أكاذيب لا يمكن محوها من صفحات «جوجل»

أكاذيب لا يمكن محوها من صفحات «جوجل»

بدلا من أن يحصل على رسوماته الكاريكاتورية الرائعة عند البحث عن اسمه في جوجل، صُدم ''هادي'' بأن النتائج الأولى للبحث في جوجل كانت كلها تتناول ما نشره شخص مجهول اتهمه بأنه يسرق رسوماته من الصحف في كلام مرسل لا سند له. ولأن الناس عادة لا تعبأ بالتفاصيل ولا بالتحقق، ولأن قراءة فضيحة ما هو بالنسبة للكثير أشد إثارة من مشاهدة الرسومات، تحوّل هادي من رسام هاو طموح إلى مجرد سارق في نظر من يفكر بالاطلاع على فنه، ورغم أن جهوده في تفنيد ما نشر عنه أفلحت نوعا ما بالتصحيح لكنه أصيب في سمعته إصابة بالغة أجبرته أن يعيش أزمة ''العيار اللي ما يصيب.. يدوش''، خصوصا أن جوجل يحافظ على نتائج بحثه كما هي كأنه يصر على أن يبلغ الحاضرُ الغائب. وبعيدا عن الأضرار الشخصية فإن نتائج البحث التي تحكمها الأكثر زيارة عادة لا تقاس بميزان الصحة والخطأ، وعادة ما تبقى معلومات مغلوطة في الجوانب الفنية والعلمية والصحية في قمة النتائج إن كانت عناوينها كفيلة بتحقيق الإثارة المطلوبة لاستجداء الزائرين. ويظهر مدى الشرخ الذي تتركه مثل هذه النتائج حين توجه الاتهامات غير الصحيحية لأفراد معلومين أو لعوائل ومناطق معينة وتأثيراتها المتعدية التي بدلا من أن تمس شخصا واحد قد يتحمل الضرر، كفيلة بأن تخلق حالة عداء بين أطراف كبرى في زمن يفيض بحرب الإشاعات ومعارك الإعلام. وقال مختص في عالم التقنية إن إجراء عملية بحث بسيطة على جوجل تكشف الكم الكبير الذي يمكن أن تحصل عليه من الأكاذيب المنتشرة على صفحات الإنترنت، ودلل قائلا: حين تكتب في مربع البحث الخاص بجوجل عن كلمة ''وفاة'' مثلا، يتكفل جوجل بطرح الاقتراحات الملائمة لما هو شائع، المفاجأة أن جميع الأسماء التي سيعرضها محرك البحث هي لأشخاص ما زالوا على قيد الحياة، لكنهم كانوا يوما ما عرضة لأكاذيب لم يستطيعوا محوها بمرور السنوات، وأضاف: إذا استثنينا المشاهير الذين تتاح لهم عادة فرصة للرد على الإشاعات والأكاذيب المنتشرة على صفحات المنتديات أو مواقع التواصل الاجتماعي عبر وسائل الإعلام، فإن عامة الناس وكذا الفئات متوسطة الشهرة عليهم غالبا أن يفندوا ما يشاع عنهم عبر الطرح الشخصي لكن الضرر الذي سيلحق بهم أكبر من قدرتهم على احتوائه. وعلقت امرأة أمريكية من ولاية نيوجرسي الجرس بعد أن تحول مقطع تعليمي شاركت فيه عن فوائد الرضاعة الطبيعية إلى محتوى إباحي بعد أن تم التلاعب به من قبل شخص مجهول، وفي القصة التي أثارت جدلا في وسائل الإعلام الأمريكية قالت الأم إنها وافقت على المشاركة في التسجيل قبل نحو عامين، وبدت في المقطع وهي تتظاهر بأنها ترضع ابنتها وتجيب عن سلسلة من الأسئلة حول الرضاعة الطبيعية على أن يبث المقطع للآباء عبر المراكز التعليمية والشبكات المحلية في الولاية، لكن نقطة التحول الكبرى كانت عندما انتشر الفيديو عبر اليوتيوب ثم قام شخص مجهول بدمجه كجزء من مقاطع إباحية ليجد طريقه إلى آلاف المواقع عبر الإنترنت. وتقول الأم إنها صدمت حيث قامت بالبحث عن اسمها عبر جوجل لتجد اسمها ضمن عدد كبير من المواقع الإباحية، وأضافت: قمت بالتحرك ضد السلطات ورفعت قضية لتعويضي عما لحقني وابنتي وتحدثت إلى الشبكات الإخبارية لمساعدتي في استرداد حقوقي. لكنها عوضا عن هذا وفي سخرية ساهمت بنشر تلك الفضيحة وخلقت حالة من الدعاية غير المقصودة، رفعت نسبة المشاهدات للمقطع المزور المنسوب لها إلى أضعاف، وزادت عدد مرات البحث عنها في جوجل أيضا في إحباط لأي جهود تسعى لدفن الفيديو المنتشر عبر الإنترنت. وأكدت الأم أن محاميها الذي اتخذ إجراءات قانونية لتعويضها عما أصاب سمعتها أكد لها أنه من المستحيل تقريبا تنظيف المحتوى من المواقع الإباحية، لأنها بالطبع لا تلتزم بأي معايير أخلاقية أو قانونية. والطريف أن نشر الأم للقصة الحقيقية لهذا المقطع يمكن الوصول إليه أيضا عبر جوجل لكن المشكلة أن المعايير التي يختارها جوجل في إبرازه لنتائج البحث تعتمد على الأكثر زيارة، وهو في هذه الحالة بالطبع ليس لمحتوى إخباري لسيدة لا تهم أحدا، فلن يذهب أحد للبحث في الصفحات الأخرى من النتائج، فالغالبية العظمى تكتفي بنتائج الصفحة الأولى فقط من البحث. وفي طرافة كتب سامي الذيبان أحد المدونين على الشبكة الاجتماعية ''فيس بوك'' على صفحته: الحق أن جوجل منصف كما كل محركات البحث الأخرى، هو يدلك عما تبحث عنه وليس من مهماته تقنيا على الأقل أن يمحص الحقيقة من الأكاذيب، واستشهد قائلا: لم أكن أدرك أن ما كتبته من مشاركات شعرية غزلية في أحد المنتديات قبل سنوات سيكون سببا لصداع كبير لي، أصاب الفضول زوجتي يوما ما، بحثت عن اسمي، جوجل بكل موضوعية دلها على تلك المنتديات لتكتشف زوجها شاعرا مفعما بالرومانسية، وقال: لا داعي لإخباركم ببقية القصة.
إنشرها

أضف تعليق