة 1 في المائة في المصريين! ولا ندري ما هو دافع صاحب مشروع (اعرف أباك) الذي اتخذ من شاحنته معملاً يجوب به شوارع نيويورك للكشف عن حقيقة نسب الأبناء لآبائهم. ومن نتيجة الحملة أن رجلا طلق زوجته بعد أن تبين له أن ابنه الذي نقش صورته على صدره من شدة حبه لم يكن من صلبه! ونأمل ألا يزيد هذا الاختبار من العصبية القبلية، وأن يستخدم عن طريق المحاكم فقط في قضايا إثبات النسب.
إنشرها