Author

النظام الإلكتروني في شركة أرامكو.. التطمينات لا تكفي

|
نُسلّم بأن العالم يشهد في هذه الأيام حروبا إلكترونية ضارية، لكن في المقابل فإن الحكومات حتى الشركات والمصارف الكبرى وضعت لنفسها أنظمة عالية التقنية تستطيع أن تمنع الفيروسات التخريبية من اختراق أنظمتها الإلكترونية. ولذلك من الأشياء المثيرة للدهشة والاستغراب وصول فيروسات تخريبية إلى الشبكة الإلكترونية لأكبر شركة بترولية في العالم، بل المؤسف أن الخوف من التخريب ما زال قائما. وإزاء ذلك أدلى المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح الرئيس التنفيذي للشركة بتصريحات صحافية جاء فيها: لقد تمكنا من اتخاذ إجراءات احترازية على الفور لمواجهة هذا الاختراق لشبكتنا الإلكترونية، وقامت أنظمة الحماية وخطط التعامل مع الطوارئ بدور كبير في احتواء هذه التهديدات الإلكترونية والحد من أضرارها. وأضاف المهندس الفالح قائلا: إن ''أرامكو'' ليست الشركة الوحيدة التي تتعرض لمثل هذه الانتهاكات، ولم تكن هذه هي المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي تتعرض فيها الشبكة الإلكترونية للشركة للانتهاكات، ومن جهتنا سنعزز تحصين الشبكة بجميع التقنيات الحديثة لمنع تكرار مثل هذه الاختراقات. كذلك أكد المهندس خالد الفالح أن أعمال التنقيب والاستكشاف والإنتاج والتصدير والتوزيع والمبيعات والأعمال المالية والموارد البشرية وقواعد البيانات الخاصة بها وغير ذلك لم تتوقف للحظة واحدة، بسبب ما حدث، حيث إنها أنظمة داخلية معزولة، وقال الفالح: إننا نود أن نؤكد لعملائنا وشركائنا أن أعمالنا الأساسية للتنقيب عن النفط والغاز والإنتاج والتوزيع مستمرة بكامل موثوقيتها المعتادة، وليس هناك شك حول قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها في جميع أنحاء العالم، ثم أكد الفالح أن الشركة تجري تحقيقات واسعة للوصول إلى الأشخاص الذين يقفون وراء الحادث. لكن في مقابل هذه التطمينات من الرئيس التنفيذي للشركة، فوجئ موظفو الشركة بحجم الأضرار التي لحقت بأجهزتهم الشخصية وضياع مستنداتهم بعد قيام الشركة بتبديل الأقراص الصلبة في أجهزتهم، كما فوجئوا بالفوضى الكبيرة التي خلفها الهجوم الفيروسي الذي أصاب الشبكة الإلكترونية للشركة، وأكدوا أن عدم وجود خطط بديلة وسوء إدارة الأزمات الإلكترونية في الشركة فاقمت المشكلة، كما أن إسناد مشاريع تقنية المعلومات إلى مقاولين من خارج الشركة، ومنح صلاحيات دخول الشبكة لهؤلاء المقاولين أضعفا أنظمة الحماية. وما نود أن نؤكده هو أن وصول الفيروسات التخريبية إلى النظام الإلكتروني لهذه الشركة العالمية يصيبنا بشيء من الذهول والاستغراب، إذ إنه من الطبيعي أن يكون لدى الشركة البترولية العالمية أقوى شبكة صادة ومحطمة لأي فيروس يقترب من الشبكة الإلكترونية لهذه الشركة العالمية العتيدة. وهذا لا يعني أننا نقول: باستحالة وصول الفيروسات التخريبية إلى الشبكة الإلكترونية لشركة أرامكو، لكننا نقول: بضرورة أن تستعد الشركة لمثل هذه الحروب الفايروسية التي لم تعد مستغربة في عالم يموج بالحروب الإلكترونية من كل حدب وصوب. ويبدو من خلال ما حدث (وهو في تقديري حدث جلل) أن خطط المواجهة والمكافحة في الشركة ضعيفة ولا ترقى إلى مستوى أكبر شركة بترولية في العالم! ونذكّر بهذه المناسبة أن مجلس النواب الأمريكي وافق على قانون حماية ومشاركة المعلومات الاستخباراتية الإلكترونية رغم المعارضة من قبل مؤيدي الخصوصية الخائفين من استخدام هذا القانون في انتهاك الخصوصية والتجسس على حريات الأفراد والممتلكات. وفي وقت سابق كشفت صحيفة ''نيويورك تايمز'' أن الولايات المتحدة كانت اللاعب الرئيس في الهجوم الإلكتروني ضد إيران، وذلك ضمن حملة تستهدف تدمير برنامجها النووي، وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي أوباما يهتم شخصيا بتسريع وتيرة استخدام الفيروسات الإلكترونية في الهجوم على برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، وتؤكد الصحيفة أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما اللذان قاما باستخدام فيروس ''س تكسنت'' الذي دمر بعضا من الأنظمة التي تشغل منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران، كما أن الولايات المتحدة استخدمت فيروس ''فليمر'' ضد المنشآت النووية الإيرانية وألحقت بها أضرارا بالغة، ويعتقد المراقبون أن الفيروس ''فليمر'' نجح في سرقة كم هائل من المعلومات السرية عن المفاعل النووي الإيراني. لكن لخطورة المرحلة التي تهدد النظام الإلكتروني العالمي، فإن البنتاجون يعتبر أن أي محاولة تخريبية من دولة معادية للشبكات في الولايات المتحدة تعتبر بمثابة إعلان حرب ضد الولايات المتحدة. لذلك فإن حماية أمن المعلومات ستتزايد في ظل تنامي اعتماد الشركات والمصارف الكبرى على شبكات تكنولوجيا المعلومات. إن تعرض الشركات والمصارف الكبرى لهجمات إلكترونية أمر وارد في كل بقاع العالم، لكن يُفترض في شركة بحجم ''أرامكو'' أن تكون لديها أنظمة متطورة لإدراة الكوارث، كما عبر عن ذلك الموظفون في الشركة الذين قالوا: إن كمية المعلومات التي فقدتها شبكة ''أرامكو'' كبيرة، موضحين أن عدم تأثر عمليات الإنتاج من جراء الهجوم لا يقلل من حجم الضرر، فهناك مشاريع وخطط ومستندات استغرقت ملايين ساعات العمل تم فقدها!
إنشرها