Author

مزاج..!

|
حالة المزاج العام في الشارع الرياضي السعودي سيئة للغاية، ما خلق أجواء خصبة لتداول الشائعات ودحرجة كرة الثلج وظهور مدربين من منازلهم، ومنظرين لم يمارسوا كرة القدم ولا حتى في "كشتة"، ونقادا كل حواراتهم تختم بكلمة: يا أخي ارتقي. مع أن "يا أخي ارتقي" لا تأتي هكذا لوحدها دون تحديد جهة الارتقاء المطلوب، ولمن. .. بعد خسارة المنتخب السعودي من إسبانيا بخماسية كتب مشجع إسباني على حسابه في توتير: "قمنا بأكبر عملية نصب في العالم، أخذنا فلوسهم وهزمناهم بالخمسة"، بعدها بدقائق بدأت كرة الثلج تتدحرج: فلوسنا.. فلوسنا.. يا ويلكم من الله اثنا عشر مليون ريال تدفعونها للعب مع إسبانيا وتعطون عيالنا «حافز». لم يقل عاقل: إن هذا المشجع الإسباني ليس مصدرا رسميا وربما كان أحد المعتوهين الذين يقتحمون مباريات الدوري الإسباني عراة بعد أن أفرغ كرتون بيرة كامل في بطنه، ولم يقل هؤلاء إن الإسباني نفسه لم يقل شيئا عن الملايين الاثني عشر. .. ولا يعلم مروج الشائعة أن المنتخب السعودي كان متورطا في تكاليف إقامته وتذاكره لأن إدارة الاتحاد المؤقتة رفضت بداية دفع تكاليف الإقامة والسكن بحجة أنها لا تملك المال، ورغم هذا أصبحت المباراة باثني عشر مليون ريال حقيقة تتداولها الجماهير، والمصدر مشجع إسباني على تويتر يستظرف لدى متابعيه، هل يعقل هذا؟، لا يعقل ولا يصدق لكن حالة المزاج العام تسمح لأي أحد يعتقد أنه يمتاز بصنع النكتة والظرافة أن يقول: لعبنا مع إسبانيا مقابل بئر بترول. وسيجد من يدحرج الكرة ويمررها وكأنها حقيقة، وإن قلت له: لا يعقل، قال: والله مدري يقولون. وتقول له: لا تؤجر عقلك لأحد، فيقول: إيه بس لو دفعوا الفلوس هذي في تزويج شبابنا مو أحسن. ولا تملك إلا أن تشد شعرك أو تدعي أن بطارية هاتفك قد نفدت. حالة المزاج العام السيئة سمحت أيضا لمن لا يعرف عن الكرة إلا استدارتها، أن يتحول إلى مدرب ينتقد رايكارد صاحب التاريخ الطويل، وإلى مؤرخ يذكرنا ببطولات الأخضر، وفي كل مرة يردد: آه على أيام النعيمة وماجد والثنيان والهريفي وسامي وفؤاد، ولا يذكر أن هؤلاء العباقرة أيضا أكلوا بالخمسة والسبعة والثمانية وحققوا بطولات وخسروها كما كل فرق العالم، انتصروا على فرق كبيرة وخسروا من فرق صغيرة. وكانت الكويت عقدتهم قبل حلها، واستمرت معهم البحرين عقدة حتى اعتزل أغلبهم. .. واحد من هؤلاء المدربين المقيمين في منازلهم واستراحاتهم ولم يكملوا دراستهم في معاهد كرة القدم الإنجليزية لأسباب اقتصادية، ولم يلعب كرة القدم قط لأسباب صحية ونفسية أبرزها البدانة المفرطة، أقول له: هذا جيل جديد قد ينجح وقد لا ينجح، لكن ليس من العدل مهاجمتهم والسخرية منهم قبل المباريات على الأقل، فيرد في جهة أخرى: يعني أنت موافق أن رايكارد يأخذ هالملايين. أقول له: كل حكومات العالم تدفع رواتب عالية لمدربي منتخباتها، وبعض عقود مدربينا السابقين أعلى من عقد فرانك. فيرد بعصبية: هذا اللي ضيعنا تلعبون بفلوسنا ولاعبونا ما عندهم روح ولا عزيمة وانهزاميون، ويكمل: ليش ما يجنسون لاعبين بدل هؤلاء. ولا تملك أمام هذا إلا أن تفرك عينيك بشدة لتتأكد هل تتحدث إلى شخص واحد أم شخصين سياميين أم أن هناك شخص مصاب بالفُصام في هذا المجلس. حالة المزاج العام السيئة حاليا تستدعي أكثر من أي وقت مضى أن يضطلع أصحاب الرأي الحقيقين وقادته في المجتمع الرياضي بمسؤولياتهم، وأن يمارسوا أدوارا توعوية وتثقيفية أكثر من ذي قبل.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها