Author

انتبه سائق جديد!

|
استغربت كثيراً عندما رأيت سيارة في أحد شوارع مدينة الرياض تحمل لوحة بيضاء مكتوب عليها ''انتبه سائق جديد''. أطرقت قليلاً، ثم قلت لأحد الأصدقاء الذي كان يمشي بجواري في اتجاه أحد المقاهي: اللوحات من هذا النوع ليست مألوفة في الدول العربية، لكنها ذكرتني بأيام الدراسة عندما كنا نرى بين الحين والآخر سيارة تحمل لوحة بالمعنى نفسه كُتب عليها New Driver. فقال دعني أسألك سؤالاً بسيطاً: كم من السائقين سيجتاز اختبار القيادة بأصولها السليمة في الرياض، لو أخضعوا للملاحظة دون علمهم؟ أجبته على الفور: لا أحد، لن ينجح أحد. أقول ذلك من واقع تجربة وليست إجابة متهورة. لقد شاركت في دراسة قامت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بإجرائها حول سلوك قائدي المركبات في مدينة الرياض وسبل تعديله. ومن ضمن إجراءات الدراسة تدريب بعض الباحثين (أو بالأحرى الملاحظين) على منهجية الدراسة، ثم تكليف بعضهم بمرافقة بعض السائقين وتسجيل ملاحظاتهم حول سلوكيات السائقين والأخطاء التي يرتكبونها أثناء قيادة المركبة في شوارع مدينة الرياض، وتكليف بعضهم الآخر لتسجيل ملاحظاتهم حول الأخطاء التي يرتكبها السائقون عند بعض تقاطعات الطرق والإشارات الضوئية، وحسبما أتذكر كانت الملاحظات لافتة للنظر ومثيرة للألم والصداع! يتمتع كثير من السائقين في الرياض خصوصاً والمملكة عموماً بالأنانية المفرطة، فهم يتجاوزون الآخرين ليقفوا أمام طابور السيارات بجوار الإشارة الضوئية. كثيراً ما أحاول التحقق من سائق المركبة وأتمنى أن يكون صغيراً وحديث عهد بقيادة السيارة، لكني أفاجأ في معظم الحالات برجل في منتصف العمر عليه سمات الوقار وأحيانا التدين! سلوك آخر خطر ومزعج يتمثل في اختيار قائد المركبة المسار في أقصى اليمين من أجل تجاوز الحركة المرورية المكتظة، ثم الانعطاف بشكل مفاجئ إلى أقصى اليسار للخروج إلى شارع آخر أو مخرج معين، دون أي اعتبار للآخرين، وكأنه بهذا السلوك المتهور يمتلك الشارع، ولديه الأولوية في استخدامه! إن هذا السلوك مظهر من مظاهر التخلف والأنانية.. أليس كذلك؟! التعامل مع الآخرين بعصبية وقلة أدب والتهكم عليهم لأبسط الأسباب أصبح مألوفاً في معظم الأيام، متناسين ما يرددونه في مجالسهم وأمام أقرانهم: ''القيادة فن وأخلاق''! أليس هذا مظهرا من مظاهر التخلف؟! الوقوف خلف سيارات الآخرين وإجبارهم على الانتظار لحين قدوم السائق بعد احتسائه كوباً من القهوة أو التهامه وجبة غداء أو عشاء في أحد المطاعم أصبح سلوكاً شائعاً، لذلك يضطر البعض للوقوف في وسط الشارع تلافياً لحبس سيارته ومن ثم الانتظار طويلاً! محاولة تعقب سيارات الإسعاف أو سيارات الشرطة أو حتى المرور لتجاوز الآخرين مشهد يخالف الأنظمة في جميع الدول، لكن الأجهزة المسؤولة لا تعيره أي اهتمام. أليس هذا سلوكا يعكس الأنانية والتخلف؟ ما ذكرت آنفاً هو قليل من كثير، يعكس خللاً في القيم والمفاهيم، لكن يبقى السؤال: هل هؤلاء يستحقون رخصة القيادة التي يحملونها في جيوبهم؟! أليس من الأفضل أن تجبرهم إدارة المرور على تعليق لوحات على سياراتهم تقول: ''احترس سائق متهور''؟!
إنشرها