Author

كفاية وبيئة الاقتصاد المعرفي

|
بين كل فترة وأخرى تطالعنا بعض الصحف اليومية بخبر تحقيق الاقتصاد السعودي و/أو بعض مؤسساتنا وهيئاتنا الحكومية مراكز متقدمة في فئات التصنيف العالمي التي تضعها بعض المؤسسات الدولية. ماذا يعني لنا تبوؤ المملكة مراتب عالية في التصنيف من المؤسسات الدولية حتى أصبحت هدفا تتنافس أغلبية المؤسسات الحكومية لدينا لتحقيقه إذا لم يترجم ذلك لخلق فرص وظيفية لطالبي العمل من العمالة السعودية؟ ماذا يعني أن تحقق المملكة على سبيل المثال، المركز 11 في سهولة تأسيس الأعمال إذا لم يصاحب ذلك خلق وظائف جديدة وتطور في نمط العمل. في تقديري, إن تحقيق المملكة المركز 11 ليس له قيمة حقيقية إذا لم يؤدِ تأسيس المنشآت والشركات إلى خلق وظائف تتناسب وطموحات طالب العمل السعودي. كفاية! لا نريد المراكز العالمية المتقدمة، لكن نريد قطاعاً خاصاً قادراً على خلق وظائف لطالبي العمل السعوديين، وتجديداً وتطوراً في نوعية الوظائف المتاحة، وتطوراً في الشركات التي تعتمد على التقنية للارتقاء بنوعية فرص العمل المتاحة التي تتناسب مع مؤهلات وطموحات طالبي العمل. قضية أخرى مهمة وهي المناداة بالاقتصاد المعرفي، جميل أن نحلم بأن يكون اقتصادنا اقتصاداً معرفياً، لكن من المؤسف أن القطاع الخاص يعتمد بشكل رئيس على عمالة وافدة متدنية التعليم والتدريب، حيث إن من إجمالي عدد العاملين في القطاع الخاص من العمالة الوافدة البالغ نحو 6.3 مليون عامل في عام 2010، لا يستخدم القطاع الخاص إلا نسبة 5.2 في المائة فقط أو نحو 324 ألفا من ذوي التأهيل العلمي من المستوى الجامعي فما فوق، ولا توجد إحصائية عن تفاصيل تأهيل العمالة الوافدة لعام 2011 البالغ عددها نحو 7.8 مليون عامل، لكن لا نعتقد أنه سيختلف عن عام 2010. سوق عمل بمثل هذا الخلل ليس بإمكانه أن يكون اقتصاداً معرفياً. وهذا الحجم المنخفض للعمالة ذات التأهيل العلمي العالي لا يتناسب وحجم القطاع الخاص الذي يمثل نحو 47.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو 417.3 مليار ريال، ولا يتناسب أيضا مع حجم اقتصاد المملكة الذي يمثل نحو 41.7 في المائة من حجم الاقتصاد لدول مجلس التعاون الخليجي، ونحو 20.9 في المائة من اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2011. ختاماً، لدينا المقومات والأدوات والوسائل لأن يكون لدينا اقتصاد معرفي وبيئة صحية تتيح فرصاً وظيفية تتلاءم وطموحات طالبي العمل السعوديين، لكن تنقصنا السياسات المبنية على الرؤية الواضحة. وبالتالي ليت تلك الجهات التي تهتم بهذه التصنيفات العالمية وتصرف عليها الملايين لأجل أن تتحفنا بتحقيق المراكز المتقدمة أن تضع استراتيجيات لرفع وتحسين أدائها!
إنشرها