Author

هل من حماية دولية للمشردين السوريين في الداخل؟

|
أدت عمليات القتل اليومية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام البعثي الطائفي الحاكم في سورية برئاسة بشار الأسد إلى فرار أعداد غفيرة من المواطنين السوريين من ديارهم بحثاً عن الأمن. وطبقاً لما تداولته التقارير الإعلامية فإن عدد النازحين السوريين إلى الدول المجاورة بلغ أكثر من 150 ألف لاجئ، يوجد معظهم في تركيا والأردن، حيث بلغ عددهم في تركيا نحو 80 ألف لاجئ، وبلغ عددهم في الأردن نحو 22 ألفا. وإنه إذا استمرت عمليات العنف والقتل والدمار فمن المحتمل أن يصل عدد اللاجئين السوريين في تركيا وحدها إلى 200 ألف. وبلغ عدد المشردين قسرياً داخل سورية أكثر من مليون ونصف المليون مشرد، يعانون أوضاعا معيشية وإنسانية صعبة، وقد يضطرون إلى الفرار من المناطق التي لجأوا إليها بسبب تصاعد واتساع العمليات العسكرية التي قد تصل إلى هذه المناطق. ويحظى اللاجئون السوريون في الدول المجاورة بقدر من الحماية والرعاية من الدول المضيفة وغيرها من الدول والمنظمات الدولية المعنية التي تمدهم بالمساعدات الإنسانية الضرورية، بيد أن الدول المجاورة بدأت تشكو ضعف إمكاناتها، وأنها لم تعد قادرة على تحمل أعباء استيعاب المزيد من اللاجئين السوريين وتطالب المجتمع الدولي بأن يقدم لها المساعدات التي تمكنها من استيعاب الأعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين وتوفير المأوى والمستلزمات المعيشية الضرورية لهم. أما أوضاع المشردين قسرياً داخل سورية فإنها أشد بؤساً، وهم في حاجة ماسة إلى مساعدة دولية عاجلة لتخفيف معاناتهم ودرء مخاطر العمليات العسكرية عنهم. وصرح محمد سرميني، عضو المجلس الوطني السوري لجريدة ''الشرق الأوسط'' بأن المهجرين في الداخل في حاجة إلى دعم شديد ورعاية غذائية وطبية ونفسية، وأن استمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بنتائج كارثية، داعياً منظمات المجتمع الدولي الحقوقية والإنسانية للسعي إلى أن تشمل مساعداتهم مهجري الداخل السوري. وهنا أود أن أشير إلى أن مواثيق القانون الدولي الإنساني مثل اتفاقيات جنيف توجب حماية هؤلاء المشردين قسرياً وتجنيبهم ويلات العمليات العسكرية. كما أن لجنة حقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة اعتمدت عام 1988م المبادئ التوجيهية التي اقترحها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حماية المشردين قسرياً داخل دولهم، حيث عرفت هذه المبادئ هؤلاء المشردين بأنهم (الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين حملوا أو أجبروا على الفرار أو على مغادرة مساكنهم أو أماكن إقامتهم العادية بصفة خاصة بسبب، أو تجنباً لآثار نزاع مسلح أو حالات من العنف الشامل أو انتهاكات حقوق الإنسان أو كوارث طبيعية أو من صنع الإنسان، ولم يعبروا الحدود المعترف بها دولياً للدولة). ومن أهداف هذه المبادئ التوجيهية تقديم المساعدة الإنسانية لهؤلاء المشردين وحمايتهم أثناء التشرد، كما تهدف إلى مكافحة أسباب التشرد القسري. ولا ريب أن هذه المبادئ تنطبق على أوضاع المشردين قسرياً داخل سورية، وأنه ليس من سبيل إلى حماية هؤلاء المشردين، إلا أن يفرض المجتمع الدولي مناطق إنسانية آمنة في أي مكان داخل سورية ويمنع قوات النظام الحاكم من الاعتداء عليها، ويلزم السلطات السورية باحترام قواعد القانون الدولي الإنساني. وأن تسمح بأن تقدم الدول والمنظمات الدولية المعنية المساعدات اللازمة لتوفير المسكن والمأكل والملبس والمستلزمات الطبية لهؤلاء المشردين حتى تضع العمليات الحربية أوزارها ويتمكنوا من العودة إلى ديارهم.
إنشرها