Author

في ذكرى إفلاس بنك ليمان براذرز (1 من 2)

|
في يوم الإثنين 15/9/2008 أعلن إفلاس بنك ليمان براذرز، أحد أكبر اللاعبين في سوق الرهن العقاري الأمريكي، وأحد كبار مصرف الاستثمار في العالم، وذلك في أكبر عملية إفلاس شهدتها الولايات المتحدة. فعلى مدى الفترة من 2007 إلى 2008 حاول المصرف أن يقاوم الاتجاه نحو الإفلاس من خلال السعي لزيادة رأسماله، أو التفاوض على الاستحواذ عليه من جانب إحدى المؤسسات المالية الكبرى في العالم، أو حتى تأمين حزمة إنقاذ حكومية للمصرف، غير أنه في الوقت الذي قدمت فيه الحكومة الأمريكية مئات المليارات لإنقاذ عملاقي الرهن العقاري ''فاني ماي'' و''فريدي ماك''، لم يكن هناك اتجاه رسمي على ما يبدو لإنقاذ المصرف. كانت هناك أخبار حول نية بنك أوف أمريكا وبنك باركليز الاستحواذ على المصرف ذي التاريخ الطويل في السوق المصرفية الأمريكية، غير أن المصرفين اكتشفا أن التكلفة التي سيتحملانها لدعم رأسمال المصرف من خلال إعادة رسملته ستكون ضخمة، أخذا في الاعتبار حجم الخسائر في المحفظة العقارية للمصرف، التي يمكن أن تشكل تهديدا مستقبليا لأي مصرف يريد الاستحواذ على ''ليمان براذرز''، خصوصا أن التقارير الواردة من ''الاحتياطي الفيدرالي'' كانت تشير إلى عدم استعداده لضمان خسائر المصرف، مثلما حدث في صفقة استحواذ ''جي بي مورجان'' على ''بير شتيرنز''، وعلى مدى الفترة 2007 - 2008 كانت أسهم المصرف قد انخفضت بنسبة 95 في المائة تقريبا، وبحلول الإثنين 15/9/2008، انخفضت قيمة الأسهم إلى الصفر تقريبا، وفشلت كل محاولات إنقاذ المصرف الذي كان في يوم من الأيام من كبار مصارف الاستثمار في الولايات المتحدة والعالم، ومن هنا بدأ الذعر يدق الأسواق الأمريكية، ومنها إلى باقي الأسواق في العالم ليعلن بصورة رسمية عن ميلاد الأزمة المالية العالمية، التي ما زلنا نعيش آثارها حتى اليوم. لقد أظهر إفلاس المصرف أن النظام المالي العالمي هش للغاية وأنه من الممكن أن يتعرض للاضطراب بسهولة وعلى نحو واسع النطاق، وذلك على النحو الذي شهده العالم بمجرد إعلان إفلاس المصرف، حيث انتشرت حالة من عدم التأكد وعدم الثقة في الوقت ذاته، منع معظم المؤسسات المالية من الإقراض، ودخلت نتيجة لذلك اقتصادات معظم دول العالم في حالة كساد، واضطرت الحكومة الأمريكية على نحو خاص إلى إنفاق تريليونات الدولارات من أجل إنقاذ الاقتصاد الأمريكي من الكساد ومنع الأزمة من التطور بصورة أكبر على النحو الذي شهدته في الكساد العالمي العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي. إفلاس مصرف ليمان براذرز أفضل تمثيل لحالة المؤسسة المالية الكبيرة التي يجب ألا تسقط تحت أي ظرف من الظروف، نظرا للآثار المدوية التي يمكن أن تنطلق من سقوطها. غير أن حالة ''ليمان براذرز'' أعادت للأذهان أيضا صورة المؤسسات المالية الضخمة التي يمكن أن تقدم دائما على الممارسات المالية المتهورة استنادا إلى ضمان الدعم الضمني الذي ستحصل عليه من الحكومة في حال تعرضها لمخاطر السقوط. فقد اكتشف مديرو مثل هذه المؤسسات أن ضخامة حجم المؤسسة المالية يكفل تأمين الدعم الحكومي لها في حال تعرضها لأي مخاطر يمكن أن تتسبب في سقوطها، حيث سيكون لزاما على صانع السياسة تقديم الدعم المالي المناسب لإنقاذ هذه المؤسسات، وذلك حفاظا على النظام المالي المحلي من الاضطراب وربما مستويات النشاط الاقتصادي.
إنشرها